الخميس 2 مايو 2024

«أثرها تخطى البلاد العربية».. محمد حسين هيكل يشيد بمجلة الهلال في أواخر حياته (مقال نادر)

محمد حسين هيكل

كنوزنا20-8-2023 | 11:24

بيمن خليل

تحل اليوم الذكرى الـ135 لميلاد الشاعر والأديب والسياسي الكبير الدكتور محمد حسين هيكل، الذي ولد في مثل هذا اليوم في 20 أغسطس 1888م، وكان له أثر بالغ في تاريخ بناء الثقافة العربية وفن الرواية المصرية.

ويعد حسين هيكل مفكرًا وصحفيا وسياسيًا مرموقًا له وزنه في مصر، وتولى عددًا كبيرًا من المناصب المهمة في عهده، كوزير للمعارف، والتربية والتعليم،  والشئون الاجتماعية، بالإضافة لرئاسته تحرير مجلة السياسة، وبعض الأحزاب.

وفي عودة لذاكرة الماضي (بداية تكوينه الفكري)، أشاد حسين هيكل بالدور الكبير الذي لعبته «مجلة الهلال» في بناء وعيه الثقافي والفكري والتاريخي مذ كان طالبًا في الثانوية عندما كان حريصًا على قراءة مجلة الهلال.

وأشاد حسين هيكل في أواخر حياته في مقال نادر له، نشرته «الهلال» في عددها الصادر في 1 يناير عام 1953، بعنوان «عهدي بمجلة الهلال» بالدور الكبير الذي أدته هذه المجلة العريقة، والتي ساهمت في بناء وتشكيل وجدان الثقافة المصرية والعربية وأثرها عليه بشكل خاص.

 

مقال نادر لمحمد حسين هيكل في مجلة الهلال (نص المقال)

كتب «هيكل»، يرجع أول عهدي بمجلة الهلال إلى خمسين سنة خلت، كنت يومئذ طالبًا بالمدرسة الخديوية الثانوية، وكنت كزملائي التلاميذ يومئذ وكأبنائنا التلاميذ اليوم، أقضي الإجازات المدرسية بقريتنا في الريف.

وكان والدي مشتركًا في مجلتي الهلال والمقتطف، وكان حريصًا على أن يتناول الطعام مع أبنائه في الوجبات الثلاث، وبخاصة في وجبات الظهر فإذا فرغنا من تناولها أوى إلى مضجعه يقضي فيه ساعة أو بعض ساعة.

وكان يقرأ قبل أن ينام، فلما انتقلت من دراستي الإبتدائية إلى المدرسة الثانوية كان يدعوني بعد الغداء لأتلو الفصل الذي يختاره من مجلة «الهلال».

خلقت هذه القراءة شيئا من الألفة بيني وبين مجلة «الهلال» من ذلك العهد، وكثيرًا ما كنت أقرأ في صحفها الأخيرة ما تنشره من فصول لهذه الروايات التاريخية الإسلامية التي كان يكتبها منشئها  المغفور له جرجي زيدان وقد سرتني قراءة هذه الفصول أثناء الإجازات ودفعتني إلى قراءة هذه الروايات كاملة.

وكانت دار الكتب المصرية في بناء واحد مع وزارة المعارف والمدرسة الخديوية، فكنت أخرج عقب انتهاء الدروس يوم الخميس فأذهب إلى دار الكتب لأجلس في غرفة المطالعة وأطلب هذه الروايات التي كتبها جرجي زيدان، وتنشرها الهلال، ولا يزال الأثر الذي تركته قراءاتي لغادة كربلاء عالقًا بنفسي إلى اليوم.

سردت ما تقدم ليرى أبناء اليوم ما كان للهلال من أثر في توجيه ثقافتنا نحن أبناء الأمس، وأثر الهلال لم يقف في حدود مصر حيث كان يظهر، ولم يقف في حدود بلاد الشرق العربي، بل كان يتخطاها إلى كل متكلم باللغة العربية حيثما كان من بقاع الأرض.

وكانت ميزة الهلال في عهد منشئه، البساطة في عرض المسائل الأدبية والاجتماعية والتاريخية ببساطة تقربها إلى الذهن وتحببها إلى النفس، كما أنه كان يتجه بأبحاثه الأدبية والتاريخية إلى بعث التراث العربي وإلى نشر الثقافة العربية على نحو يؤلف بين الذين يتكلمون العربية ويطبع نفوسهم وقلوبهم بطابعها ويبعث إلى جوارحهم محبتها والتشبث بها وهذه الميزة قد احتفظ بها أبناء منشيء الهلال بعد والدهم.

ولهذا بقيت الصلة بين الهلال وقرائه الأولين.. أقام الهلال على الوفاء لهم وأقاموا على الوفاء له، مع تطوره كتطورهم ليلائم الجميع روح هذا العصر السريع التطور، ولعل الهلال قد بلغ من مجاراته العصر في سرعة تطوره ما لم يبلغه غيره من صحفنا ومجلاتنا.

Dr.Randa
Dr.Radwa