على مدار ما يزيد من خمسين عاما، ظلت العلاقات المصرية الإماراتية نموذجا للعلاقات العربية وجمعت البلدين روابط قوية على كافة المستويات، فيما شهدت طفرة قوية خلال السنوات العشر الماضية، مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم.
وترتكز العلاقات المصرية الإماراتية على الوعي والفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها وتشهدها المنطقة، واحتفلت البلدان العام الماضي بذكرى مرور خمسين عاما على العلاقات بينهما.
ويجري الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم زيارة إلى الإمارات العربية الشقيقة، يلتقي خلالها مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين، فضلاً عن التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والأزمات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خلال المرحلة الراهنة.
تاريخ العلاقات المصرية الإماراتية
كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وسارعت إلى الاعتراف بها فور إعلانها، ودعمتها دوليًا وإقليمًيا باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب، كما استندت العلاقات بين البلدين إلى أسس الشراكة الاستراتيجية منذ ذلك التاريخ .
وسبق البداية الرسمية للعلاقات، روابط تاريخية بين البلدين منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والشيخ زايد آل نهيان؛ حيث أيد عبد الناصر حلم الشيخ زايد في اتحاد السبع إمارات معًا لتصبح الإمارات العربية المتحدة، وقدَّم له بعثات من المدرسين والمهندسين والأطباء، وكان «عبد الرحمن حسنين مخلوف» هو الرجل الذي خطَّط البنية التحتية لأبو ظبي.
وكان للشيخ زايد أيضا دورا كبيرا في دعم مصر خلال تلك الفترة، وكان من أبرز مواقفه تحدى بريطانيا وإسرائيل وتقدم الدعم لمصر بعد حرب 1967، وبدء إعادة بناء القوات المسلحة المصرية لخوض معركة التحرير .
وبعد انتهاء العدوان، ساهم الشيخ زايد نيابةً عن شعب الإمارات في إعادة إعمار مدن قناة السويس (السويس – الإسماعيلية - بورسعيد) التي دُمرت في العدوان الإسرائيلي عليها .
وخلال حرب أكتوبر 1973 كان للشيخ زايد موقفا تاريخيا، حيث أعلن دعم الإمارات لمصر في حربها، وبعدها أكتوبر 1976 زار الشيخ زايد مدينة الإسماعيلية وقص الشريط الخاص بالمدينة التي تحمل اسمه، والتي أنشأها في إطار مساهمة الإمارات في جهود إعادة إعمار المدينة بعد حرب 1973.
وعقب توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» في سبتمبر 1978، ورفض الدول العربية للموقف المصري، كان موقف الشيخ زايد مختلفًا عن أغلب الدول العربية، حيثُ ظلّ على تواصل مع الرئيس محمد أنور السادات، وقال جملتهُ الشهيرة: "لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود بدون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال أن تستغني عن الأمة العربية ".
العلاقات المصرية في عهد الرئيس السيسي
وشهدت العلاقات بين القاهرة وأبو ظبي خلال الفترة الحالية تطورًا كبيرًا ونوعيًا في المجالات السياسية، إذ يحرص المسئولون في القاهرة وأبو ظبي على الزيارات المتبادلة لتعزيز العلاقات المشتركة بينهما.
وعلى صعيد السياسة الخارجية؛ شهدت السنوات الأخيرة تنسيقًا وثيقًا حيال القضايا الرئيسة، مثل القضية الفلسطينية والعراقية واللبنانية والليبية واليمنية والسورية، فهناك تقارب كبير في الرؤى والمواقف السياسية تجاه القضايا الإقليمية، وتتمثل تلك الرؤية في تأكيد أهمية التسوية السياسية لتلك الأزمات حقنًا للدماء وحفاظًا على مقدرات الشعوب، وصونًا للسلامة الإقليمية للدول العربية وحفاظًا على وحدة الأراضي العربية وسلامتها؛ وضرورة تكثيف العمل العربي المشترك والجهود الدولية للتوصل إلى حلول سياسية لكافة الأزمات الإقليمية خاصة جهود مكافحة الإرهاب، والعمل على وقف تمويل الجماعات الإرهابية وتوفير الغطاء السياسي والإعلامي لها، بالإضافة إلى وقف إمدادها بالسلاح والمقاتلين.