المهمة كانت حماية نسور الجو وأبطال الضربة الجوية أثناء العودة عقب العبور ونجح فى هذه المهمة مجموعة من أبطال الطيران الجوى الذين قطعوا ذراع العدو وأسقطوا طائراته فى المصيدة كالفئران .. المهمة يروى تفاصيلها فى السطور التالية المقدم طيار وصفى بشارة أحد أبطال النصر.
بنبرة يملؤها الفخر والشموخ بدأ «المقدم وصفى» حديثه قائلا: كنت ضمن مجموعة من المقاتلين الطيارين مهمتنا حماية القوات الجوية أثناء عودتها من تنفيذ الضربة الجوية، وتحديداً بالمنطقة الجنوبية تحت قيادة قطاع جنوب سيناء بالإضافة إلى حماية القوات البرية وهى تعبر خط بارليف الذى تهاوى تحت أقدام الأبطال المصريين، نجاح تلك المهمة كان نتاج ما تدربنا عليه طيلة ٦ سنوات سابقة على الحرب خلال هذه الفترة تمكنا من تطوير كافة التكتيكات القتالية من النظام الروسى والذى اعتمد على ارتفاعات عالية فى المواجهات القتالية، حتى استطعنا بالتدريب المتواصل للقوات تمكين الطيارين من الارتفاعات المنخفضة وهى مرحلة شاقة تحملها الفرد المقاتل قبل الحرب، تمكنا خلالها من إعداد ٣٠٠ طيار كانوا هم القوة الضاربة لحرب أكتوبر.
يتذكر المقدم وصفى أولى الطلعات فوق المنطقة الجنوبية لقناة السويس بقوله «كنت حصلت على رتبه رائد أثناء الحرب، وتركزت مهمتى فى ذلك الوقت على حماية المقاتلات القاذفة إبان العبور الأول للقناة، وكان الهدف هو ضرب محطات الصواريخ للعدو والمواقع الخاصة باتصالات القوات الإسرائيلية تمهيداً لعزلها وانطلاق العبور».
لمعت عيناه وهو يقول « للوهلة الأولى تنفست الصعداء حين عادت القوات الجوية وجاءت بشائر النصر تفوح من رائحة الجاز المحترق من الطائرات التى أنهت مهمتها بنجاح دون خسائر.
تحقق الهدف من تأمين القوات العائدة واستطعت أنا وفريقى بـ ١٢ طائرة التصدى لقوات العدو، وتمكنت من حماية القوات المصرية العائدة من سماء سيناء، وشكلنا عقبة كبيرة أمام طائرات العدو التى أضطرت إلى التوقف عن القذف فى العمق المصري، وشكلنا قوة ضاربة لمنع هجمات العدو الإسرائيلي، حتى ظهرت الثغرة واستطعنا حصارها.
يتذكر بشغف ذلك المهندس العبقرى المصرى «صبحى الطويل» الذى تمكن من تطوير خزانات الوقود لمقاتلات مج ٢١، يقول: عملت على مضاعفة وقت اشتباكات الطيران للقوات الجوية من ٣٠ دقيقة إلى ٦٠ دقيقة بإضافة خزان للوقود من ٥٠٠ لتر إلى ٨٠٠ لتر هذا الاختراع كان من عوامل النصر، ومكن النسور من قطع الذراع الطويلة للقوات الإسرائيلية.
فى يوم النصر كان الصمت والسكوت يعم مدينة القناة، ولاحظت غياب أى نشاط من القوات المعادية، واصلنا مهمتنا فوق سماء سيناء منذ السادس من أكتوبر حتى الرابع والعشرين من ذات الشهر، أتذكر جيداً ذلك اليوم فى الثانية والنصف أخذت وضع الاستعداد فى ثلاث دقائق وتوليت قيادة التشكيل الرباعى من «طائرات الميج ٢١» روسية الصنع.
حين بدأ الاشتباك فور عودة القوات الجوية المصرية من تنفيذ مهامها بعزل القوات الإسرائيلية على الجبهة، كان الذهول والعجز من نصيب القوات الجوية الإسرائيلية من أثر الضربة الجوية الأولى.
ظلت قوات العدو فى حالة من الارتباك الشديد الملاحظ عليهم أثناء قيام القوات الجوية التى نفذت الطلعة الأولى، فى ذلك الوقت لاحظت الصدمة من أثر الضربة، قادهم الاندفاع إلى خسارة ١٢ طائرة « فانتم وميراج « ظهر يوم السادس من أكتوبر وبعد تنفيذ الضربة الأولى.
اللواء وصفى يسرد: ظل العدو حبيس غروره الدعائى من أثر التوجيه المعنوى للقوات الإسرائيلية حتى تساقطت طائراتهم «كالفئران فى مصيدة الدفاع الجوي» وتحولت سماء القناة إلى بركان من لهب تُسقط أحدث طائرات امتلكها العدو فى ذلك الوقت.
ورغم خبراتى السابقة فى الطيران والتدريب الجيد قبل الحرب إلا أن مشهد العبور وتدفق القوات البرية يؤكد أن البطل الحقيقى لهذه الحرب هم الجنود والشهداء من أبناء مصر، امتلكوا عزيمة قتالية تفوق كل الوصف والخيال ولا يستطيع لسان أيا كان أن يصف ذلك المشهد العظيم فوق القناة والذى ظل بذاكرتى حتى هذه اللحظة.
الأهم بالنسبة لى كان «الهارموني» المتمثل فى التعاون مع كافة التشكيلات المقاتلة، بين القوات الجوية والدفاع الجوي، هذا التناغم العبقرى مكن القوات الجوية من السيطرة على الحرب ومنع العدو من الدخول إلى العمق المصرى.