شهد شهر سبتمبر مرور ذكرتين، وهما ميلاد ووفاة الفنان الكبير فؤاد المهندس (6 سبتمبر 1924 – 16 سبتمبر 2006) الذي تبع رحيله عن عالمنا خسارة كبيرة لعالم الفن، ولكن ذكرياته وأعماله ستظل خالدة في وجدان الفن المصري وستستمر في إلهام الجماهير، خاصةً ارتباطه فنيا وعاطفيا بالفنانة الكبيرة شويكار.

شكل فؤاد المهندس وشويكار ثنائيا لامعا في عالم السينما والمسرح المصري، حيث تعاونا معًا في الكثير من الأعمال الفنية التي لاقت شهرة واسعة ونجاحا كبيرًا، وأبدعا في تقديم الشخصيات المؤثرة والقصص المشوقة.

تميز فؤاد المهندس وشويكار بأداءهما القوي والمؤثر، وقدرتهما على إحياء الشخصيات بطريقة مميزة وملهمة.. كانت أعمالهما تعكس الواقع المجتمعي وتطرح قضايا اجتماعية هامة بطريقة فنية راقية وبصورة كوميدية أحبها الجمهور وأشاد بها النقاد.

ورغم رحيل فؤاد المهندس وشويكارعن عالمنا، إلا أن الثنائي لا يزال يعتبر رمزًا للتمثيل المتقن والفن الجميل.. تركا إرثًا فنيًا لا يُنسى وأثرًا كبيرًا في عالم السينما المصرية.

حوار نادر لفؤاد المهندس بمجلة الكواكب

وأجرت مجلة الكواكب في 14 ديسمبر 1971م، حوارًا مع الفنان الكبير فؤاد المهندس، ودار الحوار حول ارتباطه فنيا بالنجمة شويكار وخاصة في المسرح، وهل يستطيع فؤاد المهندس أن يعمل دونها؟ ومدى تأثير شويكار عليه فنيا وهل تستحق أن تكون توأمه المسرحي المتلاصق دائمًا؟ فماذا كان رأي النجم الكبير الراحل في دور شويكار بحياته الفنية؟

*فؤاد المهندس على المسرح في نظر غالبية المتفرجين هو تؤام شويكار، لا مجرد البطل الذي اعتاد المتفرجون رؤيته معها أو رؤيتها معه في كل مسرحية.. ولهذا يتساءل الجمهور الآن: هل يستطيع فؤاد أو شويكار أن يظهر على المسرح بدون زميله أو توأمه؟

الإجابة عن هذا السؤال الذي يبدو محرجا - وقد لا يكون فيه أي حرج - يتولاها هنا فؤاد المهندس وبكل صراحة..

يقول فؤاد وكأنه كان يتوقع السؤال:

** طبعا أستطيع أن أعمل بدون شويكار، ولكن المهم نوعية العمل الذي أقوم به بدونها، فقد قدمت بالفعل أعمالا كثيرة لم تظهر فيها شويكار.. مثلا: قدمت أعمالا مع سعاد حسني ونادية لطفي، ولكن هذا في السينما لا في المسرح لأن طريق السينما يختلف عن طريق المسرح.. وقد حدث نفس الشيء لشويكار فقد مثلت مع غيري في السينما ونجحت كما نجحت أنا والحمدلله.. وفي هذا الموسم لي أفلام كثيرة ظهرت فيها مع غير شويكار، وأفلام أيضًا لشويكار تظهر فيها مع غيري..

 

*وماذا عن المسرح؟

**الأمر كما قلت لك يختلف تماما لأسباب تتعلق بطريقة العمل في المسرح وخاصة في مرحلته الفنية التاريخية الحاضرة التي يكاد المسرح المصري يؤسس فيها من جديد.

ومن مظاهر هذه المرحلة الفنية المسرحية قيام «مدارس» مسرحية متنوعة وبخاصة في المسرح الكوميدي ولا أعني المدارس التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم طبعا ولكن اعني المدارس الفنية، ومن مميزات هذه المدارس الفنية التي أصبحت ثابتة ومحبوبة من الجمهور وجود ثنائيات وثلاثيات فنية يجمع كل منها وجهين أو أكثر.

*ولكن شويكار هي بطلتك الدائمة على المسرح؟!

**وليه لأ؟!.. إن «البطلة الدائمة» هي التي تكون على المسرح بمثابة التوأم للبطل هي أيضًا ميزة وسمة خاصة من سمات المرحلة الفنية الحاضرة، بل هي إحدى السمات التي كانت تنجح دائمًا على المسرح في كل الظروف.. ولنتذكر مثلانجيب الريحاني وبطلاته.. هل فكر الريحاني في تغيير ميمي وزوز شكيب وماري منيب لمجرد أن يقال أن الريحاني قادر على الظهور بمفرده؟!

 

*وكيف تكون البطلة المسرحية المثالية في رأيك؟!

**حلوة، ذكية، لماحة، جيدة الحفظ، خفيفة الظل.. تتمتع بقوة الحضور المسرحي والتأثير في المتفرج.. وقبل كل شيء تكون موهوبة في التمثيل فلا تكون مجرد دمية تتحرك آليًا.

