أكد اقتصاديون وممثلو الأحزاب بلجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني أن التضخم يُصدِّر واقعا غير حقيقي عن الدولة وما حققته من تنمية، مشيرين إلى أن تطوير الصناعة والصادرات وتغيير أنماط الاستهلاك ومكافحة الاحتكار على رأس عوامل مكافحة التضخم.
جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية الخاصة بلجنة التضخم وغلاء الأسعار المندرجة تحت المحور الاقتصادي المنعقدة اليوم/الثلاثاء/؛ لمناقشة مصادر ارتفاع الأسعار وسبب مواجهتها لتقليل العبء على المواطن.
وأكد النائب محمد عبد الحميد وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن الأسباب كثيرة لحالة التضخم في مصر خلال الفترة الأخيرة وخاصة على مستوى عدم الرقابة الحقيقية على الأسعار مما دعا لهذه الحالة من الارتفاع غير المبرر للأسعار وبصورة غير متوازنة مع تصدير واقع غير سوي بشأن وضع الاقتصاد المصري.
وشدد النائب على أهمية طرح عدد من الإجراءات لمعالجة هذه الإشكاليات وعلى رأسها ملف أطروحات الشركات لتوفير العملة الصعبة، وتقديم التسهيلات الاستثمارية اللازمة في كافة القطاعات وخاصة تكنولوجيا المعلومات للمستثمرين المحليين والأجانب، مع دعم الصادات ومنح حوافز تصديرية حقيقية، ودمج هيئة الرقابة على الصادرات مع هيئة تنمية الصادرات وتطوير مفهوم تطوير الصناعة ليشمل التعليم والصحة وغيرها.
ولفت إلى أهمية أن نكون أمام إطار حاكم لحركة السلعة من المنتج حتى المستهلك بجانب واقع جديد لبيئة مدخلات الإنتاج بما يدعم تصنيعها محليا وأيضا أهمية تحقيق الرشد الاستهلاكي لدى فئات المجتمع المختلفة بتنظيم حملات توعية وتطوير مناهج تعليمية حول سبل الادخار والانفاق.
وأوصى أيضا بتطوير آلية تتبع لمؤشرات أداء الاقتصاد واتخاذ الإجراءات التصحيحية، وكذلك اتخاذ مزيد من الخطوات نحو الشمول المالي الكلي وتعظيم قاعدة المجتمع الضريبي وتقليل الاقتراض وزيادة الاستثمار الحكومي بالتعاون مع القطاع الخاص، وتحقيق التناغم اليومي بين السياسات النقدية والمالية، وتطوير آليات مصرفية ونقدية جاذبة للمصريين بالخارج، ومنع الممارسات الاحتكارية وتشجيع المنافسة، وتطوير وثيقة سياسة ملكية الدولة.
من جانبها، قالت ريهام الدسوقي استشاري الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي، إن نسب التضخم تعتمد على العرض والطلب والمعلومات التي تحدد توقعات المستهلكين.
وأضافت أن التعويل على البنك المركزي وحده في حل المشكلة هي نظرة قاصرة، نظرا لأن الاقتصاد يعتمد في جزء كبير منه على التعاملات النقدية المباشرة مما يكبل يد صانعي القرار.
ومن الناحية المعلوماتية، أكدت أنه ينبغي التعرف على معدل التضخم الحقيقي من خلال معرفة الدخول الحقيقية، ومنها ما ينتج عن المشروعات متناهية الصغر، لتتبع نسب الإنفاق.
وأوصت أيضا بالتعرف على مستوى التحكم والاحتكار الذي يمارسه التجار، مقترحة بناء قاعدة بيانات حول المحاصيل الزراعية المحلية والمستورد منها، وخفض الجمارك على السلع الأساسية المستوردة، وتشجيع المنافسة، وإنشاء نقاط لوجستية لنقل البضائع وتخزينها لتقليل التكاليف.
