كتب : محمد عبدالعال
تأتى الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة ٢٠٣٠ مواكبة لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر ٢٠٣٠ ، لتؤكد من خلال كافة محاورها على مدى اهتمام القيادة السياسية بإعلاء شأن المرأة المصرية والحفاظ على كافة حقوقها ومكتسباتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، فى رحلتنا التالية نستعرض أبرز محاورها وأهدافها، وكيف تراها المرأة المصرية كمكتسب يضيف إلى مكتسباتها بعدا جديدا، كما نتطرق لما يمكن أن يعود عليها بالفائدة من خلال ما تقدمه لها من ميزات خاصة بعد أن أعلن سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى اعتمادها كوثيقة عمل للأعوام المقبلة.
يعد التمكين السياسي أول محاور الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة ٢٠٣٠ ، ويشمل هذا المحور تعزيز الدور القيادى للمرأة من خلال تحفيز مشاركتها السياسية بمختلف الأشكال على المستوى المحلى والإقليمى وتقلدها المناصب القيادية دون تميز، وقد حدد القائمون على الاستراتيجية لهذا المحور أهداف يتحقق من خلالها تمكين المرأة على المستوى السياسيرعام 2030، وهى:- البرلمان والمجالس المحلية، وتهدف الاستراتيجية فى هذا الصدد لارتفاع نسبة مشاركة المرأة فى الانتخابات من 45 % إلى 50 % وزيادة مقاعدها فى البرلمان من 15 % إلى 35 %، مع رفع نسبة تمثيل الإناث بالمجالس المحلية من 25 % إلى 35 % ، أما بالنسبة للهيئات القضائية فتبلغ نسبة تمثيل المرأة بتلك الهيئات والمناصب القيادية %0.5 ، وتهدف الاستراتيجية للوصول بتلك النسبة إلى 25 %، وعن المناصب العامة والتى لا تتعدى نسبة الإناث بها %5 ، فمن المقرر وصولها إلى 15 %، إلى جانب رفع معدل تولى المرأة للمناصب الإدارية العليا على مستوى الوزارات والقطاعات.
عن هذا تقول د. هدى زكريا، عضو المجلس الأعلى للإعلام: لا شك أن المرأة المصرية ستتخطى النسب المستهدفة للتمكين السياسي عام 2030، فبالنظر إلى عدد المتعلمات والمتفوقات من الإناث يتضح أن تلك النسبة ستتحقق، خاصة أن التأهل للمناصب القيادية والدورات ليست عائقا للكثيرات، لكن الحاجز الذى يقف أمام تقدم المرأة هو تفضيل الرجل بسبب الأعباء الاجتماعية الأخرى التى تتحملها المرأة كتربية الأولاد والأعمال المنزلية، لكن مع تذليل تلك العقبات من جانب الدولة والمجلس القومى للمرأة تكتسب المرأة المكانة التى تستحقها فى المناصب والأدوار السياسية، حيث تلتزم الدولة بتذليل تلك العقبات وفقا لمواد الدستور، كإنشاء «حضانة » داخل مؤسسات العمل، لافتة إلى أن المرأة تمارس نشاطها السياسي منذ عام 1919 إلا أن المجتمع يتغافل عن ذلك الدور بعد نجاح الثورات والاستحقاقات السياسية، ويكتفى بإعطائها بعض الحقوق.
التمكين الاقتصادى
ويهدف هذا المحور إلى تنمية مهارات العمل لدى المرأة وزيادة مشاركتها كقوة فعالة فى العمل بجانب الرجل فى كافة القطاعات، وقد نصت الاستراتيجية على عدد من المؤشرات المستهدفة لتمكين المرأة اقتصاديا بحلول عام 2030 منها انخفاض نسبة المرأة المعيلة تحت خط الفقر من 26.3 % إلى 9% ، وارتفاع نسبة مشاركة الإناث فى العمل من 24% إلى 35%، إلى جانب انخفاض نسبة البطالة بين الإناث إلى 16% بدلا من 24%، ورفع نسبة المرأة فى الوظائف المهنية من 38.5 % إلى 48%، بالإضافة إلى وصول نسبة المشروعات الصغيرة الموجهة للمرأة إلى 50 % بدلا من 22.5 %، وأخيرا مضاعفة نسبة النساء اللائى لديهن حساب بنكى إلى 18% بدلا من 9 %. ولتحقيق تلك النسب مع حلول عام 2030 وضعت الاستراتيجية مجموعة من الخطوات تتمثل فى تنوع الأنشطة الاقتصادية لكل محافظة، فبجانب النشاط الزراعى تتواجد الصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر، مع تطبيق نظام الشباك الواحد للمرأة المستثمرة، وتفعيل السياسات والإجراءات التى تشجع النساء على إقامة مشروعات خاصة التوسع فى إنشاء التعاونيات الاقتصادية الموجهة من قبل الدولة للمرأة، مع تيسير الخدمات المصرفية للمرأة وتطويرها.
