السبت 18 مايو 2024

حرب الاستنزاف.. نواة نصر أكتوبر «الجزء الثاني والأخير»

5-10-2017 | 08:32

كتب: خليل زيدان

قبل أن نبدأ ملف حرب أكتوبر المجيدة، كان علينا إلقاء الضوء على مقومات ذلك النصر الذي رفع هامة مصر والأمة العربية عاليًا، ورصدنا في الجزء الأول إصرار الرئيس جمال عبد الناصر على ألّا يهنأ الكيان الصهيوني بما سلبه من أرضٍ مصرية، فوضع والقادة السياسية والعسكرية 3 مراحل لحرب الاستنزاف التي سُمّيت بحرب الألف يوم.

وكانت المرحلة الأولى هي مرحلة الصمود التي بدأت من يوليو حتى نوفمبر من عام 1967، ثم مرحلة المواجهة والدفاع من نوفمبر 1967 إلى مارس 1969، ويختتم بالمرحلة الثالثة، وهي مرحلة الردع والحسم التي بدأت من مارس 1969 إلى أغسطس 1970، ولم تخل أي مرحلة من تلك المراحل من العمليات الفدائية ضد العدو الصهيوني.

العرب يد واحدة

وجب التأكيد على الدور العربي المشرّف الذي وضح جليًا في مؤتمر الخرطوم الذي عقد في 29 أغسطس 1967، حيث أكدوا على الوقوف صفًا واحدًا لإزالة آثار العدوان من الأراضي العربية، وتمثّل ذلك في تقديم دعم مالي من الدول المنتجة للبترول للدول المتضررة من العدوان، ورفض الاعتراف بدولة إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة.

كما أوفدت الدول العربية قوات مسلحة من جيوشها، ومعدات عسكرية لتقف جنبًا إلى جنب مع القوات المصرية والسورية على جبهة القتال، وعقدت مصر مع سوريا اتفاقية للتعاون السياسي والعسكري، في التاسع من أغسطس 1969، من أجل تحرير الأرض المحتلة، وتم تعيين الفريق محمد فوزي قائدًا للقوات المسلحة في مصر وسوريا، بجانب منصبه كقائدٍ عام للقوات المسلحة ووزير الدفاع في مصر.

أحدث الأسلحة السوفيتية لمصر

من المؤكد أن أي تفوق إسرائيلي كان سببه الدعم المادي والعسكري من أمريكا، فقد أمدّت إسرائيل بأحدث الأسلحة وكانت الحليف القوي لها، حيث عملت على تطوير وتدريب أفراد الجيش الإسرائيلي بمدارس الحرب الأمريكية، وفي المقابل، لم يتخلّ عنا الاتحاد السوفيتي، فكان الحليف الأقوى والأول لمصر، حيث أمد مصر من معدات حربية، وأسلحة متطورة، وخبراء روس لتدريب الجانب المصري على استخدام تلك الأسلحة.

وزار الرئيس جمال عبد الناصر موسكو 3 مرات عام 1968، ومرة رابعة في يناير 1970، وكانت تلك هي الزيارة الفارقة في تسليح مصر بأحدث الطائرات، فقد استطاع ناصر أن يحصل على 95 طائرة ميج 21 معدل، وميج 23، وفرقة من صواريخ سام 3 المضادة للطيران المنخفض، ومعها أطقم تشغيلها، مع 4 أجهزة رادار حديثة، وتم الاتفاق على أن يقوم الخبراء السوفييت بتدريب القوات المصرية على استخدام تلك المعدات.

أول نكسة للطيران الإسرائيلي

في ليلة 30 يونيو 1970، انتهت القيادة المصرية -بمساعدة الخبراء السوفييت- من بناء حائط الصواريخ، وهو عبارة عن شبكة من صواريخ سام 2 وسام 3، ودعمت الحائط بألف مدفع مضاد للطائرات، وكان على عمق 27 كيلومترًا من القناة، مما دعا الطائرات الإسرائيلية القيام بجولةٍ استطلاعية، وبعدها، شنّت هجومًا جويًا بـ24 طائرة، فيما قامت القوات المصرية بتدمير 4 منها مع أسر 3 طيارين، وسُمي ذلك النصر المصري بأسبوع تساقط الفانتوم، ورصد الخبراء العسكريون الحدث بأنه أول نكسة للطيران الإسرائيلي.

إسرائيل تطلب وقف إطلاق النار

لم تقو إسرائيل على تحمل المزيد من الخسائر، فالجيش المصري لم يهدأ من يونيو 1967 حتى منتصف يونيو 1970، حيث استنجدت إسرائيل بالولايات المتحدة لتطلب الأخيرة مبادرة من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار سُمّيت بمبادرة “روجرز”.

ووافق عليها الطرفان المصري والإسرائيلي، وكانت بمثابة طوق النجاة للعدو الصهيوني لوقف نزيف الخسائر، وكانت المبادرة لمصر بمثابة فرصة لاستكمال منظومة الدفاع الجوي واستعادة الكفاءة القتالية للجيش، وكانت الاتفاقية تنص على وقف القتال 90 يومًا، بدءًا من 8 يوليو 1970.

وكانت تلك المبادرة آخر مؤشر لحرب الاستنزاف، ولكن الرئيس جمال لم يوقف الاستعداد والتدريب على القتال، فقبل أن يرحل، صدّق على خطة عبور القناة التي تتمثّل في تدريب الجنود على استخدام زوارق في نهر النيل.

وأوفد كتيبة من جنود المشاة مع ضباط الاستطلاع إلى قرية دندرة، وهي قرية بمحافظة قنا وتقع شمال الأقصر على شاطئ النيل، لتنفيذ مشروع عبور مانع مائي، والتدريب على تدمير العدو، واسترداد الأرض المحتلة.

ومن مفارقات القدر أن تصل الكتيبة إلى موقعها للتدريب يوم رحيل الرئيس جمال عبد الناصر الذي رحل بعد أن أنهك العدو الصهيوني، وزوّد جيش مصر بأحدث الأسلحة والطائرات، وكانت آخر ما صدّق عليه هو خطة عبور القناة.

    الاكثر قراءة