شهدت الأيام الماضية اهتماما كبيرا بمسار العلاقات الروسية الإفريقية بمناسبة عقد القمة الروسية الإفريقية الثانية فى أواخر يوليو الجارى (2023) بمدينة سان بطرسبرج الروسية، بمشاركة 49 من قيادات الدول الإفريقية وفى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى ألقى كلمة محورية في افتتاح القمة، تمحورت حول رؤى التعاون والتقارب بين الجانبين الروسي والإفريقي في ظل عالم يموج بالتحولات ويواجه العديد من التحديات.
وعلى هامش تلك القمة، جاءت مشاركتي في إحدى الفعاليات التي عقدت في العاصمة الروسية موسكو قبيل انعقاد القمة، حيث شاركت في المؤتمر الموسع الذى نظمته واحدة من أعرق الجامعات الروسية وهى جامعة الصداقة بين الشعوب، حيث ناقش المؤتمر سبل ومسارات التعاون الروسي الأفريقي بصفة عامة وفي مجالى التعليم والإعلام على وجه الخصوص. وقد شارك فيه عدد كبير من الأساتذة والخبراء والمتخصصين من الجانبين الأفريقي والروسى، وقدموا خلاله جلساته العديد من الرؤى والمقترحات والأفكار الهادفة إلى تعزيز هذا التقارب وترسيخ مجالات التعاون خاصة في المجالين التعليمي والإعلامي، وكانت مداخلتي عن دور الإعلام في تعزيز هذه العلاقة، حيث سلطت الضوء على ما شهده مجال الإعلام من تعاون بين الجانبين ما بعد القمة الأولى التي عقدت في سوتشي عام 2019، وطالبت بضرورة أن يكون هناك تعاون وثيق بينهما في المجال الإعلامي، حيث تعاظم الاهتمام من جانب القنوات الروسية مثل قناة روسيا اليوم ووكالة سبوتنيك بما تشهده من دول القارة الإفريقية من أحداث وتطورات، مع أهمية العمل على التوسع في فتح مكاتب إعلامية متبادلة وخاصة من الجانب الروسي في العديد من دول القارة التي تشهد توسعا للوجود الدبلوماسي الروسي، فضلا عن تبادل الخبرات والمعارف بين العاملين في المجال الإعلامي لدى كل طرف، مع الاستفادة من الأشكال الجديدة لوسائل الإعلام للتفاعل مع التحديات التي يفرضها التطور التكنولوجي والرقمى، وتبرز في هذا المقام أهمية إنشاء منصة إلكترونية روسية إفريقية مشتركة لتبادل الأخبار والمعلومات والآراء.
وغني عن البيان إن ما يجمع الطرفين الروسى الإفريقى من ركائز عدة ومرتكزات عديدة من شأنها أن تسهم في تعزيز تقاربهما وتعاونهما في مختلف المجالات خاصة في ظل المبادرات الروسية التي أطلقها الرئيس فلاديمير بوتين في القمة الأخيرة لدعم الدول الإفريقية سواء بإسقاط جزء كبير من الديون المستحقة أو تقديم مساعدات للمشروعات التنموية أو تقديم معونات غذائية وموارد الطاقة لمواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية المتصاعدة، وهو ما يتفق مع الرؤية المصرية التي عبر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في تلك القمة حيث أكد على حاجة دول القارة إلى الدعم والمساندة من جانب روسيا فيما تواجهه هذه الدول من تحديات ماثلة وأزمات متعددة وتهديدات متنوعة، شريطة التأكيد على استقلالية دول القارة وسيادتها.
نهاية القول إن مبادرة الجامعة الروسية للصداقة بين الشعوب بتنظيم هذا المؤتمر المهم في نسخته الروسية قبيل انعقاد القمة، إنما يمثل خطوة جديرة بأن تبادر الجامعات ومراكز البحوث في الدول الإفريقية بتنظيم مثل هذه المؤتمرات لدراسة مخرجات القمة ونتائجها وكيفية الاستفادة منها ووضع توصياتها موضع التنفيذ، خاصة وأنها تمس الحياة اليومية للمواطن الأفريقي الذى يعانى من أزمات معيشية وحياتية.
___________
* الأمين العام للمنتدى العالمي للدراسات المستقبلية