الإثنين 29 ابريل 2024

حقيقة حرية التعبير فى واقعة حرق المصحف الشريف

مقالات21-7-2023 | 17:38

حرية الرأي من أهم أساسيات بناء مجتمع مدني حر، وهي حجر الزاوية للديمقراطية، كفلها اتفاق دولي، هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر عام 1948.

وجاء في المادة 19 منه "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية".
ولكن حرية الرأي هذه ليست مطلقة وإنما تخضع لضوابط دستورية وقانونية تحد من جرائم العنف أو التشهير وقذف الآخرين أو تعتدي على حرمة الإنسان والمعتقدات والرموز.
هذا ما تؤكده المادة 29 من ذات الإعلان وفيها تأكيد واضح "على كلِّ فرد واجباتٌ إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل. و لا يُخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها، حصرًا، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي. ولا يجوز في أيِّ حال أن تُمارَس هذه الحقوقُ على نحو يناقض مقاصدَ الأمم المتحدة ومبادئها".
من هنا؛ فما جرى من قبل شاب عراقي مسيحي من حرق المصحف الشريف ثم تكرار العملية مرة أخرى مع حرق العلم العراقي أمام السفارة العراقية في مملكة السويد، يعد عملا خارجا على كل الأعراف والقيم الإنسانية ضد الملايين من الناس.
 إن حرق القران الكريم أو أي كتاب سماوي آخر من جريمة بحق البشرية، فهذه الأديان لها قدسيتها حيث تحمل كلام الله سبحانه وتعالى.
لعل هذا الشخص قد أقدم على فعلته الشنيعة كرد فعل حول عمل ما ضده شخصيا، ولكن هذا لا يبرر هذا السلوك غير الطبيعي ضد دين حنيف، ربما قد تكون فعلته الشنيعة هذه بغرض خلق حالة من الفوضى والكراهية بين أبناء العراق، ولكن استنكار هذه الجريمة من قبل الإخوة المسيحيين في العراق خير دليل على ان أي أعمال صبيانية لا تعكر وحدة صفوف العراقيين.
ويرى البعض أن قطع العلاقات مع مملكة السويد لا يحل المشكلة وإنما يزيد عزلة العراق في ظروف بحاجة فيها إلى توطيد وتوثيق العلاقات مع الدول، رغم أن دولة السويد ارتكبت الخطأ مرتين حينما سمحت له بحرق المصحف الشريف والعلم العراقي، رغم أن السويد دولة ديمقراطية تؤمن بحقوق وحرية الإنسان، لكن هكذا أعمال لا تدخل ضمن حرية الرأي لأنها إهانة لمشاعر الملايين من الناس وإهانة لكلام الله سبحانه وتعالى واهانة لدولة عضو في الأمم المتحدة، وما كان على السويد إلا أن تستنكر هذه العملية وترفض تكرارها.
في الماضي القريب كان القرآن الكريم مع المسجد يحرق، وارتكبت العشرات من الاعمال الشوفينية باسم الدين وآيات من الذكر الحكيم ولم ينطق أحد بحرف لإدانته، واليوم نرى أن من استنكروا هذه العملية لم يلتزموا بكلام الله وإنما استهدفوا فقط الظهور الإعلامي. 
إن حرية الرأي هي احترام خصوصيات الآخرين و التركيز على ما هو ضد حقوق الإنسان و ليس العبث بخصوصيات الآخرين.

Dr.Randa
Dr.Radwa