الإثنين 29 ابريل 2024

23 يوليو إلهام لا ينقطع

مقالات23-7-2023 | 13:20

‏يدور الزمان دورته وتمر السنون والأيام ولا يزال المصريون ماضين في مسار كفاح انطلق في يوم  23 يوليو 1952 يوم أن شهدت البلاد ثورة قادها الجيش وباركها الشعب لتبدأ مصر عهدا جديدا أنهى النفوذ البريطاني وقد كان الاحتلال البريطاني لمصر حينها يدخل عامه الـ 70‏  لتؤسس مصر الجمهورية الأولى التي وضعت خارطة طريق قامت على  تأسيس عدالة اجتماعية غابت تمثلت في إعادة توزيع الأراضي، وإنهاء الإقطاع، والحصول على الاستقلال الكامل، وإنشاء جيش قوي بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي خلف الرئيس الراحل محمد نجيب أول رئيس جمهورية عرفتها مصر، وتحول قائد الثورة الشاب إلى رمز عرفه العالم رضي أو لم يرض مناهضا للاستعمار ، ومؤيدا لتقرير المصير ، ورائدا في القومية العربية بل رمز للقومية المصرية.‏

ومنذ اليوم الأول وحتى يومنا هذا تتشابه التحديات والصعوبات اليت واجهها ولا يزال يواجهها المصريون لكن كانت المواجهة لها  ثابتة راسخة وأذل المصريون أعداءهم وبقوا مساندين لقيادتهم مؤمنين بإخلاصها يتشاركون الأفراح والأتراح في سبيل حريتهم وكرامتهم‏.

وبدأت المواجهة مع خونة الداخل وهم أعضاء تنظيم الإخوان الذي قرر مبكرا وللأبد ألا يكون يوما جزءا من نسيج هذا الشعب فواجهته الدولة ولا تزال بدءا من حظرهم رسميا وحل الجماعة في يناير 1954 ‏‏وحتى ثورة 30 يونيو التي قتلت فكرتهم وشيعتها لمثواها الأخير، لكن التنظيم مستمر في خيانته وخسته وتنوعت تلك الخيانة بدءا  من محاولة اغتيال قائد الثورة  خلال خطاب ألقاه في الإسكندرية في ذات عام حلهم وانتهاء برففضهم لإرادة المصريين في الثلاثين من يونيو لكنهم فشلوا سابقا كما سيفشلون مستقبلا في أي يوم يحاولون أن يمارسوا الوصاية على المصريين.‏

واليوم لا تزال مصر تواجه الصعاب في طريق استكمال استقلالها الوطني وانتقل هذا المسار من مقاومة الاحتلال ثم اجتثاث خونة الداخل ومرورا بالصدام العسكري والعدوان كما جرى في عام 56 حين أراد المصريون استعادة قناة السويس بعد أن أوقف الغرب تمويل السد العالي وهو المشروع القومي الذي كان لبنة أساسية في النهضة الزراعية والصناعية خلال حقبة الستينيات.

وما أشبه الليلة بالبارحة فقد انتقلت صور السيطرة الأجنبية من تلك الأساليب القديمة القائمة على الصدام المباشر والصريح  لتتخذ مسارا آخر بعيد عن الاحتلال باستخدام القوة العسكرية وخسائره الباهظة ليستخدم الاقتصاد كسلاح لإخضاع الإرادات وممارسة النفوذ وفرض الإملاءات ومن هنا فمن الواجب أن يكون الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو غير مقتصر على مجرد الشعور بالفخر لنجاح المصريين في تحقيق هذا التحول المهم في مسار الدولة المصرية بل يجب أن تكون مناسبة مهمة لاستعادة تلك المواجهة مع المحتل سواء على جبهات القتال الداخلية والخارجية وأن هؤلاء المحتلين لا يزالون على عهدهم في عرقلة سعي المصريين لتحقيق الاستقلال الكامل وفق أجندة وطنية خالصة وكما أساء هؤلاء المحتلون تقدير عزيمة المصريين وجلدهم يتكرر اليوم ذات الخطأ اليوم معتقدين أن المصريين من الممكن أن يركنوا إلى التخلي عن حلمهم أو التراجع أمام الضغوط وأنهم سيقدمون ما لم يقدموه تحت وقع القصف ونذالة الخيانة.

إن ذكرى الثالث والعشرين من يوليو ستظل منبع إلهام لا ينضب يتزود منه المصريون في طريقهم لبناء الجمهورية الجديدة على ذات المبادئ التي اندلعت لأجلها ثورة 52 وستبقى هي ذات الأهداف هي ذاتها وهنا يجب ألا تثبطنا عقبات أو تهز يقيننا مشكلات ولنتذكر كيف قهرنا طوال 71 عاما تحديات كثر وأن ما بقي من إزالة دنس المحتلين القدامى وأذنابهم اليوم ليس بالكثير فلندع كل المشككين جانبا ولنلق بكل المرجفين بعيدا عن صفوفنا ولتتعلق قلوبنا بخالقها الذي توج كفاح الأجداد بالنصر المبين وهو وحده جل وعلا القادر على تتويج كفاح أحفاد 23 يوليو الذين تترصدهم القلوب المريضة وترجو لهم الفشل لكن هيهات هيهات أن يذل هذا الشعب الصابر الصامد وهيهات هيهات أن يستبيح مستقبله أحد طالما بقينا على قلب رجل واحد متوكلين على الله معتمدين على أنفسنا وساعتها سيأتي مدد السماء الذي لا حدود له ولا تصور لأحد بكيفية إيقافه.

Dr.Randa
Dr.Radwa