الخميس 16 مايو 2024

فى ذكرى النصر.. بالأرقــــــــام.. الإرهاب يتهاوى فى سيناء

5-10-2017 | 22:00

بقلم-  أحمد أيوب

لم تكن مجرد حرب؛ لأنها لم تكن مجرد قطعة أرض نريد تحريرها، بل كرامة وطن، كرامة شعب هب أبناؤه من القوات المسلحة لاستردادها، أقسموا ألا يستريح لهم جسد وألا تغمض لهم عين حتى تُحرر الأرض، ولهذا غيروا وجه العالم، قهروا إسرائيل وحطموا كل النظريات العسكرية وهزموا كل التوقعات التى راهنت على ألا يحقق المقاتل المصرى شيئا لأن العبور مستحيل والاقتراب من سيناء محرم والمواجهة مع الجيش الإسرائيلى محسومة مبكرا، فإذا بالمقاتل المصرى يزأر كالأسد ويثأر لشرف وطنه وكرامة أهله ويسترد أرضه.

سيناء شاهدة على الدم المصرى الطاهر، رجال وهبوا أنفسهم فى سبيل الوطن، لم يبخلوا بحياتهم، ولن يبخلوا، سيظلون على العهد، جيل يسلم جيلا، مسئولية حماية الوطن شرف لا يناله إلا الرجال، وأبناء الجيش المصرى رجال على مر التاريخ، أذاقوا العدو الإسرائيلى ويل الهزيمة، التى دوت فى كل أنحاء العالم لينهوا الأسطورة المكذوبة، وما زالوا حتى الآن يتصدون بكل جسارة لمخطط عالمى هدفه الأول سيناء، أن تشطر هذه البقعة المصرية المباركة عن خريطة الوطن ليخلق على أرضها كيانا سفاحا يحمى إسرائيل، وينهى القضية الفلسطينية.

العدو واحد لم يتغير ويصر على تنفيذ مخططه وإن اختلفت الوجوه والوسائل والأسلحة، فلم تعد الجيوش هى التى تنفذ وإنما المرتزقة والخونة والذين يقف لهم رجال الجيش بكل قوة.

الإرهاب هو البديل لتنفيذ المخطط الخبيث فى سيناء، لكن كالعادة كان الجيش عند الوعد فى الدفاع عن الأرض.فكما قال الرئيس السيسى «سنتصدى لنتلقى الرصاص فى صدورنا حتى لا يصل إلى الشعب المصرى».

الإرهاب الذى استهدف سيناء منذ ثورة ٣٠ يونيه ٢٠١٣ التى أفشلت أكبر وأخطر مخطط عالمى لتدمير المنطقة حظى بدعم لوجستى بعشرات بل ربما مئات المليارات من أجل تدعيم الإرهابيين بالعناصر المدربة والسلاح الأكثر تطورا وبعضه لا تمتلكه إلا جيوش عظمى، أسلحة لا تقوى التنظيمات مهما أوتيت من قوة على امتلاكها، ورغم ذلك امتلكها الإرهابيون فى سيناء بدعم من أجهزة مخابرات عالمية لأن المخطط كان كبيرا.

لهذا لم تكن الحرب على الإرهاب فى سيناء مهمة سهلة، فالعدو ليس كما يروج البعض مجموعات من الأفراد المسلحين مشوهى الفكر؛ لكنه تجسيد لمؤامرة كبرى تديرها .. قوى دولية، ورغم ذلك حقق الجيش المصرى ما لم تحققه جيوش دول عظمى فى مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية، والأرقام أكثر ما يؤكد هذا النجاح المصرى الذى يحاول بعض المرجفين والكارهين إنكاره عمدا.

الأرقام على الأرض والتى نرصدها من خلال بيانات المتحدث الرسمى للقوات المسلحة أو ما نشر فى كل وسائل الإعلام أو حتى ما تروجه تلك التنظيمات عبر السوشيال ميديا تؤكد أن العمليات الإرهابية تتراجع وأن الإرهاب والإرهابيين يعانون بشدة فى سيناء فخلال هذا العام وحده ٢٠١٧وتحديدا من يناير وحتى الشهر الماضى انخفضت العمليات الإرهابية بنسبة كبيرة تتجاوز الـ٤٠ فى المائة، فإذا كانت الفترة المقابلة فى العام الماضى ٢٠١٦ شهدت ما يزيد على ٤٣٠ حادثا إرهابيا، فإن الشهور الثمانية فى العام الحالى منذ يناير وحتى بداية سبتمبر شهدت انخفاضا كبيرا تعدى الـ٤٠ فى المائة، بل وقد يقارب الخمسين فى المائة, والأهم أن هذا الانخفاض هو استمرار لانخفاض آخر كان يحدث سنة بعد الأخرى منذ ٢٠١٣ بسبب السيطرة الحقيقية لرجال الجيش والشرطة على الوضع هناك.