 

*وما هي النسبة المئوية التي تتمتع بها شويكار من هذه المجموعة الكبيرة من المزايا؟!

** مائة في المائة..

 

*وبدون مجاملة ومحاباة؟!

**برضه مائة في المائة.. وأحلف كمان إن كان الحلفان ضروري!..

 

*هل معنى ذلك أنك لا تعمل مع أي بطلة أخرى على المسرح غير شويكار؟

**ممكن طبعا أن أعمل مع بطلة تتوفر لها المزايا اللي هي مائة في المائة بالتمام والكمال.. ولكن هذه المزايا - بصراحة - لا تتوافر إلا في شويكار.

 

* ألم تفكر أبدا في الظهور على المسرح مع بطلة أخرى غير شويكار؟!

**وعلشان إيه أفكر في كدا؟!

 

*يقول بعض النقاد أنك صانع شويكار على المسرح.. فماذا تقول أنت؟!

**الحقيقة أن أحدا لا يستطيع أن يصنع ممثلة أو ممثلا.. فالموهبة هي التي تصنع صاحبها أو تصنع صاحبتها.. وشويكار موهوبة كما يعترف بذلك الجميع.. ودوري لا يزيد على أنني أعطيها التجربة والممارسة والتوجيه فقط.

 

*هل كنت تعرف شويكار قبل عملك معها أو عملها معك على المسرح لأول مرة؟!

**لا.. كنت أعرفها من بعيد، ولما بدأنا نشتغل في مسرحية «السكرتير الفني» بمسرح التليفزيون في بداية الستينات رشحها السيد بدير للمسرحية وكان وقتها مشرفا على مسارح التليفزيون.. ونجحت طبعا نجاحا كبيرا.. فلما بدأنا تحضير مسرحية «أنا وهي وهو» رشحتها أنا وعبدالمنعم مدبولي بدون تردد.. ونجحت شويكار ونجحت المسرحية النجاح الذي يعرفه الجمهور..

 

*وبعدين؟!

**بعدين بقى حصلت المسائل إياها: الحب والزواج.

*وهل تعتقد أنه لا يد لكل فرقة مسرحية من بطلة على غرار شويكار؟!

**كل المسارح - عام وخاص - تبحث عن فتاة حلوة وبها ميزات.. مثلا.. ثلاثي أضواء المسرح بحث فوجد صفاء أبو السعود.. فرقة نجيب الريحاني وجدت ليلى طاهر.. فرقة المتحدين عندها سهير البابلي.. الهنيدي عنده زيزي مصطفى.. محمد عوض مازال يبحث عن ممثلة حلوة ممتازة.. إلخ.

 

*هذا كله يؤكد ارتباطك فوق المسرح ببطلتك شويكار؟!

**نعم.. ووجهة نظري في هذا واضحة.

 

*لنفرض أنك اضطررت إلى الوقوف على المسرح بدونها لأي سبب من الأسباب؟!

**أعتقد أن هذا لن يحدث بإذن الله.. إحنا زوجان في الحياة وبطلان على المسرح دائمًا.. وقتها سيجدني جمهوري في حالة بحث عن جديد، لأن مسرحي - كما سبق إن قلت - يحتاج إلى ممثلة من نوع خاص، ولها مواصفات شويكار المسرحية، وهي مواصفات لا يمكن أن تتكرر بسهولة..

 

*وفكر فؤاد المهندس قليلا قبل أن ينتقل إلى نقطة هامة من وجهة نظره وقال:

** كل ما أريد أن أوضحه أن أساس نجاحي بشويكار أو بدونها ليس في حد ذاته هو المشكلة.. ولكن المشكلة الأساسية هي: هل أنا فنان أو لا؟!

 

*وفي الإذاعة.. كيف حالك مع شويكار؟!

**في الإذاعة الأمر يختلف، فالتمثيليات الإذاعية تؤلف خصيصا لي ولها بالذات، أي لنا نحن الإثنين لا لغيرنا، فلا يمكن تقديم هذه الإذاعيات بغير شويكار وفؤاد المهندس معًا.

 

*وآخر أعمالكما المسرحية؟

**بدأنا الشركة الجديدة أنا ومحمد عوض وشويكار وصلاح يسري مدير الفرقة الكوميدية المصرية.. وكانت أول أعمالنا «نجمة الفاتنة».. وسنقدم بعد حوالي ثلاثة أشهر مسرحية «هالو دولي» المأخوذة عن إحدى المسرحيات الأمريكية الشهيرة.. تقوم شويكار بدور «الخاطبة» وأقوم أنا بدور رجل بخيل جدا، و«عوض» يقوم بدور مساعد البخيل.. زسيخرجها نور الدمرداش.

 

**ويختتم فؤاد حديثه قائلا:

**أريد أن أقول أن المنتج أو المخرج أو صاحب الفرقة المسرحية يبحث دائمًا عن ممثل كوميدي ناجح وممثلة كوميدية ناجحة ولهما معا اسم وجاذبية للجمهور، فإذا كانت هذه المواصفات أساسية في شخصي الضعيف وفي شويكار فمن الطبيعي تماما أن نعمل سويا وننجح معا.