السبت 1 يونيو 2024

"الهلال اليوم" تفضح أركان تنظيم الإخوان الخمسة"..وكيف حولوا الجهاد إلى سهام لقلب الأمة

6-10-2017 | 22:57

 محمد يسري

بتدعت الجماعة الإرهابية تصنيفا غير مسبوق في أركان الدين الإسلامي، واستخدمت تقسيمات ما أنزل الله بها من سلطان، ولا ثبتت في كتاب ولا سنة، ومنها الأركان الخمسة الرئيسية التي تعلنها الجماعة كأصول لمنهجها وطريقتها ويمكن أن نطلق عليها بكل سهولة اسم "أركان الإخوان الخمسة" وهي : (الله غايتنا، الرسول زعيمنا، القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا، الموت في سبيل الله أسمى أمانينا). وتلك هي الشعارات التي يرفعها التظيم لخداع البسطاء من أجل الانضمام إليه وهي شعارات- كما ترى- ظاهرها براق، ولكن في الحقيقة تتضمن ما يناقضها تماما.

وبعد تطاول أعضاء الجماعة على حرب أكتوبر المجيدة التي تمثلت فيها جميع أركان الجهاد الشرعي الذي أوجبه الله تعالى على المسلمين لحفظ الأرض والعرض والدين.. تكشف "الهلال اليوم" في السطور التالية، كيف حرف التنظيم الإرهابي مفهوم (الجهاد) في الركن الرابع من أركانه "الجهاد سبيلنا"، وكيف تم استبداله إلى سهام موجهة إلى قلب الأمة الإسلامية، في تحريف ظاهر لنصوص الشرع. ا

لثابت والمعروف أن الجهاد لا يكون إلا بشروط وضوابط، أهمها أن يكون تحت راية الدولة، وجيشها الرسمي بإذن الإمام أي الحاكم كما كانت الحال في حرب أكتوبر، أما إذا انفردت جماعة أو أفراد بذلك تحولت إلى فئة باغية يجب على الحاكم قتالها، والسؤال الآن كيف تحول الجهاد في فكر الجماعات الإرهابية من فريضة إسلامية لها ضوابطها وأحكامها إلى تلك الصورة الدموية الموجودة الآن؟ البداية التكفير ومن المعروف أيضا أن ابتداع أو تحريف في دين الله لابد أن يجر إلى ما هو أوسع منه، ومن ذلك ما فعلته الجماعات الإرهابية في الوصول إلى تحريف معنى الجهاد وتفريغه من مضمونه.

بدأ تحريف معنى الجهاد بتحريف معنى الإيمان، والكفر، وهو أول خلاف ظهر في تاريخ المسلمين، ومازالت جميع الفرق المنحرفة إلى اليوم، تستمد وجودها من هذا الخلاف، وفي عصرنا الحديث ابتلانا الله بمن حمل لواء التكفير وصدره لأتباعه، الذين شكلوا فيما بعد جماعات وخلايا يكفر بعضها بعضا، بعد أن كفروا المجتمعات المسلمة، والثابت أن تشكيل أي جماعة لا يتم إلا لأن أتباعها يكفرون غيرهم ولا يرون الإسلام إلا باتباع طريقتهم التي تمثل الإسلام من وجهة نظرهم، وقد ظهرت جماعة الإخوان على اعتبار أنها تمثل الإسلام، وأن الدولة الإسلامية الشرعية لا تقوم إلا باتباعها فسلبت الدولة شرعيتها وحلت محلها وكان مرشد الجماعة هو المطاع دون الحكام المسلمين.

وضع حسن البنا في مجموع الرسائل عنوانا بارزا لأحد المباحث التي يخاطب فيها الشباب تحت عنوان: (دعوة الإخوان المسلمين، أو دعوة الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري)، اذن فقد أصبحت جماعة الإخوان هي الممثل الرسمي للإسلام وما دون ذلك فقد خرج عن الدين الصحيح. ثم انبرى أتباع وشراح منهج البنا لتنفيذ هذا الأفكار الباطلة وتثبيت دعائمها وترجمتها على أرض الواقع، فقال أبو الأعلى المودودي: في كتابه "منهاج الانقلاب الإسلامي": "الإسلام فكرة انقلابية ومنهاج انقلابي يريد أن يهدم نظام العالم السياسي بأسره، ويؤسس بنيانه من جديد حسب فكرته ومنهاجه العلمي"، وبالطبع هذا المنهاج هو منهاج جماعة الإخوان التي تمثل الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري حسب مؤسسها حسن البنا، لأن ما دون هذه الفكرة مجتمعات كافرة خرجت عن الإسلام.