وهذا الانخفاض يؤكد أيضاً أن قوة التنظيمات الإرهابية فى سيناء تضعف وتنحسر يوما بعد الآخر بينما تزيد السيطرة الأمنية، وكما يقولون فالأرقام لا تكذب ولا تتجمل.

الدليل الآخر على هذا الضعف وفى المقابل قوة السيطرة الأمنية أن أغلب العمليات الإرهابية التى شهدها العام الحالى نجحت القوات المسلحة فى إجهاضها والقضاء على منفذيها بما يؤكد ارتفاع معدل اليقظة وسرعة رد الفعل لدى القوات، فلو حسبنا العمليات التي تسببت فى خسائر لقوات الجيش أو الشرطة سنجدها قليلة جدا، وهذا إن دل فهو يدل على أن رجال الجيش كعادتهم عند المسئولية. وبالتأكيد خير مثال جندى الدبابة الذى حطم السيارة المفخخة.

الأمر الآخر أن هذا الانخفاض يزيد شهرا بعد الآخر، فمعدل العمليات التى تم تنفيذها فى يناير الماضى مثلاً أكبر منها فى فبراير وهكذا حتى وصلنا الى شهر أغسطس الذى شهد أقل عدد من العمليات، بما يؤكد تطور الأداء الأمنى ونجاح العمليات المكثفة التى قامت بها قوات إنفاذ القانون على مختلف المحاور فى سيناء لمطاردة العناصر الإرهابية والقضاء على البؤر الإرهابية.ولكل من يريد التأكد مطالعة صفحة المتحدث العسكرى ليرى بنفسه صدق هذا الكلام.

بالتأكيد كانت هناك عوامل لعبت دوراً فى هذه السيطرة الأمنية والتهاوى الذى أصاب الإرهاب فى سيناء فى مقدمتها طبعاً اليقظة الأمنية وإصرار رجال الجيش والشرطة على حسم الأمر وتطهير سيناء تماماً.

كما لا يمكن إغفال العديد من العوامل الأخرى التى أسهمت بنسب مختلفة فى انحسار الأعمال الإرهابية فى مقدمتها العملية الكبرى التى نجحت قوات الجيش فى تنفيذها وهى اقتحام وتطهير جبل الحلال والذى كان بمثابة مأوى مهم ومخبأ مضمون للعناصر الإرهابية ومعها أيضاً عملية «حق الشهيد»، التى طوقت مناطق العمليات وتمكنت خلالها قوات إنفاذ القانون من القبض على العشرات من العناصر الإرهابية وتصفية من رفعوا السلاح منهم.

الأمر الثانى: هذا التنسيق الكبير الذى تم مع قبائل سيناء الشرفاء وهم الأغلبية الذين أضيروا من الإرهاب وأيقنوا أنه لا بديل لهم عن مساندة القوات المسلحة والشرطة ضد أى عناصر إرهابية، حتى إن كان بعض الشاردين من أبنائهم منتمون إليها وبالفعل بعض القبائل انتفضت لتقف بجانب الجيش فى مهمته، وكان لهذا أثره على العمليات الإرهابية؛ لأن كثيرا من العناصر الإرهابية كانت تعتمد على دعم بعض المنتمين لتلك القبائل.

الأمر الثالث: قدرة القوات على السيطرة على الحدود المصرية فى كل الاتجاهات وبالتالى منع دخول الإمدادات اللوجستية والتسليحية للعناصر الإرهابية، يقطع بهذا الأمر تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى تدمير القوات لأكثر من ألف سيارة كانت تحاول التسلل عبر الحدود الغربية محملة بالأسلحة والإرهابيين إضافة إلى ما شاهدناه الأسبوع الماضى من تدمير القوات الجوية لعشر سيارات كانت تحاول التسلل عبر الحدود محملة بالذخيرة والمتفجرات.

الأمر الرابع: محاولة حماس مؤخرا وبعد نجاح مصر وبجهد مخلص فى تحقيق المصالحة الفلسطينية إثبات تعاونها من خلال إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود المصرية الفلسطينية وتشديد إجراءاتها الأمنية على الحدود مع مصر التى كانت أحد المنافذ المهمة بل كانت أحياناً المنفذ الأخطر والأوحد لتسلل الإرهابيين والأسلحة خلال السنوات الأربع الماضية.

