كتبت- أماني محمد
شدد أساتذة علم اجتماع وخبراء علاقات أسرية، على ضرورة تفعيل الدور الرقابي والتوعية الأسرية والمجتمعية للحد من ظاهرة “الزواج المبكر” تحت سن 18 سنة والذي وصلت نسبته إلى نحو 40%، حسبما أعلن اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، معتبرين أن تلك النسبة ضخمة يجب التدخل للحد منها.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، خلال مشاركته في مؤتمر الإعلان عن تعداد سكان مصر 2017، بمقر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء: "يعني بنت عندها 12 سنة نحلمها مسؤولية زواج وبيت؟، أقول لمجتمعنا انتبهوا لأولادكم وبنتاكم، لأن ذلك يؤلمني ويؤلم أي إنسان عنده ضمير حقيقي واهتمام بأولاده وبناته، تفاجئت إن في منهم أرامل ومطلقات.. قد إيه إحنا قاسيين على أهلنا وولادنا".
ولفت اللواء أبو بكر الجندي، إلى أن نسبة الزواج المبكر للإناث في عمر أقل من 18 سنة 40%، الفتيات أقل من 16 عاما 87% من إجمالي المتزوجات تحت سن 18، وهو ما اعتبره الرئيس عددًا ليس بسيطًا.
إجراءات قانونية ورقابية
الدكتور هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، قالت لـ«الهلال اليوم» إن حديث الرئيس اليوم وإعلان إحصائية عن القاصرات المتزوجات يعيد طرح الأزمة التي تواجهنا من زمان وتنتشر في عدد كبير من القرى الريفية والصعيد وكذلك المناطق الشعبية والأحياء العشوائية، مضيفة أنه بالفعل يوجد قانون لمنع الزواج تحت سن 18 لكن الأمر الواقع يشهد تحايلا عليه.
وأضافت أن هناك أسر تتحايل على القانون من خلال الزواج العرفي أي عقد القران عند مأذون دون تسجيل الزواج إلا بعد أن تتم الفتاة سن الـ18 سنة ليتم التسجيل رسميا أو بطريقة أخرى وهي اللجوء لمكتب الصحة لتسنين الفتاة ومنحها سن أكبر من عمرها الحقيقي دون الاعتماد على شهادة الميلاد.
وطالبت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وتغليظ العقوبة على الزواج دون سن 18 سنة وكذل التركيز على الجانب التوعوي للأهالي وتأثير الزواج في سن صغيرة على الفتاة صحيا ونفسيا وعدم جاهزيتها قبل سن 18 عام لتحمل مسئولية بيت وزوج وأطفال بالإضافة إلى الاهتمام بالتعليم وتنشيط حملات لمواجهة ظاهرة التسرب من التعليم وحساب الأب الذي لا يعلم أبناؤه وخاصة الفتيات.
تعليم وإنتاج
وأشارت على تجربة مدارس الفصل الواحد ونجاحها من قبل في جعل الأطفال منتجين ومتعلمين ما يجعل الأسر توافق على إكمالهم في الدراسة، قائلة إن تلك المدارس كانت تخلق فرص عمل للصغار وتجعلهم ينتجوا في الوقت نفسه الذي يتعلمون فيه ويحصلون على مقابل مادي وتم تنفيذها لفترة لكنها توقفت.
وأوضحت أن مدارس "مبارك كول" كانت قائمة على الفكرة نفسها بتعليم الأطفال دراسيا وكذلك مهنيا بإكسابهم حرفة في إطار الدراسة واستوعبت شريحة كبيرة من الأطفال العاملين وانضمام الفتيات لهذا النوع من المدارس تجلب لهم ولأسرهم الدخل قد تكون خطوة لجعل الآباء وأولياء الأمور يصبرون على الفتيات لكي تكبر.
وأشارت إلى إن الأمر يحتاج إجراءات تساهم فيها الدولة لتصل إلى حل لتلك الظاهرة التي لها تبعات سلبية تؤدي إلى فئات سكانية ضعيفة وغير مؤهلة صحيا ولا اجتماعيا لأنه في الغالب يتبعها كثرة إنجاب وأطفال ضعفاء البنية الجسمانية ومتسربين من التعليم وتوريث نفس المشاكل من جيل إلى جيل ما يرفع معدلات الأمية وأجيال ضعيفة.
تأثيرات سلبية
أما منى أبو شنب، خبيرة العلاقات الأسرية، قالت لـ«الهلال اليوم» إن تلك الظاهرة تؤثر على الفتاة نفسيا ومعنويا وصحيا وزواجها في هذا السن يجعلها لا تستطيع تحمل مسئولية بيت وأسرة وغير مدركة للتعامل مع الأطفال لأنها في الوقت نفسه هي طفلة وهو ما يؤثر على نفسيتها فيما بعد ويسبب لها تأثيرات سلبية تشعر فيها بأنها اختطفت من حياتها ولم تعشها كما يجب.
وطالبت بتطبيق الرقابة على مكاتب الصحة والمآذين نفسهم الذي يكونون خارج الرقابة ولهم أساليبهم في كتابة العقد لفتيات أقل من 18 سنة، مضيفة أن التوعية خطوة ضرورية لأن كثيرا من الأهالي يزوجون فتياتهم بسبب المال فيجب توعية الأهالي في القرى الفقيرة والمحافظات وخاصة في الدلتا مثل المنوفية والدقهلية.
وأشارت إلى أن "الرقابة في هذا الشأن تكون أهم من التوعية فيجب أن تسحب رخصة كل مأذون يثبت كتابته لعقد فتاة أقل من 18 سنة ويمنع بعدها من العمل، كذلك عمل دوريات على مكاتب الصحة وتفعيل آلية لرقابتهم وعقوبة الأب والزوج بتهمة الاعتداء على الطفولة، وكذلك توعية الأمهات لأن الأمر قد يتبعه طلاق في سن مبكر وطفل ليس ذنب في الحياة"