العدد في الليمون، رغم إنه اليومين دول شاحح!.. مقولة شعبية شهيرة يرددها المصريون منذ زمن بعيد، تعبيرا عن الشيء الذي يفوق العدد بدون حاجة أو فائدة، وما أكثر تلك الحالة في بلدنا مصر! ، والوصف هنا يعكس ببساطة شديدة المشهد الحزبي الذي نعيشه وعدد الأحزاب المشهرة التي تبلغ ٨٤ حزبا، بخلاف أحزاب أخرى تحت التأسيس وعشرات الحركات السياسية التي طلت علينا في السنوات الأربع الأخيرة بدون جدوى، بل على العكس تماما أصيب المصريون وأنا منهم بطنين في الأذن من فرط ما نسمعه من إسهال تصريحات من مسئولي تلك الأحزاب تكشف حجم تقزمهم السياسي سواء في الفكر أو المسئولية، مقارنة بالمشهد الحزبي قبل ثورة ٥٢، فقد كان لدينا آنذاك قرابة ١٠ أحزاب كبرى، يعرف المواطن العادي أسماءهم وأسماء قياداتهم وإنجازاتهم على أرض الواقع ولا يزال يعرفهم حتى الآن، رغم اندثار تلك الأحزاب، بداية بالحزب الوطني الذي أسس نسخته الأولى الزعيم مصطفى كامل عام ١٩٠٧، ومرورا بحزب الأمة بقيادة أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد وحزب الوفد بزعامة سعد باشا زغلول ومن ورائه مصطفى النحاس، وكذلك حزب الأحرار الدستوريين وحزب مصر الفتاة.
الآن حدث ولا حرج، من منا يعرف أسماء الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية الآن؟، ويعرف حتى قادتهم!، وبالطبع العيب ليس فينا، بل في قادة ومسئولي تلك الأحزاب الذين اكتفوا بنضال الحناجر على شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد، ولم ينزلوا الشارع ولم يتواصلوا مع الجماهير، بحيث يجعلك تطلب وصولهم إلى السلطة، بل على العكس تماما، جعلونا نقول في حقهم “ربنا يكفينا شرهم ويكفينا جهلهم».
السبب الرئيسي إذن في الوصول إلى حالة «العدد في الليمون” الواصفة للوضع المخزي لحالة الأحزاب في مصر، هو السهولة القصوى في تأسيس حزب، فالآن بـ «مطرحين وصالة” و٧٥ ألف جنيه لزوم خمسة آلاف توكيل يمكنك تأسيس حزب سياسي وتقدر تقعد مع قادة البلد على ترابيزة واحدة «تتشرط وتقول ما بدالك”.
عارفين أمريكا أم الديمقراطيات في العالم، كم حزبا فيها؟
حوالي خمسة أشهرهم الجمهوري والديمقراطي، وبريطانيا ١١ حزبا أشهرهم العمال والمحافظين، لكن احنا هو حد زينا لازم نبقى ٨٤ حزبا ومين يزود.
بلد أحزاب وتوكيلات صحيح!.
كتب : محمد السويدى