ليس معنى هذا أن تعاون حماس هو الذى منع الإرهابيين، فهذا التعاون لم تمر عليه سوى أسابيع قليلة وقبلها وطوال السنوات الماضية كان رجال الجيش بالمرصاد لأى محاولات تسلل ودمروا أكثر من ١٥٠٠ نفق شر، لكن تعاون حماس مؤخراً يمكن أن يضيف ميزة جديدة.

بالتأكيد خلال تلك الفترة حاول الإرهابيون الظهور بقوة لإثبات وجودهم لأن من يمولونهم ويدعمونهم بكل السبل يرفضون الاستسلام ويصرون على زعزعة استقرار مصر وإثبات عدم قدرة الجيش على حماية سيناء، ولهذا سمعنا فى الشهور الماضية عن اجتماعات عاصفة فى قطر مع قيادات الجماعة الإرهابية ترأسها تميم نفسه لحثهم على تنشيط أعمالهم الإرهابية، وتابعنا وقرأنا عن المجموعات التى تم نقلها من سوريا والعراق إلى ليبيا تمهيدا لتسللها إلى الداخل المصرى؛ لكن هذه المحاولات فشلت نتيجة يقظة رجال القوات المسلحة والأمن المصرى، بل انكشف للعالم كله دعم هذا الأمير الخائن للإرهاب فكانت المقاطعة الرباعية التى لعبت هى الأخرى دوراً فى حصار وتجفيف -ولو جزئيا- لمصادر تمويل الإرهاب.

أمام هذا التضييق الأمنى الذى يشبه الحصار على التنظيمات والمجموعات الإرهابية، حاولت تلك التنظيمات اليائسة التركيز على تنفيذ ما يطلقون عليها العمليات الإعلامية التى تشد الانتباه العالمى، ليروجوا من خلالها أنهم موجودون ومؤثرون على خلاف الحقيقة، من هذه العمليات الإعلامية استهداف الأقباط خاصة فى العريش، مما أدى الى انتقال ما يقرب من مائتى أسرة قبطية للإقامة فىمحافظات أخرى مثل الإسماعيلية خوفا من العمليات.

كذلك حاولت هذه العناصر الإرهابية التركيز على استهداف من اعتبرتهم متعاونين مع القوات المسلحة وبطرق وحشية تصل إلى الذبح أو الحرق.

ونلاحظ فى هذه العمليات الإرهابية أيضاً استخدام أسلوب وفكر داعش فى التعامل مع أهالى سيناء مثل توزيع المنشورات الترهيبية ومن أبرزها تهديد نساء سيناء بارتداء النقاب أو استهدافهن وإقامة الحد عليهن.

لكن كل هذه المحاولات لم تنقذ التنظيم الإرهابى من الحصار الأمنى الذى كان يتزايد يوما بعد الآخر، ولم ترهب رجال سيناء فكان البديل الثانى هو الهروب من جحيم القوات إلى محافظات أخرى فى داخل الجمهورية والانضمام للعناصر الإرهابية التى تنشط فى تلك المحافظات من خلال الخلايا العنقودية لتنفيذ بعض العمليات، من أجل تخفيف الضغط عليهم فى سيناء وربما يؤكد ذلك أن بعض المحافظات شهدت خلال الشهور الماضية عددا من العمليات الإرهابية مثل الجيزة وقنا.

كما حاولت الدول الداعمة لتلك التنظيمات وتحديدا قطر وتركيا إنقاذها وتجديد دمائها من خلال تكثيف الدعم لها بكل السبل سواء الأسلحة المتطورة جدا أو العناصر الإرهابية المرتزقة التى حصلت على أعلى مستوى تدريبى وحاولوا إدخالها عبر قطاع غزة أو الحدود الغربية بجانب الدعم المادى الكبير الذى قدموه لإغراء بعض الشاردين والخارجين من السيناوية لمعاونتهم.

لكن قوة السيطرة والقبضة الأمنية وكذلك اليقظة الدائمة والجهد الذى بذلته أجهزة المعلومات التى كشفت التحركات الإرهابية كانت بالمرصاد لإفشال الكثير من هذه المحاولات حتى قبل أن تنفذ.

