الخميس 23 مايو 2024

للحد من ثورة الذكاء الاصطناعي في الصين.. واشنطن تواصل ضغوطاتها على بكين

الولايات المتحددة

عرب وعالم1-8-2023 | 18:28

دار الهلال

يتعرض قطاع التكنولوجيا في الصين لضغوط شديدة بسبب قيود التصدير الأميركية الشاملة التي تم تطبيقها العام الماضي، بهدف تعطيل طموحات بكين في الصناعات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"

وأشارت الصحيفة إلى أن واردات أشباه الموصلات إلى الصين آخذة في الانخفاض، في وقت تقول الشركات الصينية إنها تكافح من أجل الحصول على المكونات والآلات الرئيسية، وأن سياسة الولايات المتحدة المستمرة منذ 9 أشهر بحرمان بكين من الوصول إلى أشباه الموصلات الأكثر تقدماً والأدوات اللازمة لصنعها بدأت تؤتي ثمارها، على الرغم من الثغرات والحلول التي تحافظ على تدفق بعض المكونات الرئيسية.

وتُظهر القيود أيضاً العقبات التي تواجه الصين في تطوير بدائل محلية لبعض تقنيات أشباه الموصلات الأجنبية الأكثر طلباً، وفق "وول ستريت جورنال"، وفي هذا الصدد، قالت الزميلة المتخصصة في التجارة والتكنولوجيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إميلي بنسون: "يبدو أن هذه الضوابط تجعل من الصعب والأكثر تكلفة على الصين الحصول على مكونات معينة".

وسلّطت بيانات الجمارك الصادرة عن بكين في، يوليو الماضي، الضوء على واقع المشترين الصينيين للرقائق الفائقة، إذ انخفضت واردات أشباه الموصلات بنسبة 22% من حيث القيمة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2023 مقارنة بالعام الماضي، وانخفضت واردات معدات تصنيع الرقائق بنسبة 23%، لتواصل انخفاضها منذ العام الماضي، وكان لمناطق تصنيع الرقائق الرائدة نصيب الأسد من الانخفاض في واردات أشباه الموصلات.

وتشكل تايوان، وهي موطن أكبر شركة لتصنيع أشباه الموصلات والرقائق في العالم، حوالي 40% من الانخفاض في واردات الصين من الرقائق خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، بينما تشكل كوريا الجنوبية، وهي موطن شركتي "سامسونج" و"إس كيه هاينكس" وغيرهما من عمالقة الرقائق، ما يقرب من الثلث. وتؤثر القيود الأمريكية على الشركات الأجنبية التي تستخدم أدوات صناعة الرقائق الأمريكية.

ومن المحتمل أن تكون هناك عوامل أخرى تلعب دوراً في تراجع واردات أشباه الموصلات، ويتباطأ الاقتصاد الصيني وسط ضعف الطلب العالمي. كما استثمرت بكين بكثافة في صناعات التكنولوجيا المحلية في محاولة لزيادة الاعتماد على الذات، على الرغم من أن ذلك سيستغرق وقتاً حتى يؤتي ثماره.

وفي غضون ذلك، تفتقر الصين إلى القدرة على صنع الرقائق الأكثر تقدماً، في ظل وجود عناصر رئيسية في سلسلة التوريد الخاصة بها تسيطر عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وفرضت اليابان في 23 يوليو الماضي، قيوداً على تصدير معدات تصنيع أشباه الموصلات الحيوية، بعد القيود التي أعلنتها هولندا. ويُعد هذان البلدان، بجانب الولايات المتحدة المصنعين الوحيدين لبعض الآلات الضرورية لتصنيع الرقائق الأكثر تقدماً.

وأصدرت شركة تابعة لشركة "Inspur" ومقرها هونج كونج، وهي أكبر صانع للخوادم المستخدمة في الصين لتطوير الذكاء الاصطناعي، الشهر الماضي، تحذيراً للمستثمرين أشارت فيه إلى نقص في خدماتها.

وقالت الشركة إنها تكافح من أجل الحصول على رقائق ضرورية لتشغيل خوادم الذكاء الاصطناعي، وهي الآلات القوية المستخدمة في المختبرات وشركات التكنولوجيا لتطوير ذكاء اصطناعي متقدم، لافتة إلى أنها ربما تتلقى ضربة بنسبة 30% من إيراداتها في النصف الأول من العام نتيجة لذلك.

ونظراً لعدم قدرتهم على الوصول إلى أحدث الرقائق، فإن المتنافسين الصينيين في مجال الذكاء الاصطناعي يُخاطرون بالتخلف عن الركب في قطاع قالت بكين إنها تهدف إلى قيادة العالم فيه بحلول عام 2030، وفقاً للصحيفة.

