الخميس 23 مايو 2024

في ذكرى رحيله.. كيف مدح مفدي زكريا مصر وجمال عبدالناصر؟

مفدي زكريا

ثقافة17-8-2023 | 18:47

عبدالرحمن عبيد

كان الشاعر الجزائري الراحل مفدي زكريا، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 17 أغسطس عام 1977، من دعاة الوحدة العربية، وخاصةً أقطار المغرب العربي، الذي عرَفَ نضاله النور مذ كان في الجامعة وكان عضوًا نشطًا في "جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا" والتي كانت رافضة للاندماج مع المحتل الفرنسي.

وانخرط «زكريا» في عدَّة أحزاب وجبهات سياسية وتحررية، منها: "حزب الشعب الجزائري، وانتصار الحريات الديمقراطية، جبهة التحرير الوطني"، بالإضافة إلى حزب نجم شمال إفريقيا الذي أسسه مصالي الحاج وكتب زكريا نشيده الخاص المُسمَّى "فداء الجزائر"، والذي يقول فيه:

فداء الجزائر رُوحي ومالي ... أَلا في سبيل الْحرية

فليحي حـزب الشعب الْغالي ... ونجـم شمال إفريقية

 

وقد كتب مفدي زكريا "إلياذة الجزائر"، والتي مطلعها: " جَزائر، يا مَطلعَ المعجزات ... ويَا حجَّة الله في الكائنات"، وتقع في 610 بيت ألقاها لأول مرة قُبالة الرئيس الجزائري هواري بومدين في افتتاح الملتقى السادس للفكر الإسلامي.

 

وتعد «إلياذة الجزائر» ملحمة شعرية تسرد تاريخ الجزائر وبطولاتها وعظمة شعبها، ويقول الدكتور سمير نور الدين دردور، في كتابه "ملحمة الجزائر.. شرح تاريخي لإلياذة الجزائر لشاعر الثورة مفدي زكريا": " إن الجزائر مَوطِن الكفاح ومنبع النِّضال، وهي أيضًا بلد المليون ونصف المليون شهيد. وإن بلدًا بهذه المَكانة لا يَتصدى لوصف تاريخه إلَّا شاعر في مكانة "مفدي زكريا" فارس ثورتها وسفير نضالها. ملك ناصية البيان فسارت معه الكلمات طيعة تهدي زهور البلاغة لتضوعَ أريجها في قلوب العاشقين".

وكان للوطن العربي كذلك نصيب من أشعاره، ومنها قصيدة "اقرأ كتابك" التي خصَّ مصر بعددٍ كبير من أبياتها، بل وتطرق بشعره إلى ذكر اسم جمال عبدالناصر مادحًا فيقول:

والجيشُ، طهر بالقتال، قنالها

و"جمال" أعمل في حشاها المبضعا

 

ويمدح الشاعر مصر قائلًا:

نسبٌ بدنيا العرب زكّى غرسَه

ألمٌ، فأورقَ دوحُه وتفرَّعا

سببٌ، بأوتار القلوب، عروقه

إن رنّ هذا، رنّ ذاك، ورجّعا

إما تنهَّدَ بالجزائر موجعٌ

آسى الشآم جراحَه وتوجَّعا

واهتزَّ في أرض الكنانة خافقٌ

وأقضّ في أرض العراق المضجعا

وارتجّ في الخضراء، شعبٌ ماجدٌ

لم تثنه أرزاؤه أن يفزعا

وهوت مراكش حوله وتألمت

لبُـنان، واسْتَعْدتْ جُدَيْسَ وتُبَّعا!

تلك العروبة إن تثِر أعصابَها

وَهَنَ الزمانُ حيالها وتضعضعا!!

الضّاد، في الأجيال خَلَّدَ مجدها

والجرحُ وحَّدَ في هواها المنزعا

فتماسكت بالشرق جمهوريةً

عربيةً وجدت بمصر المرتعا

ولَـمصرُ دارٌ للعروبة، حرةٌ

تؤوي الكرامَ، وتسند المتطلِّعا

سحرت روائعها المدائن عندما

ألقى عصاه، بها الكليم فروّعا

وتحدّثُ الهرمَ الرهيبَ، مُباهيًا

بجلالها الدنيا، فأنطق يُوشعا

واللهُ سطّر لوحَها بيمينه

وبنهرها سكب الجمال فأبدعا

النيل فتّح للغريب ذراعه

والشّعب فتّح للشّقيقِ، الأضلُعا

والجيشُ، طهر بالقتال، قنالها

و«جمال» أعمل في حشاها المبضعا

والطّور أبكى من تعوّد أن يرى

في حائط المبكى يسيل الأدمعا

والسدُّ سَدَّ على اللئام منافذًا

وأزاح عن وجه الذئاب البُرقُعا