ليس هذا فحسب بل حاولت تلك المجموعات الإرهابية تغيير أساليب عملياتها ورغم ذلك فشلت أيضاً فى المباغتة للقوات التى أصبحت على أعلى درجة من الاحترافية فى مواجهة الإرهاب ومن هذه الأساليب الجديدة للإرهابيين محاولاتهم الاعتماد فى أغلب عملياتهم خلال العام الحالى على أسلوب الهجوم المسلح وزيادة عملياتها بهذا الشكل كبديل لأسلوب العبوات الناسفة؛ التى بدأت القوات التعامل معها بذكاء شديد إلا أن النسبة الأكبر من هذه الهجمات المسلحة فشلت بسبب يقظة رجال القوات المسلحة، فتحليل العمليات يؤكد أنه نتيجة ارتفاع القدرات القتالية للقوات انخفضت معدلات عمليات القنص من جانب الإرهابيين بنسبة كبيرة تكاد تتعدى النصف خلال ٢٠١٧، كما انخفضت معدلات قدرتهم على استهداف المدرعات والمركبات الخاصة بالقوات عن طريق الألغام والعبوات الناسفة لما يقرب من ٧٠ فى المائة.

كما انخفض معدل الاستهداف للدوريات الأمنية عن طريق العبوات الناسفة أو الهجوم المسلح بنسبة كبيرة خلال هذا العام.

بل وبسبب ضعف قدرات الإرهابيين انخفضت قدرتهم على استخدام القنابل بأكثر من ٨٠ فى المائة ففى خلال هذا العام لم تزد عمليات استخدامهم للقنابل من ٤٥ مرة فقط وهو رقم قليل جداً إذا ما قورن باستخدامهم للقنابل بالماضى.

ونتيجة اليقظة الأمنية وجهد أجهزة المعلومات أيضا انخفضت قدرة التنظيمات المسلحة على سرقة السيارات الحكومية التى كانت تستخدمها فى عمليات الهجوم المفخخ فى السابق، فخلال عام ٢٠١٦ تمت سرقة نحو عشر سيارات مقابل ٦ سيارات فقط خلال هذا العام والشهور الأخيرة تحديدا انخفضت فيها السرقة بشكل كبير.

كل هذه الأرقام إن دلت فإنما تدل على أمر واحد هو أن الإرهاب فى سيناء ليس كما بدأ قبل ٤ سنوات بل أصبح أضعف بكثير، وليس هذا الضعف ناتجا عن قلة الدعم الذى يأتى إليه من الخارج فالدعم لا يتوقف، وإنما بسبب قوة السيطرة التى حققتها القوات باحترافية على سيناء ونجاحها فى حصار الإرهابيين فى أضيق نطاق إضافة إلى العمليات الناجحة والمداهمات التى تنفذها قوات الجيش والشرطة دون توقف ليل نهار لأوكار الإرهابيين والبؤر التكفيرية، والأهم قدرة القوات المسلحة على التواصل مع أبناء سيناء المخلصين وإدراكهم أن الإرهاب خطر عليهم فى الأساس.

فرجال الجيش وإخوانهم من الشرطة إن كانوا يحاربون أشباحا، إلا أنهم وبفعل العقيدة القتالية الواضحة وجسارة المقاتل المصرى وإبداعه فى الاستفادة من العمليات يوماً بعد يوم، وكذلك كفاءة القيادة ومهارتها فى إدارة المعركة ودقة المعلومات التى توفرها الأجهزة المختصة والقدرة على ترجمتها إلى خطط تنفذ على الأرض، كل هذه الأمور كانت سبباً فى التفوق.

يقينا الإرهاب يتهاوى، صحيح أنه لم يمُت لأنه لم يمت فى أى دولة ومن ينظر لأكبر دول العالم من أمريكا إلى فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فسيتأكد أن الإرهاب موجود فيها وبقوة، لكنه فى سيناء رغم ما يناله من دعم ضخم من دول متآمرة وأجهزة مخابرات تغدق عليهم تدريبا وتخطيطا وتسليحا؛ إلا أن الإرهابيين لا يستطيعون فرض إرادتهم ولن يستطيعوا لأنهم فى مواجهة خير أجناد الأرض الذين حرروا سيناء من الاحتلال الإسرائيلى فى حرب أبهرت العالم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣, وهم الآن وبجيل جديد من المقاتلين الأكفاء يواصلون حرب القضاء على الإرهاب بنجاح يبهر العالم من جديد بسبب الاحترافية العالية والتعاون المتميز بين كل أفرع واسلحة القوات المسلحة من قوات خاصة وحرس حدود وقوات جوية وبحرية وأجهزة معلومات بل والتعاون العالى جداً بين الجيش والشرطة فى منظومة ستدرس يوماً فى العالم بمعرفة كيفية مواجهة الإرهاب تحت مسمى «التجربة المصرية».