ثم يعلن ذلك بكل وضوح سيد قطب في كتابه "معالم على الطريق" الذي أكد عدد من الباحثين والمقربين منه أن الكتاب لم يكن من وضعه وحده، بل اشترك معه غيره من قادة الجماعة، فيقول: " نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم. كل ما حولنا جاهلية، تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم. حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيرا إسلاميًا، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية" وهكذا أصبحت أرض المسلمين ديار كفر، وحكامها كافرين، محاربين للدين معطلين لدعوة الحق- المزعومة- وهي دعوة الإسلام في القرن الرابع عشر، وبالتالي فقد بات الجهاد ضد هذه المجتمعات أمرا واجبا- من وجهة نظر هذه الجماعات المنحرفة- التي أخذت مكان الدولة الشرعية، وأنزلت أحكام الدولة عليها وأضفت على أمير الجماعة أو مرشدها صفات الحاكم الشرعي البديل للحاكم القائم في أي دولة تظهر فيها، فإذا ما أطلق أمير الجماعة نفير الجهاد فعلى الجميع السمع والطاعة،

وقد صرح قادة الجماعات التكفيرية المنبثقة عن فكر مؤسس جماعة الإخوان وأبو الأعلى المودودي وسيد قطب بتكفير الجيوش الإسلامية التي تحارب الأعداء وتزود عن أرض الوطن، فقال شكري مصطفي زعيم تنظيم التكفير والهجرة الذي اغتال الشيخ الدهبي وزير الأوقاف الأسبق في تحقيقات النيابة حول هذه القضية: " إذا اقتضى الأمر دخول اليهود أو غيرهم فإن الحركة حينئذ ينبغي ألا تبنى على القتال في صفوف الجيش المصري وإنما الهرب إلى أي مكان آمن.. أن خطتنا هي الفرار من العدو الوافد تماما كالفرار من العدو المحلي وليس مواجهته" ثم دعا أتباع الجماعة إلى إفساد أسلحتهم إذا أجبروا على القتال داخل الجيش. وبالتالي فقد ساوت تلك الجماعات بين الجيوش الإسلامية التي تجاهد في سبيل الله تعالى والتي تتوافق مع ضوابط الشرع مع جيوش اليهود والصهاينة في عدم جواز المشاركة فيها بل وقتالها لعدم الاعتراف بشرعيتها، ودعت أتباعها إلى الجهاد ضدها، واغتيال قياداتها، ووضعت الأحكام لمن قتلوه من المدنيين خلال تنفيذ عملياتهم الإرهابية ضد الحكام بحسب أهوائهم، وحرفت كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في إنزال آيات الجهاد وتفسيراتها في كتب التراث على واقع تلك الجماعات باعتبارها الممثل الشرعي لإقامة الدين.

وبهذا فإن تحريف مفهوم الجهاد أو القتال المشروع وقت الحروب عند هذه الجماعات يعد نتيجة طبيعة لتحريف سابق ضارب بجذوره إلى أول خلاف ظهر في تاريخ الإسلام وهو قضية الكفر والإيمان التي بدأت على يد الخوارج الأوائل في حكم مرتكب الكبيرة. ولتقويض هذا هذا الفهم الخاطيء لابد من الرجوع إلى المنابع الأولى للإسلام التي تعالج هذه القضية الخطيرة من جانبين، وهما نقض فكرة تكفير الحكام والشعوب لمجرد ارتكاب المعاصي التي لا تخلو منها نفس بشرية، بل هي من السمات الأساسية للبشر الذين تدور حياتهم بين الطاعة والمعصية، وفي ذلك فقد ذكر الإمام البيهقي في كتابه مناقب الإمام الشافعي الجزء الأول صفحة 393، أنه قال: " ولو كان هذا الإيمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة، لم يكن لاحد فيه فضل، واستوى الناس، وبطل التفضيل ،ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الإيمان، تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله في الجنة وبالنقصان من الإيمان دخل المفرطون النار". وبهذا النص للإمام الشافعي- رحمه الله- فقد انتقض الأصل الأول لمن كفروا الجيوش والحكام، وحرفوا الجهاد مفهوم الجهاد من المشاركة مع الجيوش الإسلامية تحت راية الإمام أو الحاكم لأن لديهم أخطاء في الحكم أو معاصي ومخالفات شرعية. وبالتالي أوجبوا الجهاد ضدهم وعدم إطاعة أوامرهم.