الخميس 9 مايو 2024

حين يكون الإنسان محور الاهتمام

مقالات19-9-2023 | 14:49

ساعد تفاعل جلالة الملك محمد السادس مع زلزال الحوز، والتعليمات التي أصدرها بمجرد حدوث الكارثة التي لا راد لقضاء الله فيها، في التخفيف من وجع المغاربة؛ سواء المكلومين من أبناء المناطق التي ضربها الزلزال أو إخوتهم في باقي أرجاء المغرب وبلاد المهجر، كما أنه ضاعف جهود باقي المواطنين الذين أبانوا من جديد على أن التماسك ليس ميزة مغربية بل هي الثروة الحقيقية التي تساعد على صناعة التاريخ.

كان لترؤس جلالة الملك جلستين رفيعتين للتداول في تداعيات الزلزال وقع كبير بالنظر إلى ما جرى اتخاذه من قرارات خلالهما، بتواز مع العمل الجبار الذي بذل من قبل مختلف القوى لإنقاذ من يمكن إنقاذهم وتقليص عدد القتلى.
وأبرزت القرارات المتخذة المحفزة أن الانسان هو محور كل شيء في مغرب الألفية الثالثة، فالتعويضات المالية التي جرى إقرارها من أجل بناء مساكن جديدة لمن فقدوها، وترميم التي تضررت بشكل جزئي، مهم للغاية، خصوصا أن المناطق المتضررة مقبلة على فصل البرودة وتهاطل الثلوج التي يعاني خلالها المرء، وإن توفرت له كل الإمكانات، فما بالك حين تقسو الظروف فيفقد المرء أهله وبيته ومعارفه.
ومن القرارات المهمة التي جرى اتخاذها تحصين مغاربة المستقبل، وقطع اليد على محاولة جهات أجنبية ومن يساعدونها في مثل هذه الظروف استخدام مغاربة الغد ممن فقدوا أولياءهم وأقاربهم، وعضدت التعليمات الملكية لتمنيع المغرب من آفة التبني من قبل غير المغاربة، و"تهريب" الأطفال تحت أي مبرر النداءات التي أطلقها مواطنون من الداخل والخارج لفتح الأعين وتفادي تكرار ما حدث عقب كوارث مماثلة. 
لعل أبرز مؤشر على أن نتائج مبادرة التحصين ستكون إيجابية نقل التلاميذ الذين هدم الزلزال بيوتهم إلى قرى نجت من الآثار السلبية الزلزال أو مدينة مراكش، بعد موافقة الأولياء. وشرع بعضهم بالفعل في تلقي الدروس، شانهم شأن الصغار جدا والذين يصعب بقاؤهم بعيدين عن رعاية الأسر، إذ جرى تدبير الأمر عبر خيام على شكل فصول دراسية مؤقتة.
إن ما سلف ذكره في البداية، وفي مقال سابق حول التماسك المغربي والاهتمام بمن بقوا على قيد الحياة، يبرز المكانة التي يحظى بها المواطن المغربي، وهذا مبعث فخر واعتزاز، لكن هذا لا يلغي وجود حالات شاذة ممن يبحثون عن الغنى غير المشروع عبر رفع أثمان المواد التي أقبل عليها المواطنون لمساعدة إخوتهم، أو الذين حاولوا التلاعب بالمساعدات عبر إخفائها لإعادة بيعها، حيث جرى إيقاف بعضهم لتقول العدالة كلمتها فيهم. 
خلاصة القول، أظهر الزلزال أن الإنسان لا يجب أن يظل محور الاهتمام لتقليص حجم الخسائر فحسب، بل أيضا لإيقاظ الروح المعنوية العامة وتحسينها، سواء لمن يتضرر ومن يقدم له المساعدة، ولعلها أبرز رسالة من المغرب للعالم.

صحافي مغربي

Egypt Air