بدوره، قال عبد الفتاح زكريا الديب ممثل عن حزب الحرية، إنه ينبغي التركيز على محدودي الدخل عند حل مشكلة التضخم، وزيادة الوعي المجتمعي للطبقات المتوسطة والفقيرة حول ظاهرة الغلاء والتضخم.
وأضاف أن التضخم نتاج الفجوة الكبيرة بين الدخول والمصروفات وتغيير سعر الصرف والزيادة السكانية، واقترح تنشيط الاقتصاد المحلي ووضع كود رقابي لجميع السلع لضبط الأسعار.
من جانبها.. دعت مروة نصر ممثلة عن حزب حماة وطن، إلى طرح استراتيجية واضحة وممنهجة لاستيراد السلع المستخدمة كمواد خام في الإنتاج والسلع الأساسية لوضع خريطة واضحة للصناعة ووضع أسعار وفق رؤية واضح، بجانب إلزام المنتجين بوضع الأسعار على السلع في محاولة لدفع التجار لتقليل هامش الربح
واقترحت أيضا بدء العمل بشكل كامل بالفاتورة الإلكترونية على مستوى جميع الأنشطة لكبح تحكم المنتجين في الأسعار، وفتح باب الاستيراد بنسبة تمنع سحب العملة الأجنبية وفي نفس الوقت تخفض الأسعار.
واقترح فرج عبد الله محمد الخبير الاقتصادي عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، صياغة مؤشر تضخم ككل من خلال استقصاء واضح، مع دراسة أثر القرارات الإدارية المتعلقة بالواردات الصادرة عن الجمارك والضرائب ووزارتي المالية والتجارة على التضخم، وتفعيل دور البورصة السلعية في تقدير القيمة الفعلية للسلع، واستحداث آلية رقمية لتعويض فجوة العملات الأجنبية القادمة من الخارج والمتداولة خارج القنوات المصرفية الرسمية والمقدرة بنحو ٥ مليارات دولار، وتحفيز المجمعات الإنتاجية للعمل بشكل غير تقليدي.
من جانبه.. دعا محمد محرم ممثل حزب النور، إلى التركيز على علاج الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد بتطوير الزراعة وتوطين الصناعات المحلية وفتح الباب أمام التصدير وتحقيق الاكتفاء المحلي، واتباع سياسيات فاعلة في الأجور، وإيجاد سبل لتدبير العملة الأجنبية، وتفعيل جهاز حماية المستهلك والالتزام بقرارات إعلان الأسعار والصادر لها قرارات وزارية، وتبني خطاب رسمي موحد بشأن الضرائب والصناعة والصادرات والاستيراد.
في حين اقترحت غادة طلعت ممثلة حزب مصر أكتوبر، ضخ سيولة في الأسواق وتخفيف ضريبة القيمة المضافة لرفع لقوة الشرائية، وخفض سعر الفائدة وإنشاء مركز إنذار المبكر للكشف عن الأزمات المالية سواء العالمية أو غيرها.
من جانبه، أكد حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمحلس النواب السابق، أننا بحاجة لوضع سياسات اقتصادية كلية واضحة ورفع الوعي لتغيير أنماط الاستهلاك لبعض فئات المجتمع وتقليل الزيادة السكانية وقيام أنشطة حقيقية مثل السياحة بأنواعها تكون مصادر دخل ثابتة للدولار ، والحساب الدقيق لتحديد التكلفة المناسبة لما تقدمه الدولة من خدمات مثل التعليم والصحة وغيرها، مع إعادة النظر في قنوات التوزيع الكثيرة بين المنتج والمستهلك، وإعادة النظر في دور الدولة كمنظم للنشاط الاقتصادي وتفعيله، على سبيل المثال إيجارات الوحدات السكنية حتى لا يكون تحديدها جزافيا، وتطوير هيكل الصناعة والصادرات حتى لا نصدر المواد الخام ثم نستوردها في صورة منتجات عالية التكاليف.