كما نصت الاستراتيجية على ضرورة ضمان حقوق المرأة العاملة وتقديم الخدمات المساندة لها لضمان المساواة بينها والرجال، وتفعيل القوانين التي تحميها وتضمن حقوقها فيما يتعلق بساعات العمل والإجازات، والمساواة مع الرجال في الأجر لا سيما في القطاع الخاص، واتخاذ التدابير لضمان التزام سياسات وأنظمة الموارد البشرية، والسعي لتحقيق المساواة بين الجنسين فى كافة علاقات العمل بما في ذلك التوظيف والتدريب والترقية والأجور والحصول على المنافع وإنهاء الخدمة، بالإضافة إلى أنها حددت عدد من القوانين والإجراءات التي تساعد المرأة في الحفاظ على حقوقها في قطاع العمل غير الرسمي.
ثقافة مجتمعية
عن هذا يقول د. صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر: أسست الثقافة المصرية القديمة مبدأ "المرأة دائما تأتى خلف الرجل"، ففى الأسرة نجد أن للولد الأولوية فى التعليم والعمل قبل الفتاة، كما أن بعض العادات خاصة فى صعيد مصر تحرم الإناث من ميراثها ويذهب لغير مستحقيه من زوج الأخت أو الابنة، وقد انتقلت تلك العادات إلى أصحاب الأعمال والقطاع الحكومى لنجد صاحب العمل الخاص لا يرغب فى توظيف امرأة بحجة انشغالها بتربية أبنائها وإجازات الوضع والرضاعة التى كفلها الدستور والقانون.
ورحب فهمى ببنود الاستراتيجية خاصة المعنية بتنوع الأنشطة الاقتصادية بالمحافظات وخلق فرص عمل جديدة يكون للمرأة نصيب فيها، داعيا الدولة إلى وضع مشروع قانون يلزم أصحاب الأعمال الخاصة بتعيين نسبة من الإناث ولتصل لـ 20% من قوة العمل، لافتا إلى أن معظم دول العالم تعتمد على المرأة فى الأعمال التى يعتبرها المصريون حجرا على الرجال، ففى كندا تعمل المرأة سائقة مترو.
التمكين الاجتماعى
أما عن هذا المحور فيهدف إلى تهيئة الفرصة لمشاركة مجتمعية أكبر للمرأة، ومنع الممارسات التى تكرس للتمييز ضدها مع المساندة القانونية لها، وتنظيم الأسرة بجانب دعم الفئات الخاصة، وللجانب الاجتماعى بعض المؤشرات التى من خلالها يمكن قياس أثر التطبيق عام 2030، منها: القضاء على الأمية بين الإناث من 20 سن إلى 29 سنة والتى تبلغ نسبتها 12%، وخفض معدل الإنجاب من 3.5 طفل لكل سيدة إلى 2.4 طفل لكل سيدة، إلى جانب زيادة نسبة من حرصن على متابعة الحمل من 82 % إلى 92%، والحد من عمليات الولادة القيصرية التى تبلغ 52%، وتقليل نسبة وفاة الأمهات من 52 لكل 100 ألف مولود إلى 26، وزيادة عدد دور المسنين إلى1400 بدلا من 171.