وتوقعت شركة "يو.بي.إس" للخدمات المالية والمصرفية أن يصل الطلب العالمي على منتجات الذكاء الاصطناعي إلى 300 مليار دولار بحلول 2027، مقابل 28 مليار دولار، العام الماضي، وفي الوقت نفسه، يضخ عمالقة التكنولوجيا الأميركيين بما في ذلك "مايكروسوفت" و"جوجل" و"أمازون" المليارات في منصات الذكاء الاصطناعي دون عوائق.

وتواجه الشركات الصينية الأخرى تحديات في الحصول على قطع الغيار، وفي أواخر الشهر الماضي، حضت شركة "يانجتسي ميموري تكنولوجيز"، الشركة الصينية الرائدة في صناعة رقائق الذاكرة، الموردين على إظهار "النزاهة" وتسليم قطع غيار الآلات التي اشترتها بالفعل.

وقال نانشيانج تشن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بالنيابة للشركة، وهي من بين الشركات التي استشهدت بها الولايات المتحدة والتي لا يُمكنها تلقي صادرات من أميركا أو حلفائها "لا يُمكننا الحصول على المكونات التي اشتريناها بشكل قانوني".

وأشارت شركة صينية كبرى لصناعة الأدوات خلال حدث صناعي في شنغهاي إلى أنه بات يتعين عليها الآن تقديم طلب للحصول على تراخيص من خلال مورديها الأميركيين للحصول على مكونات معينة، وأنه يمكن أن تستغرق إجراءات طلب الترخيص شهوراً، وليس هناك ما يضمن استلام المكونات في النهاية، حسبما قال موظف في شركة تصنيع الأدوات الصينية.

وتضمنت قواعد التصدير الأميركية التي تم الإعلان عنها في 7 أكتوبر الماضي، قيوداً على قوة بعض المعالجات المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وفي أجهزة الكمبيوتر العملاقة، بالإضافة إلى قيود على أنواع آلات صناعة الرقائق والمكونات والبرامج التي يمكن للصين استيرادها.

وفي حين أن بيع الرقائق والأدوات المتطورة للمشترين الصينيين قد لا يكون خياراً بعد الآن، فإن بعض الشركات الغربية تستفيد من مراكمة الصين المتسارعة لقدرة تصنيع الرقائق المحلية.

وسجلت شركة "ASML" الهولندية المصنعة لآلات الطباعة الحجرية التي تعتبر ضرورية لصناعة الرقائق، زيادة بنسبة 27% في إيرادات الربع الثاني، مدفوعة جزئياً بالمبيعات إلى الصين، ثالث أكبر سوق لها خلال هذه الفترة.

وقال الرئيس التنفيذي بيتر وينينك إن طلب الصين على آلات أقل تطوراً لا تتأثر بالعقوبات سيكون أمراً "مستداماً للغاية خلال العامين المقبلين"، لأن الشركات الصينية تستثمر في مصانع جديدة لتقليل الاعتماد على الرقائق المستوردة.

وعدل اثنان على الأقل من عمالقة الرقائق الأميركية المواصفات على المنتجات لتلبية قواعد مراقبة الصادرات. وأصدرت شركة "إنفيديا" العام الماضي شريحة للسوق الصينية تسمى "A800"، وهي نسخة مخفضة من شريحة الذكاء الاصطناعي المتطورة، وتبع ذلك شريحة أخرى تركز على الصين تسمى "H800".

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قال المسؤولون التنفيذيون في "إنتل" إن الشركة ستصدر نسخة معدلة من شريحة "Gaudi2" للذكاء الاصطناعي للسوق الصينية، وذكرت "إنتل" أنها ستتواصل مع "إنسبور" لتقديم الشريحة.

ورغم الرقائق الجديدة، إلا أن هاندل جونز الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات "إنترناشيونال بيزنس ستراتيجيز"، قال إن "(إنسبور) تواجه مشكلات كبيرة على ما يبدو في الحصول على معالجات متطورة من صانعي الرقائق بما في ذلك (إنتل) و(إيه إم دي) و(نفيديا)"، واصفاً شريحة "إنتل" الجديدة بأنها "خطوة صغيرة" يمكن أن تستدعي ضغوطاً من واشنطن، وبعد العمل لسنوات للحاق بالتكنولوجيا الأميركية، طورت الصين شريحة يمكنها منافسة "A100" القوية من "إنيفيديا".

وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن فرض المزيد من القيود، بما في ذلك تشديد الصادرات إلى الصين من الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت إميلي بنسون: "يبقى أن نرى ما إذا كانت الضوابط لا تزال ناجحة أو ما إذا كانت تسرع عن غير قصد جهود التوطين الصينية"، وفي 3 يوليو الماضي، قالت الصين إنها ستقيد صادرات "الجاليوم" المستخدم في بعض أشباه الموصلات المتقدمة.

وفي الآونة الأخيرة، هدّد سفير الصين لدى الولايات المتحدة، شيه فنج، بمزيد من الإجراءات الانتقامية، قائلاً إن بكين "لن تتوانى عن أي استفزاز".