والأهم فى هذه التجربة أنها لا تقتصر فقط على المواجهة الأمنية، وانما تواكب معها حربا أخرى تنموية تقودها الدولة وتحت إشراف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسى، تنمية تشمل كل جوانب الحياة وكل المناطق دون تميز من شق الأنفاق والطرق وإقامة المصانع وتشجيع الاستثمار واستصلاح الأراضى.

ومن أجل رفع معدلات التنمية ومستوى لمعيشة لأهالى سيناء اقتصادياً تعليمياً وصحياً ولأهمية هذه الأركان تم تشكيل لجنة رئاسية يترأسها المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس لمتابعة كل خطوات التنمية فى سيناء لتعويض أهلها من عقود التهميش

فبعد عقود من التهميش فى سيناء، يجد أهالى هذه البقعة العزيزة من أرض مصر، رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى يؤكد - ويكرر التأكيد عدة مرات - أن سيناء هى مشروع مصر القادم.. ليس فقط بمنطق استغلال ثرواتها، وإنما - وهو الأهم - تعويض أهلها عن عقود من الحرمان التنموى، وتوجيه ضربة قاضية للإرهاب الذى يستغل الفقر والجهل ليغسل عقول الشباب الأبرياء ويجندهم فى صفوفه.. هذا ما أعلنه الرئيس، سيناء لن تغيب عن خارطة التنمية المصرية مرة أخرى.

ولا يخلو اجتماع للرئيس السيسى مع أسرة مصرية أو مجموعة من المفكرين والمثقفين من (سيناء) والتنمية فيها، القضية عند الرئيس ليست المواجهة المسلحة فقط ضد من يحملون السلاح فى وجه الدولة ويروعون الآمنين، بل هى أكبر - كثيراً - من هذا.. القضية هى: كيف نحول المجتمع السيناوى - الذى أصبح بيئة حاضنة للإرهاب - إلى مجتمع حضارى تنموى يستوعب الشباب ويخلق فرصعمل لهم، كيف نسد الأبواب فى وجه أية محاولات للجماعات الإرهابية لاستقطاب الشباب والتغرير بعقولهم..؟!

تلك هى المسألة التى تشغل خاطر الرئيس كما يتضح من كلماته، وهذا - فى الحقيقة - تكليف لكل أجهزة الدولة، وهو التكليف الذى نرى أنه تحول إلى استراتيجية عمل للدولة، تهدف إلى استرداد سيناء وشبابها وأهلها من براثن هذا الخطر الداهم.

وإذا كانت سيناء قد تحررت بدماء الشهداء من الاحتلال الإسرائيلى البغيض، وإذا كانت - الآن - تطهر من الإرهابيين بدماء شهداء قواتنا المسلحة - درع الدولة وسيفها والوتد القائم فيها ومنعها من محاولات إسقاطها فى السابق - فإنها تشهد الآن، بالتوازى معركة حقيقية من أجل الحياة اسمها «معركة التنمية».

فضلاً عن لجنة المهندس محلب - التى ذكرناها، والتى تجتمع بصفة أسبوعية - فقد تمكنت د. سحر نصر وزيرة الاستثمار من جلب مليارات الدولارات عبر نشاطها المكثف والملموس دعماً لمشروعات التنمية المرتقبة لسيناء.. فضلاً عن حركة واسعة لنشر دعائم التنمية فى أرض الفيروز، تمثلت فى الأنفاق التى تربط سيناء بالوادى عبر قناة السويس والتى يوشك العمل فيها على الانتهاء قريباً، ومشروعات الرخام، وبناء المدارس والمستشفيات وشق الطرق من وإلى سيناء، هذه البنية الأساسية غابت عن سيناء منذ تحريرها إلى الآن إلا فى حالات نادرة، التنمية الآن ليست - أو لم تعد - قاصرة على المناطق السياحية فيها كما كانت فى الماضى، بل اتسعت لتشمل عموم أرض سيناء شمالاً ووسطاً وجنوباً.

ربما لا يسمع القارئ أو يشاهد على الشاشات التليفزيونية هذه الأيام عن سيناء سوى أنباء الحرب ضد الإرهاب، لكن هناك حرباً حقيقية تدور رحاها هناك من أجل التنمية، لكن مع الأسف.. نادراً ما تهتم وسائل الإعلام ببث هذه الأخبار المفرحة الآتية من أرض الفيروز..!

إنها الدولة المصرية التى قررت ألا تترك سيناء مطمعاً بعد اليوم، ستطهر من الإرهاب وستعمر لتكون هى بوابة الخير لمصر المستقبل.