الجمعة 3 مايو 2024

البلاك روك.. شهادة جديدة للاقتصاد المصري

مقالات16-7-2023 | 13:17

يخطئ تقدير البعض الذين يظنون أن الدولة ستغض الطرف عن ما يجرى في الأسواق التي تشهد فوضى لم يسبق  لها مثيل وتتحرك فيها الأسعار بلا منطق وبلا رحمة بعد أن بات يحلو للبعض أن يتربح عبر استخدام فزاعة الدولار حيث ترتفع الأسعار يوميا ولا تعود إلى ما كانت عليه ابدا حتى لو انخفض سعرها عالميا وهو ما يشير إلى تملك شهوة التربح على طغمة لا تكترث لمصالح الناس.

وبات من الواجب أن تتدخل الدولة لضبط الأسعار وإنهاء سوق الدولار الموازية التي أهلكت الحرث والنسل ولا أحد ينكر أن محاولة الدولة  زيادة تدفقات النقد الأجنبي من أكتر من قطاع متواصلة وخي خطوة مهمة على طريق ضبط الأسواق ولعل مؤشرات لانهيار السوق السوداء وزيادة تدفقات الاستثمار وزيارات لعدد من الشركات العالمية العملاقة لمصر في الفترة الأخيرة دليل على أن المستقبل القريب سيكون أفضل وأكثر انضباطا.

فمجرد الحديث عن توافر العملة الأجنبية وصفقات بمليارات الدولارات يدفع المضاربين إلى التراجع خطوات للوراء ولعل حال السوق السوداء للدولار تشهد تراجعا واختفاء للمضاربين وانخفاضا لتنفيذ عمليات بيع وشرا الدولار ليتم تداول العملة الأمريكية حاليا في مستويات تدور حول 35 الى 36 جنيها للدولار.

 كما نلاحظ توجها محمودا للحكومة خلال الفترة الجارية والتي قررت التوقف قليلا عن الحصول على قروض من الخارج وتسعى من خلال برنامج الطروحات على مدار 4 سنين إلى جمع 40 مليار دولار من بيع حصص في شركات مملوكة للدولة بمعدل 10 مليارات دولار كل سنة لتستخدم الحصيلة في  في سداد التزامات مصر الخارجية  وتوفير سيولة دولارية لاستيراد الاحتياجات الأساسية للمصريين وبنجاح ذلك البرنامج سيساعد كثيرا في حل أزمة نقص العملة وبالتالي حصيلة مصر من الدولار لتتكامل الصورة مع  عوائد قناة السويس والسياحة بالوصول الى 100 مليار دولار في السنة.

تعقيد المشهد الحالي ينبع من سهولة التشخيص فأي  نقص في الدولار  يعرض الجنيه لضغوط كبيرة جدا ينتج عنها تراجع لقيمته وهو ما جرى بالفعل خلال  العام والنصف الأخيرحيث فقد الجنيه ما يقرب من 100% من قيمته ما انعكس بشكل مباشر على على سعر كل شئ في بمعنى أن الأسعار تضاعفت في بعض الأحيان ثلاثة أضعاف.

وفي البداية حاولت الدولة مواجهة الأزمة بالاعتماد على الاقتراض من الخارج والحصول على قرض من صندوق النقد لكن تعنت  الصندوق لم يسفر إلا عن صرف الشريحة الأولى من القرض وهي مبلغ ضئيل لتلجأ الدولة إلى  الأصول المملوكة للدولة لتحقيق عدد من الاهداف ومنها جمع سيولة دولارية تساعد في حل أزمة نقص العملة الأجنبية ومنح  الفرصة  للقطاع الخاص للتحرك وبالتالي توفير فرص عمل جديدة وأيضا تغيير حال الشركات الحكومية من وضع التعثر والخسارة إلى حال الإنتاج والازدهار وقد بدأت نتائج هذا المسار في الظهور  حيث جمعت الدولة  أول 2 مليار دولار من خلال بيع عدد محدود من الشركات وينتظر المزيد من خلال التوسع في بيع عدد آخر من الشركات.

إن توارد وتدفق العملة الأجنبية يدفع السوق السوداء للانهيار يوما بعد الآخر حتى تنتهي تمام اسطورة السوق الموازية. 

ولعل زيارة وفد من مسؤولي شركة "البلاك روك " إحدى كبريات الشركات العالمية  لإدارة الأصول والمشروعات بحجم يقدره الاقتصاديون ب10 تريليونات دولار ولا أدري لماذا يتجاهل البعض عمدا تلك الإشارات المتفائلة ويتركون الناس أسرى لحالة تشاؤم عميق فهل سعي شركة بهذا الحجم إلى الاستثمار في مصر يعكس هذه الحالة التي يحلو وللبعض إبقاءنا فيها.

إن تاريخ عمل شركة البلاك روك والتي لا تتحرك بالمناسبة إلى  أي دولة إلا بموافقة الادارة الامريكية يؤكد أن الصورة ليست قاتمة كما يروج لها وأن اقتصاد مصر يمتلئ بالفرص الواعدة  وكلنا نشهد على انخراط شركات عالمية باستثمارات كبيرة في مصر وقررت بناء مصانع لها وأظنها لم تأت لتضيع أموالها في اقتصاد متعثر في طريقه للانهيار كما يروج أهل الشر كسامسونج العالمية وشركات الطاقة الصينية وشركات السيارات الهندية وشركات النقل الإسبانية

وأخيرا شركة البلاك روك الخبيرة في  إنشاء وإدارة شركات التكنولوجيا والأدوية والاستثمار في معظم المشروعات فهي  كيان مالي يصعب حصره من ضخامته ولا يمكن تخيل دخولها إلى مصر دون دراسة كل تفاصيل حال السوق في مصر ومستقبله حيث يمكنها  الاستحواذ على جزء من برنامج الطروحات الحكومية وإنشاء شركات تكنولوجية فيي مصر باعتباره القطاع الواعد في مصر كذلك  مجال صناعة واستخراج الغاز في مصر للمستقبل الواعد لقطاع الطاقة المصري الذي يسير على طريق كونه مركز عالمي في تجارة الغاز بالتحديد كما يمكنها الاستثمار  في مجال السندات المصرية باعتباره قطاعا مربحا وهذه الاستثمارات ستكون بالمليارات وسيحدث ذلك فرقا جوهريا في مواجهة  أزمة الدولار كما سيعمل على تشجيع شركات ومؤسسات مالية كبيرة ومستثمرين على دخول السوق المصرية وساعد على دفع الشركة الأمريكية إلى السوق المصرية هو التنوع الذي أسسته الدولة  خاصة بعد السباق الصيني الهندي الأوروبي للسوق المصرية خاصة  في اقتصادية قناة السويس.

إن البقاء في خانة اللطم والتباكي يعد هدفا للبعض ليستمثره في تمرير أجندته الظلامية شديدة الحنق على المصريين لكن الواقع ليس سيئا كما يروج له على صفحات التجهيل بمواقع التواصل والتي لا تقدم إلا الواقع بتصرف مغرض يتعمد إخفاء بعض جوانب المشهد ليبقى مظلما بائسا يدعو إلى الإحباط وإحداث الصدع المطلوب فليحفظ الله مصر وليهيئ لها من أمرها رشدا.

Dr.Randa
Dr.Radwa