الجمعة 17 مايو 2024

.. و مازالت الحرب مستمرة

4-10-2017 | 16:12

بقلم: عبداللطيف حامد

فى البداية التحية واجبة لكل رجال حرب أكتوبر المجيدة من الجندى المجهول إلى صاحب قرار بدء الحرب الرئيس الراحل أنور السادات، ومهما تحدثنا أو كتبنا عن بطولاتهم بكل رتبهم لن نوفيهم حقهم، فقد تحدوا المعادلات العسكرية كافة، والنظريات الحربية، وأحكموا استراتيجية العبور تخطيطا وإعدادا وتنفيذا، فهزموا العدو الإسرائيلى المتغطرس شر هزيمة. ومازالت الحرب مستمرة ضد مصر لكن بشكل غير عسكرى

أبطال من فولاذ تهاوت أمام شجاعتهم، كل عوائق العبور من قناة السويس باتساعها الذى يتراوح من ١٨٠ مترا إلى ٢٢٠ مترا، وبعمق ١٧ مترا، لا يعبأون بهاجس الضربات المتوقعة برا وجوا، ولا تشغلهم مواسير النابلم السائل الذى طالما هدد قادة تل أبيب باستخدامها فى تحويل سطح القناة إلى كتلة لهب لعرقلة أى محاولة مصرية للوصول إلى الضفة الشرقية، عزيمة جنودنا هزمت الخوف، خاصة أنه لم يكن هناك أحد متأكد من نجاح رجال الصاعقة الذين تسللوا إلى سيناء يوم ٥ أكتوبر فى إبطال مفعول النابلم الحارق.

ثم يأتى الساتر الترابى الذى قال عنه عالمنا الكبير د.جمال حمدان ـ رحمة الله عليه ـ فى كتابة ٦ أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية إن الساتر الترابى كان فى الحقيقة عقبة من الدرجة الأولى، وتحديا أساسيا للتكنولوجيا والهندسة العسكرية فى أرقى صورها، فهو يمتد بطول القناة بكاملها، أقامه العدو من مخلفات حفر القناة قديما، وعمليات التوسيع حديثا، يتراوح من ٦ إلى ١٠ أمتار فى ارتفاعه،حائط شديد العرض والاتساع، يصل فى المتوسط إلى عشرات الأمتار، مما يجعل نقبه بالوسائل التقليدية بالغ الصعوبة، أما ارتفاعه فيصل إلى نحو ١٠، ١٥، و٢٠ مترا فى المتوسط، أما العائق الثالث فكان خط بارليف قصة أخرى، لأنه لم يكن قابلا للتدمير بإصابات القنابل المباشرة سواء بالمدفعية الثقيلة أو من الطائرات القاذفة.

لكنى لن أزيد وأعيد فى استراتيجية المعركة، وتفاصيلها الطويلة الشيقة، - رغم أنها تستحق، فهى أول نصر عسكرى عربى على الكيان الصهيونى بعد ثلاث جولات منذ زرعه بليل فى المنطقة، وفى مواجهة الجسر الجوى الأمريكى بأحدث الأسلحة، لكنى أريد أن ألفت الانتباه إلى أن روح أكتوبر لابد أن تعود للمصريين فى كل المجالات لأن الحرب مازالت مستمرة، طبعا ليس بالشكل التقليدى بين الجيوش فى ميادين القتال، وهذا ليس مستبعدا على الدوام بل قائم عاجلا أم آجلا، - علينا يا سادة ألا نستسلم للإحباط، والتحديات وفى مقدمتها الأزمة الاقتصادية، العدو لا يكل ولا يمل من مخططات ضرب الروح المعنوية لهزيمتنا نفسيا طالما لم يفلح فى ميدان القتال المباشر، لابد من التسلح بعقيدة رجال أكتوبر لا بديل عن الانتصار، مطلوب من الجميع أن يعمل، عجلة الإنتاج لا يجب أن تتوقف عن الدوران، ونحاول مرة ومرات حتى نقيل البلاد من عثرتها، مع التخطيط الواعى والإرادة الصلبة، أبطال أكتوبر تحملوا التدريب الشاق العنيد، وكرروا تجربة العبور قبلها بنحو ٣٠٠ تجربة على ماكيت إقليمى من الحجم الطبيعى على الأرض ليكون أقرب إلى مسرح القتال بكل تضاريسه، الأقوال لا تبنى وطنا، والشكاوى لا تحل مأزقا، البناء يحتاج إلى سواعد قوية، والتقدم لا يتحقق إلا بالعرق والدموع.

القوى الكارهة لمصر وعلى رأسها العدو الأول إسرائيل، وحليفتها الأبدية أمريكا تشن علينا جولات متلاحقة من حروب الجيل الرابع التى تستهدف مختلف قطاعات الدولة لإفشالها، وتفتيتها حتى ترضخ للتبعية، وترضى بفرض واقع جديد يخدم مصالحها، وتعتمد على التطور التكنولوجى فى وسائل الاتصالات، ومنها السوشيال ميديا إلى جانب بعض الفضائيات، وجماعات إرهابية متفرقة، والواضح للعيان أن جميع آليات، وأهداف، وسمات هذه الحرب تجسدت فى مصر خلال السنوات الأخيرة خاصة منذ ثورة ٣٠ يونيه، عندما خرج المصريون فرادى وجماعات لإسقاط حكم الإخوان، لإنقاذ البلاد من مؤامرة تحجيم دورها، وتقزيم مكانتها، فما الدواعش وبيت المقدس وغيرهما من الجماعات الإرهابية إلا مجرد أصابع شريرة للعدو يحركها كيفما يشاء لضرب استقرار أرض الكنانة، ويخطئ من يتخيل أن ما يحدث فى شمال سيناء يقل خطرا عن الاحتلال الإسرائيلى، فهى حرب تنظيمات مدربة، ومزودة بأحدث الأسلحة، مع تمويل لا ينقطع من ملايين الدولارات.

الحرب أيضا متواصلة على شبابنا ليخرج من معادلة قوة الوطن، تارة بجذبه إلى التيارات المتطرفة التى تعمل بكل قوتها لتحويله إلى معاول هدم، وتخريب، لا تنمية وإصلاح، وتارة باللعب فى منظومة القيم والأخلاق، ونشر الانحلال، والقضاء على الشهامة والرجولة على غرار مشروع «ليلى « اللعين، فإسرائيل وحلفاؤها لا ينسون أن شبابنا من الجنود فى معركة العبور كانوا يواجهون الدبابات وجها لوجه فيقهرونها بأطقمها، وما سيرة عبدالعاطى وزملائه من كل الأسلحة والأفرع بخافية على قادة الدم فى تل أبيب، زلزلوا الأرض تحت أقدامهم، وجعلوهم يرون النجوم فى عز الظهر.

خلاصة الكلام، الحرب مازالت مستمرة ضد أم الدنيا، لا يريدون لها أن تفض الغبار عن نفسها، حتى لا تقود المنطقة ضد مخططات الهيمنة الأمريكية، ومؤامرات إضعاف العرب الإسرائيلية.

أفيقوا يرحمكم الله .