تفاعلت الجماهير الكروية والإعلام الرياضي في المغرب ومصر مع حركة نطحة زيدان في نهائي مونديال 2006.
أتحدث هنا عن صفعة حسين الشحات لاعب الأهلي، التي وقعها على وجه اللاعب المغربي محمد الشيبي لاعب بيراميدز، وأصبحت لها ذيول.
ظن الشحات أنه طوى صفحة الحركة، التي لا جدال في أنها غير رياضية، عندما اعتذر للشيبي. وظن اللاعب المغربي أنه أحسن التصرف لعدم الرد بالمثل، وعندما "قبل" اعتذار الشحات، وذهب إلى حال سبيله.
لكن كل الذي حدث بعد ذلك يؤكد أن الناس تفرقوا شيعا بين مغاربة وصفوا الشيبي بافتقاد النخوة، لأنه لم يدافع عن نفسه، ولم يرد على الصفعة بمثيلتها أو يزيد، وبين مصريين اقتحموا عالم قراءة حركات الشفاه، لينسبوا للشيبي كلامًا مستفزًا، معتقدين أنه يبرر ما فعله الشحات.
في نظري أخطأ من لاموا الشيبي لأنه تحكم في أعصابه، وتعامل باحترام، تاركًا الحكم لمن بيدهم الحل والعقد لتفعيل القانون. كما أخطأ أيضا في نظري من تجندوا للدفاع عن الشحات، في محاولة لقلب الطاولة على الشيبي.
أذكر أن زين الدين زيدان تحدث بعد فعلته محاولًا تبرير النطحة، تحدث عن تلقي شتائم والمس بعرض والدته وأخته، لكن لم يجد ذلك نفعا، وما زالت تلك النطحة تلطخ تاريخه بصفته لاعبا، وتلاحقه بعد الاعتزال وحتى يوم الناس هذا.
كنت وسأظل مدافعًا عن الوحدة العربية، وداعيا إلى بذل مزيد من الجهود لترميم ما يمكن ترميمه وتجديد الوعي، عسى أن يجري الدم بشكل طبيعي في شرايين أمة تثخنها جراح التفرقة.
ما وقع في مباراة الأهلي وبيراميدز أريدَ له ألا يبقى حبيس الجانب الرياضي، وفسح المجال أمام استباق الأحداث، والحديث عن التمييز بين لاعب مغربي وآخر مصري، وذهب آخرون إلى حد الحديث عن ضرورة إيقاف ظاهرة احتراف اللاعبين المغاربة في مصر، و...
لم يقتصر ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أضحت في عالمنا العربي مقهى كبيرا، كل يغني فيه على ليلاه، والكل يفتي بغير علم، وأصبح العالم الافتراضي في مجتمعنا هذا، طبعا دون تعميم، يشبه سلاحًا فتاكا في أيدي المجانين.
الطامة الكبرى هي أن بعض سكان جزيرة الإعلام جرفهم التيار نفسه، وراحوا يصبون الزيت على النار، وهذا زيغ عن المهنة التي تعتبر ضمير الأمة، لكن البعض يريد لها أن تتحول إلى ورم.
في المغرب هناك محاولات لتأجيج النار ووضع البيض كله في سلة الفساد، وانتقاد للسلوك الأرعن، وكأن مصر كلها صفعت المغرب، وفي مصر قد يحدث الأمر نفسه جراء محاولة رمي الكرة في مرمى الشيبي، واتهام الإعلام المصري بالتحيز لابن بلده.
في نظري لو لم يتسامح الشحات والشيبي لكانت حركة التخريب أكثر نشاطًا، وجرى تسميم العلاقات. لكن حركة التصالح كان لها وقع إيجابي.
خلاصة القول؛ التسامح لا يلغي وقوع الحادث، ولا يمكن أن يعفي من أذنب من العقاب. وما حدث لا يبرر إخراج الحادث عن طابعه الرياضي في محاولة لبث التفرقة.
السؤال المعلق هو متى يعي الناس أن ما بين المغرب ومصر أكبر من صفعة الشحات وكل المباريات.
لقد دشنت مباراة في كرة الطاولة العلاقات الصينية الأمريكية، ونحن لم نستوعب بعد أن الرياضة وسيلة للتعارف، ومن بيننا من يريد لنا أن نتيه وراء صفعة الشحات.