التيارات الإسلامية أيدت الحرب لتنافق الناس... وصارحت أبنائها بتكفير السادات
قيادي إخواني يثني على قتلة الرئيس .. ويصفه بالإله الذي ينحني له البشر
مصطفى حمزة
اختلفت نظرة تيارات ما يعرف بـ"الإسلام السياسي"، وتباينت مواقفهم تجاه حرب أكتوبر المجيدة 1973م، التي ردت للأمة اعتبارها بعد هزيمة 1967م، وأعادت للمصريين والعرب كرامتهم، ولقنت الجيش الإسرائيلي درسًا لن ينساه التاريخ، بعد أن كسرت معركة العبور أسطورة "الجيش الذي لا يقهر".
وعلى الرغم من اتفاق الأعداء قبل الأصدقاء على أهمية هذه الحرب المجيدة، إلا أن أغلب الإسلاميين كانت لهم وجهة نظر أخرى، تتفق مع تطرفهم وشذوذهم الفكري والعقائدي، حيث يعتقدون أن هذه الحرب ليست جهادً في سبيل الله بسبب عدم توافر بعض شروط الجهاد فيها، والتي على رأسها الإمام المسلم، حيث يكفرون الرئيس لأنه يحكم بغير ما أنزل الله، استنادًا لقول الله تعالى في سورة المائدة: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} دون فهم أو فقه لمعنى الآية.
بالإضافة إلى أنهم يعتقدون اعتقادًا فاسدًا يتمثل في أن الحرب كانت لأهداف سياسية للدفاع عن الوطن وليس عن الإسلام، أي أنها رفعت راية "الوطنية" ولم ترفع راية "الدين"، وراية الوطنية عندهم راية جاهلية يحرم القتال خلفها، مع ما يترتب على ذلك من أحكام للمشاركين في هذه الحرب في حال موتهم، فهم يموتون ميتة جاهلية عند هؤلاء المتطرفين، على الرغم من أنهم عند الله شهداء.
ومن تلون الإسلاميين وتناقضهم أنهم يترحمون على السادات أمام الناس، ولكن حقيقة الأمر في كتبهم خلاف ذلك، فقد أثنى محمود الصباغ على قتلة الرئيس السادات، في كتابه: (حقيقة التنظيم الخاص ودوره في دعوة الإخوان المسلمين)، الذي قدم له المرشد الخامس مصطفى مشهور، حيث قال في صـ 29: "فسلط عليه شبابا من شباب مصر وأظلهم بظلة فباغتوه في وضح النهار وفى أوج زينته وعزه يستعرض قواته المسلحة ولا يرى فيهم إلا عبيدا له ينحنون وبقوته وعظمته يشهدون وإذا بهم سادة يقذفونه بالنار ويدفعون عن أنفسهم وصمة الذل والعار والشنار"، فشبه السادات بالإله وشبه رجال الجيش البواسل بالعبيد الذين ينحنون له، ليزرع في قلوب أتباعه تكفير الرئيس، واستحقاقه للقتل كما لا يخفى من ثناه على القتلة الذين زعم أن الله أظلهم بظله ليرتكبوا جريمتهم –عياذًا بالله.
والغريب أنهم اتخذوا هذا الموقف مع الرئيس الذي فتح لهم باب الدعوة وأعادهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى بعد أن فقدوا الأمل من الخروج من سجون الرئيس الراحل عبد الناصر، ليدفع حياته ثمنًا لغدرهم، لأنهم لا عهد لهم، ويقابلون الإحسان بأشد الإساءة.
وتصدر الجماعات الإسلامية خطابين مختلفين تجاه حرب أكتوبر؛ الأول يؤيد الحرب ويدعمها، حتى يظهروا أنهم وطنيون ومحبون لمصر، وخطاب آخر لا يتم الإعلان عنه إلا للمنتمين لكل جماعة من هذه الجماعات، بحيث تؤكد فيه موقفها من الحرب المجيدة وفق مرجعيتها الدينية الخاصة بها، وهو الأمر الذي انكشفت بوضوح بعد ثورة 25 يناير 2011م.
وقد اتخذ الإسلاميون من عداوتهم للرئيس السادات بعد زيارة إسرائيل وعقد اتفاقية كامب ديفيد ذريعة للطعن في حرب التحرير، واعتبارها تمثيلية لتحريك المياه الراكدة مثلما كان يردد اليساريون في هذا التوقيت.
وقد راوغت جماعة الإخوان الإرهابية روغان الثعالب كعادتها، لتصدر بدورها خطابين مختلفين؛ أحدهما للإعلام، يمدح الحرب دون أن يمجد قادتها، لترتدي الجماعة قميص الوطنية الزائفة، والآخر لقواعد الجماعة يعتبرها حربًا منقوصة، ولو كان الإخوان يعظمون حرب أكتوبر لعظموا قادتها، بدلًا من أن يتجاهلوهم في احتفالات النصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، ويستبدلونهم بقتلة الرئيس البطل، الذين جلسوا على منصة الاحتفال.