لم ير الطهطاوي المرأة ضعفا، بل إن ضعف البنية لدى بعض الإناث ليس إلا ثمرة لأوضاع بيئية واجتماعية وتربوية من الممكن تغييرها وإحلال القوة محل الضعف
يعتبر رفاعة الطهطاوي هو الأب الروحي للدعوة إلى تحرير المرأة وتعليمها، وهو من أصحاب النهضة، وركن ركين فى تحديث التعليم، وأحد أهم مصلحي المجتمع.
وهو صاحب كتاب المرشد الأمين فى تربية البنات والبنين، وكتاب تلخيص الإبريز فى تلخيص باريز.
وقد ساعدني الحظ الطيب أنني قرأت هذين الكتابين منذ بداية العمل بمهنة التعليم حتى أقضي بأستاذي ومعلمي، ومهنة التعليم لو تعلمون عظيمة ومهمة، وتعد القراءة والثقافة أهم ركن فى تكوين شخصية المعلم.
يقول أستاذي ومعلمي رفاعة الطهطاوي (المرأة مثل الرجل سواء بسواء، أعضاؤها كأعضائه وحاجتها كحاجته وحواسها الظاهرة والباطنة كحواسه، وصفاتها كصفاته، حتى كادت أن ينتظم الأنثى فى سلك الرجل) لم ير الطهطاوي المرأة ضعفا، بل إن ضعف البنية الموجودة لدى بعض الإناث ليس إلا ثمرة لأوضاع بيئية واجتماعية وتربوية من الممكن تغييرها وإحلال القوة محل الضعف.
هكذا يفسر العالم الجليل رفاعة أن المشكلة ليست فى النوع ولكن فى طريقة التربية والنشأة الوضيعة، والتربية الجيدة هى الأساس والأهم.
وهكذا الفكر المستنير يرى عكس الفكر السلفي أن المرأة عورة وشيطان وعبدة وكلها مفاهيم شاعت للأسف الشديد وانتشرت فى الفترة الأخيرة.
ولكن المعلم والأب رفاعة يرى أن المشكلة ليست فى الملبس ولكن فى كيفية التفكير والنظر.
انحازت ثورة ١٩١٩ إلى سفور المرأة وسعى هذا الجيل إلى تحرير الوطن، وتحرير الإنسان، ومع ظهور صحيفة السفور عام ١٩١٥ توسع المفهوم وأصبح ليس مجرد خلع الحجاب هو المشكلة الوحيدة ولكن وجود الأستعمار على أرض مصر مشكلة أكبر، لذا كان لابد للتحرر من الاستعمار أيضا.
يقول رفاعة فى كتاب تلخيص الإبريز فى تلخيص باريز ص ٣٠٥ (السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعيا إلى الفساد) ولكن لابد للإخاء والمساواة بين أبناء الوطن الواحد.
وكتب رفاعة وثيقة زواج بخط يده لابنة خاله تعتبر جديدة فى زمانها كى تضمن حقوقها كاملة.
عقد قران
فى عام ١٨٤٠ سجل رفاعة رافع الطهطاوي بخط يده عقد قران خاصا به.
التزم كاتب الأحرف رفاعة رافع لابنة خاله المصورة الحاجة كريمة بنت العلامة الشيخ محمد الفرغلي الأنصاري أن يبقى معها وحدها على الزوجية دون غيرها من زوجة أخرى أو جارية أياما كانت وعلق عصمتها على أخذ غيرها من نساء أو تمتع بجارية أخرى.. فإذا تزوج بزوجة أياما كانت بنت خاله بمجرد العقد خالصة بالثلاثة وكذلك إذا تمتع بجارية ملك يمين ولكن وعدها وعدا صحيحا لا ينقص ولا يخل أنها ما دامت معه على المحبة المعهودة مقيمة على الأمانة والحفظ لبيتها ولأولادها ولخدمها ولجواريها ساكنة معه فى محل سكناه لن يتزوج بغيرها أصلا ولا يتمتع بجوار أصلا ولا يخرجها من عصمته حتى يقضى الله لأحدهما بقضاء.
(رفاعة بدوي رافع.. ١٤ شوال ١٢٥٥ هجرية)
وأخيرا نختتم بجملة مهمة:
فليكن الوطن محلا للسعادة المشتركة نبنيه بالحرية والفكر، وبذرة المواطنة هى المنافع العمومية والإخاء والمساواة بين أبناء الوطن الواحد.