نظَّم مهرجان القومي للمسرح المصري برئاسة الفنان محمد رياض، ضمن فعاليات وبرنامج المحور الفكري، ندوة بعنوان "التوثيق والسيرة الذاتية " بالمجلس الأعلى للثقافة، وشارك في الندوة الفنان حلمي فوده الذي كلف بإلقاء وقراءة بحث الناقد والكاتب الكبير الراحل محمد أبو العلا السلاموني الذي كتبه قبل الرحيل وكان مقررًا تقديمه في الندوة، كما شاركت الناقدة الدكتورة وفاء كمالو بدراسة أخرى، وأدار الجلسة الدكتور عمرو دوارة رئيس لجنة الندوات والمحاور الفكرية
.
وفي بداية اللقاء بالندوة طالب الدكتور عمرو دوارة كل الحضور قبل بالوقوف دقيقة حداد علي روح الكاتب الكبير الراحل محمد أبو العلا السلاموني، ثم استهل دوارة حديثه حول دور الكاتب محمد أبو العلا السلاموني الذي كرس حياته لخدمة المسرح وقضاياه، مؤكدًا على أهمية الدراسات المُقدمة التي ترتكز على منهجا علميا وتوضح العديد من الفروقات حول ميتافيزيقا التمثيل عبر التاريخ المصري، وكذلك الفرق بين السيرة الذاتية ومفاهيم التراجم.
وتحدث الفنان حلمي فوده عن العلاقة التي جمعته بالسلاموني منذ سنوات عايش خلالها كونه شهيد الكلمة والمبدأ، ثم قرأ دراسة السلاموني التي حملت عنوان "ميتافيزيقا التمثيل في تراثنا المسرحي" التي كانت مقدمتها: علينا أن نعترف بأن هناك مفارقات غريبة حدثت في تراثنا الثقافي عبر التاريخ فيما يتعلق بمعضلة فن المسرح بشكل عام وفن التمثيل بشكل خاص على الرغم من أن الثقافة العربية استطاعت استيعاب ثقافة الحضارات المجاورة لها مثل الحضارات اليونانية والرومانية والفارسية والهندية - وربما الصينية - وأضافت إليها العديد من ابتكاراتها في مجالات الفلسفة والطب، علم الفلك والكيمياء والفيزياء والميتافيزيقا والرياضيات وغيرها، كان للأسف غير قادر على فَهم استيعاب فن المسرح، وظاهرة التمثيل وأداء الممثل والمحاكاة، على الرغم من أن تراث الفكر اليوناني والفلسفة والعِلم كان مفهومًا بالكامل من قبل اللاما والحكماء والفلاسفة العرب، إلا أنهم جميعا لم يفهموا أحدا من هذا، وهو كتاب "فن الشعر" لأرسطو ، والذي يعتبر قطرة في بحر التراث الإغريقي.
بينما حملت دراسة الدكتورة وفاء كمالو عنوان "إسهامات الممثل بين السيرة الذاتية والتراجم" والتي قرأت مقدمتها قائلة: في حضرة المسرح، يصبح البوح وصلا وجموحا ومساءلة. الإبداع يعانق الحياة ويشاغب الأحلام، فتتحول الغيوم إلى مطر، ويصبح العشق زلزلة، والجمال بعثا وقبضا على جمرات الروح والجسد.
نحن نعيش الآن حياة تشبه إعصار النار. الواقع هو أكثر وحشية من الخيال لمواجهتنا بتهميش المعنى والقيم، إنها مأساة السقوط العبثي الذي يفرض علينا ضرورة التمرد والعصيان والتغلب على الهزائم والانكسارات بحثًا عن الذات وامتلاك الكيان، وفي هذا السياق الفن يجب أن يتجاوز أزمة غياب العقل النقدي وموت الوعي، وامتلاك حرارة وجوده وأهمية خطاباته، وإدراك طبيعة دوره في هذه اللحظات الفارقة بعيدًا عن الأقنعة، وعن اللحظات المخزية التي تبيع المعنى وتغتصب الفكر، لتأكيد أن القيمة الإنسانية لم تعد لها أهمية، نحن نعيش في ثقافة الجهل والتخلف. لم يحاسب الناس الظلم على رفضه، ولم يدركوا أن الفقراء الجاهلين ليس لهم اسم ولا عنوان، وليس لديهم تاريخ في التاريخ.
إن فلسفة المسرح تتلخص ببساطة في أنها وعي وحرية، وهي ممارسة فعلية للرفض والقبول والديمقراطية، فهو الفن الذي نري فيه أعماقنا، نضحك معه وليس عليه، لندرك أن الواقع يمكن تغييره وليس تفسيره.
وتابعت: وأريد أن اختتم بأن المهرجان القومي للمسرح المصري هو تيارات الوعي والثورة والوهج، وهو الحراك الثقافي العارم بحثا عن الحضور والاكتمال، ومن المؤكد أن التوثيق العلمي الموضوعي لتاريخ الفن هو امتلاك للوعي واحتفال بشخصية مصر.