مصر الغارقة في التاريخ وأرض العجائب، تحتفل اليوم بذكرى اكتشاف أحد أملاكها الثمينة الذي سرق منها ولكن لم يسرق منه هويته الحقيقة، فبعد أن كان يدفن حجر رشيد في الأرضي المصرية أصبحنا لا نملك من سوى صورته، حيث بات ضمن معروضات المتحف البريطاني منذ سنة 1802.
الكتلة الحجرية السوداء وسر الحروف الهيروغليفية
كانت مدينة رشيد على موعد مع ظهور أغلى آثارها والذي كان مدفونا بها حتى اكتشف يوم 19 يوليو 1799، عندما كلف أحد الجنود الفرنسيين يدعى بوشار، بتشييد تحصينات دفاعية على ضفة النيل الغربية، وأمر عماله بإزالة أنقاض أساسات إحدى القلاع المصرية القديمة "قايتباي"، واكتشف رجاله كتلة حجرية من الجرانبيت الأسود، يصل ارتفاعها نحو متر، وعرضها 73 سنتيمتر.
كتلة حجرية فطن إليها الفرنسيين في اللحظة الأولى لأهمية هذا الحجر، فكان بمثابة فرصة عظيمة لدراسة الحروف الهيروغليفية، وأصبح لعالم على علم بهذا الكنز الثمين الذي بحوذة علماء الجيش الفرنسي في مصر.
23 عامل من المحاولات لفك رموز حجر رشيد ولم يكتشف كاملا
ويعود حجر رشيد إلى عام 196 قبل الميلاد، وهو مرسوم ملكى صدر فى مدينة منف تخليدا للحاكم بطليموس الخامس، كتبه الكهنة ليقرأه العامة والخاصة من المصريين والطبقة الحاكمة، فجاء نصه بلغتين وثلاثة خطوط: "الهيروغليفي"، اللغة الرسمية فى مصر القديمة، و"الديموطيقي"، الكتابة الشعبية فى مصر القديمة، واليوناني القديم، لغة الطبقة الحاكمة في ذلك الوقت.
ولم يكتشف حجر رشيد مكتملا ولكنه كانت هناك أجزاء مكسورة منه من أعلى ومن الأجناب، وقد انت هناك محاولات لاكتشاف الأجزاء المكسورة والمفقودة من اللوحة الحجرية فى المنطقة المحيطة بمكان اكتشاف اللوحة الأصلية، ولكنها كلها باءت بالفشل، وقد قيل على الاجزاء المكسورة والمفقودة من اللوحة الحجرية.
وتمكن العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبوليون من فك رموز هذا الحجر فى 27 سبتمبر 1822 بعد أن استطاع ربط اللغات ببعضها وخاصة اللغة القبطية التي قد تعلمها من المصريين، بعد 23 عاما من المحاولات.
استسلام جيش وضياع حجر
وما أن التقى الجيشان الفرنسي والإنجليزي في معركة أبى قير البرية، وكان النصر للإنجليز مقابل هزيمة الجيش الفرنسي، الذي كان عليهم أن يقوموا بتسليم كل الآثار التي حصلوا عليها من مصر قبل خروجهم منها والتي من بينها حجر رشيد، وذلك طبقا للمادة 16 من معاهدة الإسكندرية لجلاء الجيش الفرنسي في 30 أغسطس عام 1801، وُضع الحجر منذ ذلك التاريخ في مكانه بالمتحف البريطاني، ينتظر أن يرجع مكانه الحقيقي في الأراضي المصرية.