الخميس 9 مايو 2024

زلزال الأخبار الكاذبة

مقالات10-9-2023 | 17:18

لا شك أن الزلزال المدمر الذي ضرب  إقليم الحوز في المغرب مؤثر ومؤلم، ولا تقف إثارة السلبية عند حدود الخسائر البشرية والمادية الكبيرتين، لان الجراح التي تخلفها مثل هذه الفاجعة ومثيلاتها غائرة ووقعها على الجانب النفسي كبير جدا..المؤسف حقا هو ان يجري استغلال الوضع من أجل الكسب عبر زلزال الرعب المتمثل في ترويج الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإڜاعة الفزع في اوساط المواطنين والمقيمين  لتحقيق مكاسب تبقى زهيدة مقابل طمأنينة الوطن وبني البشر في كل البقاع.

 اطلق البعض العنان لخيالة المريض وشرع في عد ما يمكن ان يحققه من أرباح مالية عبر نشر الأخبار الزائفة لحصد أعلى نسب المتابعة، متجردا من كل احساس بشري، مستغلا حاجة الناس الملحة لاخبار تساعدهم على فهم فهم ما جرى وحدود المناطق التي تضررت وحجم الخسائر البشرية وغيرها.

فقبل أن ينطلق عداد إحصاء الآلاف الذين فقدناهم، ولا نقول الا ما يرضي الله أطلق نتيجة الاخبار الزاىفة قضى كثير من المواطنين ما تبقى من يوم الجمعة والساعات الأولى من يوم السبت في العراء، رغم أن اغلبهم لم يكن في المناطق القريبة من بؤرة الزلزال المدمر. 

كان من الطبيعي ألا يغامر الانسان المحب للحياة بطبعه بالعودة إلى البيت بعد مغادرته وهو يطلع على تنبؤات منجمين الكترونيين يتحدثون عن هزات مع تحديد التوقيت، في زمن الخوف الناتج عن الفاجعة، لم تكن للمرء القدرة على التمييز بين الجد والهزل لسبيين  الأول عدم تصوره وجود انسان حقيقي تسمح له نفسه بافزاع الناس من أجل دراهم قد لا تسعفه الظروف بالحصول عليها، وان حصل عليها كيف يسمح لنفسه ان يقتات بطعام ملوث بالدم وارهاب الناس، ثانيا الحاجة الملحة لمعرفة الجديد أفقدت الناس التركيز، فلم تكن لهم القدرة للاستفسار هل المصدر موثوق، وتحكيم العقل عبر التساؤل كيف يمكن لمن لم يتنبأ بالهزتين الأولى والثانية أن يتنبأ بهزات مقبلة؟. .      

مع مرور الوقت وصدور أول بيان رسمي أسقط أيدي ذئاب  وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقتات من لحوم ودماء الاحياء والاموات، اذ جرى اخراج عموم الناس من عتمة التضليل الى شمس الحقيقة وان كانت مؤلمة.
البلاد تحصي خسائرها والمواطن يتلقى اخبار الرزء الفادح الذي لا رد لقضاء الله فيه، والناس رغم النفسية المهزوزة لم يتركوا من الانسان الساكن فيهم وهبوا للمساعدة بالطعام والاغطية والملابس والدم، وعبر اطلاق  حملات المطالبة بالتبرع بالدم والتي كان التجاوب معها مثلما فضحت الحقيقة المؤلمة مروجي الاخبار الزاىفة كشفت عن المعدن الاصيل للانسان المغربي الطيب.

 والاكيد أن حملة التضامن الدولي الواسعة هي نتيجة المواقف الإنسانية النبيلة للمملكة المغربية، التي لها يد بيضاء عابرة القارات، فأينما كان على وجه الارض ما يستوجب التدخل من أجل الدعم تهب القوات المسلحة  الملكية المغربية بأوامر سامية من قائدها جلالة الملك  محمد السادس الدعم عبر اقامة مستشفيات ميدانية وتقديم المساعدة متعددة الأشكال لمن يستحق.
طبيعي ان يعتصر القلب ألما ونحن نتطلع على أعداد من  فقدتها ومن يجري البحث عنهم، والذين فقدوا مساكنهم وكل ما يملكون، لكن وفي عز هذه الأزمة يشعر المرء بالفخر لأن ما حدث كشف المكانة الحقيقية للمغرب وكشف معادن الناس، والهواء لمن كانوا وراء زلزال الاخبار الكاذبة. 

صحافي مغربي

Egypt Air