في مثل هذا اليوم، ولد الشاعر الكبير أحمد رامي، الملقب بـ شاعر الشباب، فهو الشاعر المغرم دائمًا، رقيق المشاعر، كما وصفته أم كلثوم: بأنه مزيج روحي من المشاعر الملهمة، والثورة المكبوتة بعمق، والهدوء والتفاني، وكان لها النصيب الأكبر من أشعاره حيث غنت له أكثر من 110 قصيدة.
كانت حياة أحمد رامي مليئة بالحب، وأشعاره تنبض بروح الشباب، الشباب الذي أحب قصائده وكانت تلقى قبولا شديدا في قلوبهم، وكانوا يتغنون بها، وخاصةً أغنية «عودت عيني على رؤياك»، و«رق الحبيب»، حياة ناجحة على المستوى الأدبي والفني عاشها الشاعر المغرم، ولكن هل هذا قد يعطي السعادة لأحمد رامي؟
أجرت مجلة الهلال، حوارًا نادرًا، مع الشاعر أحمد رامي، ونُشر في عددها بتاريخ 1 يناير عام 1954، حيث أرسلت «الهلال» مندوبًا عنها، وألقى على الشاعر أحمد رامي هذه الأسئلة عن السعادة في حياته:
*هل تشعر بالسعادة في حياتك؟
**لم أشعر في حياتي يومًا بأني لست سعيدا – لأني رجل بعيد عن الأطماع، ونواحي طموحي في حدود معقولة.. ففي حياتي جميعها كنت أسعى إلى النجاح، ولكن خطوة خطوة.. وأن إيماني بالله ورضائي بكل ما قسم لي سبب آخر من أسباب سعادتي.
*ما هي أسباب السعادة في رأيك؟
**الأسباب التي توفر السعادة في رأيي كثيرة، فمثلا الفنان تسعده نواحي الجمال في الوجود، فالمنظر الجميل والفكرة الصائبة والنغم الحلو واللقاء السعيد، كلها بواعث للسعادة في نفسي.. كما أنني أرى في إسعاد غيري – ولو من طريق المواساة والمشاركة الوجدانية والرفق – ما يبعث السعادة إلى نفسي، فليس أحب إلى قلبي من أن أرى مظاهر السعادة على وجوه الآخرين.
وأسباب السعادة تختلف باختلاف الأفراد، فما يسعد الفنان غير ما يسعد رجل الأعمال أو رجل مجتمع، ولكني أعتقد أن القناعة والتسامح من أسباب السعادة، وإن كنت أرى ألا تصل القناعة بالإنسان إلى درجة الخمول، والتسامح إلى درجة إهدار الحقوق.
*هل عشت مع السعداء في قصصك؟
**القصصي إما مبتكر، وإما مقتبس من الواقع ومصور له، وهو في كل ذلك يصور بقلمه أحاسيسه وآراءه.. فهو لابد أن يندمج ويعيش في الجو الذي يكتب عنه ويصوره.. ولا يمكن أن يوجد خلق من غير اندماج.. فهو يشقى مع الأشقياء من أبطال قصصه ويسعد مع السعداء.
وأذكر على سبيل المثال قصيدتي الإثنتين «غرام الشعراء»، و«الخيام»، فقد كنت أعيش في جميع أطوار قصصي وحياة أفرادهم.. ففي رباعية الخيام كنت أعيش في جو الخيام وأحس بإحساسه، بل أنني أحببت الرجل من كتاباته وانتقلت من عصري إلى عصره في أواخر العباسيين، عصر القصور والجواري والمؤامرات.. كنت أتألم له إذا تألم وأسعد معه إذا سعد، وهكذا يعيش القصصي المطبوع في جو قصصه ويحيا حياة أفرادها.
*هل شعرت بشقاء الأشقياء فيما تناولته في حياتهم؟
**إن الحزن يحرك النفوس أكثر من السرور.. والقصصي يحاول دائمًا أن يستثير عواطف الجماهير ليجعلها تعيش في جو قصصه وتؤمن بها، لذلك فهو ينحو ناحية الحزن ليحرك نفوس قرائه.. وتصوير الإنسان للحزن أقوى من تصويره للسعادة، لذلك فالقصصي يحاول أن يصور هذه الناحية في قصصه ليخلق منها فنًّا رائعًا يستحق التسجيل والخلود.