صدر حديثًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، كتاب«القربان البديل» طقوس المصالحات الثأرية في صعيد مصر، للشاعر والباحث فتحي عبد السميع، ضمن سلسلة الدراسات الشعبية التي تصدر برئاسة تحرير الباحث حسن سرور.
يجمع الكتاب بين التقاليد الأكاديمية الراسخة والكتابة الأدبية الجميلة، كما يجمع بين خبرة الباحث ابن منطقة البحث والمثقف العضوي الذي يقتحم مشكلات مجتمعه، كل ذلك من خلال رؤية مصرية أصيلة تدعو إلى التسامح، ومواجهة العنف باللاعنف، بإطار مكَّن الشاعر والباحث فتحي عبد السميع من رصد وتحليل منهج اللاعنف في الثقافة الشعبية، كما يتجلى في فض الخصومات الثأرية في صعيد مصر، والذي سماه منهج «ردم حفرة الدم» ، أو «القودة»، وهو يقوم على مجموعة كثيرة ومُركبة من العناصر الطقسية التي تتسم بالتنظيم والترتيب والتكرار والترميز.
ويتكون الكتاب من خمسة فصول؛ الأول: فكرة «القربان» بوصفها أداة لتأويل الطقس، وذكر أنواعه، وما تحويه الرموز من سلطة، والطقوس من فاعلية قوية، ثم علاقة القرابين بمفهومي الطهارة والنجاسة، وعلاقتها بمشكلة العنف وصلة الدم، كذلك فكرة القربان الحيواني البديل، ومن ثمَّ الأفكار القربانية التي تقف وراء الممارسات الثأرية.
ويتناول الثاني: تعريف «القودة» وعناصرها، منها: الفاتحة، التلقين، البكاء، ارتداء الجلباب الطقسي، قص الشعر، نزع العمامة، خلع الحذاء، شد القاتل، ذبح الحيوان، ودفن الكفن في الجبانة، وتحديد العناصر التي تقوم بدور القربان في ضوء ثنائية الثابت والمتغير.
أما الثالث: فقد خُصِّص لعلاقة الطقس بالهوية، فالطقوس ليست مجرد حامل للهوية، بل هي تبني الهوية كما تغذيها باستمرار، ومن ثمَّ تحديد هوية «القودة» بالبحث عن هويتها الثقافية.
ويقدم الرابع: إسهامًا في دعم فن المصالحات الثأرية، من خلال مناقشة ثنائية الثأر والتسامح، وتفنيد خرافة «التسامح المستحيل» ؛ لأنها واسعة الانتشار بمجتمع الدراسة. أما الخامس: فقد وقف أمام علاقة المصالحات الثأرية بالفن، وقد اعتبر المصالحات الثأرية فنًّا؛ لأنها تقوم على عناصر طقسية متعددة، كما أن قضاة الدم والأجاويد يتعاملون مع الخصومات الثأرية تعاملًا فنيًّا.