وحول الخطوات التى وضعتها الاستراتيجية لتحقيق تلك النسب تقول د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع: ترتبط محاور الاستراتيجية ببعضها، فالجانب السياسي أو الاقتصادى هما جزء لا يتجزأ من المحور الاجتماعى، حيث يتطلب تمكين المرأة اجتماعيا العمل على تعديل نظام التعليم باعتباره الضمانة الوحيدة لتغيير ثقافة المجتمع نحو المرأة وتوعيتها بحقوقها وواجباتها، لذا أطالب بضرورة التركيز على النساء الأقل تعليما والأكثر فقرا فى حملات تنظيم الأسرة للتوعية بخطورة ارتفاع معدلات الإنجاب بينهن، مع ضرورة تحديد آليات أكثر دقة للتعامل مع المسنات من جانب الأسرة والمجتمع لضمان حقوقهن.
الحماية التشريعية
يسعى هذا المحور إلى القضاء على الظواهر السلبية التى من شأنها تهديد سلامة المرأة وكرامتها وتعريض حياتها للخطر، والتى تحول بينها والمشاركة الفعالة فى كافة المجالات وذلك من خلال حمايتها من الأخطار البيئية التى تؤثر بالسلب عليها من الناحية الاجتماعية أو السياسية والاقتصادية، وقد استهدفت الاستراتيجية خفض نسبة الإناث اللائى تزوجن مبكرا - من سن 20 إلى 29 سنة - من 18% إلى 1% بحلول عام 2030، والقضاء على ظاهرتى التحرش والعنف الجسدى الذى تتعرض له المرأة من قبل زوجها، وكذا العنف الجنسى، إلى جانب الوصول إلى تقليل نسبة الفتيات - أقل من 19 سنة المتوقع ختانهن- من 56% إلى 10%. وكان لتحقيق الحماية للمرأة فى الاستراتيجية عدد من الوسائل منها انتشار الشرطة النسائية بصورة أوسع فى أماكن التجمعات للقضاء على ظاهرة التحرش، وتوعية النساء باستخدام حقها القانونى حال تعرضهن للتحرش، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على وسائل المواصلات، وتطوير محاكم الأسرة لتتناسب مع احتياجات المرأة خاصة ذات الاحتياجات الخاصة، إلى جانب تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يحفظ حقوق المرأة ويضمن المصلحة الفضلى للأسرة، هذا بالإضافة إلى التوسع في إنشاء مكاتب المساعدة القانونية للمرأة الملحقة بمحاكم الأسرة لضمان مساندة فعالة لحصول المرأة والأسرة على حقوق ما بعد الطلاق.
وتعلق د. نسرين حسام الدين، عضو اللجنة التنفيذية لمتابعة مكافحة العنف ضد المرأة على هذا المحور قائلة: تعد وحدات العنف ضد المرأة فى الجامعات المصرية النواة الأولى لانتشار ثقافة الحماية، موضحة أن تغليظ عقوبة المتحرش وأحكام المراقبة على النقل والمواصلات من أهم النقاط التى جاءت بالاستراتيجية وتلقى استحسانا من العاملين فى مجال مكافحة العنف ضد المرأة، مشيدة بما تضمنته الاستراتيجية من تشجيع للمرأة التى تعرضت للتحرش لأخذ حقها القانونى، لافتة إلى أن ثقافة المجتمع في الصعيد تجعل من الفتاة المجنى عليها جانية.
كلمة شكر
وعن تقييمها للدور الذى يمكن أن تقوم به الاستراتيجية ككل لدعم المرأة، أعربت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى عن سعادتها بالاستراتيجة وما تضمنته من محاور، قائلة: لا شك أننا لابد وأن نتوجه بالشكر لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعمه المستمر للمرأة المصرية، حيث اعتدنا منه منذ توليه الرئاسة الحرص على تمكين المرأة التي أكد أنها ليست نصف المجتمع بل هى المجتمع كله، مضيفة: أن الاستراتيجية لم تكن لتظهر للنور لو لم يكن على رأس الدولة قيادة حكيمة تدعم المرأة وتثق بقدرتها فى تولى المناصب القيادية فى الجهات المختلفة بالدولة، لافتة إلى أن دعم الرئيس للمرأة المصرية ظهر خلال الفترة الماضية فى عدة قرارات مهمة رفعت من شأنها وجعلتها في الصفوف الأولى، كإعلانه عام ٢٠١٧ عاما للمرأة المصرية واعتماده استراتيجية تمكين المرأة 2030 وثيقة عمل للأعوام المقبلة وتوجيه كافة أجهزة الدولة لتقديم الدعم اللازم لتحقيق اهدافها.