قال الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، إن ثورة 23 يوليو محطة مفصلية في تاريخ مصر المعاصر، فهي ثورة عملاقة ومكتملة ونجحت في أن تحقق تغييرا جذريا في أوضاع المجتمع المصري، مؤكدا أن هذه الثورة العظيمة انطلقت بعد نجاح جمال عبد الناصر الضابط الشاب في تكوين تنظيم داخل الجيش المصري، وهو تنظيم الضباط الأحرار، وتبلورت أفكار الضباط الأحرار وحددوا هدفهم في طرد الملك فاروق من مصر، وتحرير مصر من الاستعمار البريطاني.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الثورة نجحت ليلة 23 يوليو ومنحها الشعب المصري تفويضا وقبولا شرعيا، فهو قبول طوعي ثم تفويض وشرعية لأنهم أدركوا أن أبنائهم الضباط الوطنيين سيعملون على تحقيق أحلامهم، مضياف أن أحلام الشعب المصري في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، تركزت في الرغبة في تحقيق الحرية والاستقلال وطرد المستعمر البريطاني من مصر.
وأشار شقرة إلى أن المبدأ الأول من مبادئ ثورة 23 يوليو هو القضاء على الاستعمار، ونجح جمال عبدالناصر في مفاوضات الجلاء مع المفاوض الانجليزي في الحصول منه على نص الجلاء، مؤكدا أن البند الأول من بنود اتفاقية الجلاء وهو موافقة المستعمر على الجلاء من قاعدة قناة السويس، التي كان فيها 80 ألف جندي وضابط بريطاني، ورغم أن بعض الانتقادات وجهت إلى هذه الاتفاقية إلا أن عبدالناصر كان يرى أن نص الجلاء هو أهم نصوها، ثم بعد ذلك سيقذف الاتفاقية في أول سلة مهملات تقابله، ولهذا السبب عندما الوقع العدوان الثلاثي مزق عبد الناصر الاتفاقية وطرد الأجانب من مصر كما هو معروف.
ولفت إلى أن الحلم التاني من أحلام الشعب المصري هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن يكون لمصر جيش وطني قوي، وفعلا نجح عبدالناصر في بناء الجيش الوطني كما نجح في كسر احتكار السلاح وأصبح لدينا جيش وأخذ الأسلحة بصفقة الأسلحة التشيكية سنة 1955، مشيرا إلى أن سياسات عبدالناصر الاجتماعية حققت نهضة اقتصادية عظيمة، وانعكست على الأوضاع الاجتماعية في مصر.
وأكد أن عبد الناصر نجح في بناء 1200 مصنع، وتنفيذ المشروع العظيم مشروع السد العالي واستصلاح الأراضي الزراعية، والتحول إلى الري الدائم، وإضافة مليون فدان للأرض الزراعية، وهي كلها إنجازات عظيمة انعكست على الوضع الاجتماعي، فبدأ حراكا اجتماعيا صاعدا وضيقت الفوارق بين الطبقات وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وشدد على أن الهدف الثاني هو القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، ونجح عبدالناصر بعدما حاول مع الرأسمالية أن تقوم بعمليات استثمار في المشروعات التي لا تدر ربحا سريعا، لكن هذه الرأسمالية انسحبت وقاومت الثورة لذلك اضطر إلى التأميم واتخاذ إجراءات عرفت بالإجراءات والتحولات الاشتراكية في سنة 1961، وتعرض عبدالناصر لثورة مضادة من جماعة الإخوان، وتعرض لتحديات من إسرائيل ومن الغرب الأوروبي ولكنه في النهاية انتصر ونجح في أن يذل إسرائيل في الثلاث سنوات حرب الاستنزاف من 1967 حتى 1970.
وتابع أن ذكرى عبدالناصر رائعة في نفوس المصريين، وأينما نذهب في أي دولة من دول العالم نجد شارع أو ميدان مكتوب باسم جمال عبدالناصر أو تمثال موضوع له، لأنه زعيم كان طاهر اليد ووطني محب ومخلص.