الأربعاء 1 مايو 2024

دور تاريخى لأبطال الشرطة فى حرب أكتوبر

دور الشرطة

الجريمة5-10-2023 | 12:30

هويدا على

كشف اللواء إيمن حلمى مساعد وزير الداخلية الاسبق انه تنوعت الأدوار والمهام ولكن كان الهدف واحدًا ، وهو استرداد العزة والكرامة التى تم انتهاكها فى نكسة يونيو 1967 م ، وكشفت الأحداث التى سبقت النكسة وما تلاها حتى تحقق النصر العظيم عن أدوار بطولية لرجال الشرطة تجلى فيها التحامهم مع رجال المقاومة الشعبية ومع رجال القوات المسلحة .

 

ومن يسترجع التاريخ ومن عاصر تلك الأحداث يتذكر أنه أثناء التحضير للحرب كلف الرئيس الراحل أنور السادات السيد ممدوح سالم مسئولية وزارة الداخلية ، فى مايو 1971 أثناء تصفية مراكز القوى التى كانت تستهدف الانقلاب على الشرعية ، وكان أول ما فعله السيد ممدوح سالم فى ذلك الوقت هو وضع خطة تأمين للجبهة الداخلية لخوض حرب العبور.

وأضاف حلمى بدأت بالفعل التدريبات القتالية لسرايا الأمن المركزى إعتبارا من مايو 1973 م وشمل التدريب عمليات الكمين والإغارة وتمييز طائرات العدو ومقامومة الهابطين بالمظلات والدوريات الجبلية والصحراوية وشارك فى عملية التدريب بقطاع ناصر للأمن المركزى ضباط التدريب بمركز تدريب الضباط ( النقباء / أحمد رفعت ــ وأحمد عزب ــ ومحسن العبودى ــ وأحمد جاد ) .....

 

وقبل الحرب بأربعة أيام عقد السيد ممدوح سالم إجتماعا بالمسئولين عن قطاعات الدولة ومديريات الأمن والأمن المركزى والأجهزة الأمنية المختلفة لوضع خطط ثابتة لتأمين البلاد إذا اندلعت الحرب. وكان ممدوح سالم فى مكتبه (بلاظوغلى) بمبنى وزارة الداخلية على اتصال دائم بالرئيس السادات ، ولم يغادر الوزير مبنى الوزارة إلا للاجتماعات المهمة مع قيادات الدولة. وعلى الفور إتخذت كافة الأجهزة الأمنية دورها بعد أن تم رفع درجة الاستعداد وتأمين الموانى والمطارات والمنافذ البحرية والبرية والجوية وتأمين المنشآت الهامة والمرافق الحيوية فى الدولة والعمل بالخطط الموضوعة التى أقرها وزير الداخلية .

وكانت الخطط الأمنية الموضوعة تعطى اهتمامًا بالعناصر الشرطية والمواقع الأمنية فى مدن القناة ( السويس والإسماعيلية وبور سعيد ) المجاورة لمنطقة أرض سيناء الغالية والتى كان معظمها مهجرا فى ذلك الوقت ... وكان السيد وزير الداخلية ممدوح سالم على اتصال بمديرى الأمن بالمحافظات التى تتعرض للمعارك مؤكدا لهم أنه لابد لعناصر الشرطة من الالتحام فيها لإتمام النصر ومشاركة المقاومة الشعبية التى تؤازر قواتنا المسلحة.

 

دور الشرطة فى معارك السويس خلال أكتوبر 73 :

 

كان اقتحام مدينة السويس أول آمال العدو خلال حرب أكتوبر 1973 م ولكن ملحمة قوات مصر من الجيش والشرطة والشعب والكفاح المشترك رده على أعقابه ودحره بعد تكبيده الكثير من الخسائر فى الأرواح والعتاد.

فقد عاشت مدينة السويس أيامًا تاريخية بين 22 أكتوبر 1973 م ــ حتى 29 يناير 1974 م تقاتل العدو وتدمره وتتمسك بانضباط السلوك القومى المحقق للصمود. فلقد خرق العدو اتفاقية إطلاق النار وتكررت محاولاته حتى وصل لمشارف السويس يوم 23 أكتوبر 1973 م وأحاط بها وعندئذ بدأت المدينة الباسلة تنظم دفاعاتها بحسب الخطة الدفاعية مع دعمها بأطقم اصطياد الدبابات من الفرقة 19 وقوات الصاعقة ووحدات الشرطة المجهزة وأفراد الدفاع الشعبى ... ومن القاهرة يصل إليهم صوت الرئيس الراحل السادات عبر الأثير للسويس ) لا تسليم القتال حتى آخر رجل.. .. الله معكم )..

وفى يوم 23 أكتوبر 1973 م عقد ضباط الشرطة اجتماعًا بمبنى قسم شرطة الأربعين لمناقشة وسائل التصدى إذا ما حاول العدو اقتحام المدينة بالدبابات واقترح وقتها النقيب عاصم حمودة من ضباط قسم الأربعين أن يذوب رجال الشرطة بين أفراد الشعب مشاركين إياهم المقاومة الشعبية ثم حث الجميع على التبرع بدمائهم والعمل على جمع القادرين على حمل السلاح وأقسم الجميع على الفداء...... وفى الساعة السادسة والربع من صباح اليوم التالى بدأت طائرات العدو فى قصف السويس بكثافة للإرهاب وبذر بذور اليأس فى نفوس المواطنين تمهيدًا لاقتحامهم المدينة واتجه العديد من المواطنين إلى مسجد الشهداء يلوذون ببيت الله ، فما كان من النقيب حسن أسامة إلا أن دخل المسجد واعتلى المنبر ليشيد بأهل السويس ويخاطبهم بحماس ويحثهم ويدعوهم إلى المزيد من العطاء ، فتسابق الجميع بالخروج حاملين أسلحتهم متوجهين إلى منافذ المدينة للمشاركة فى القتال. أما من لم يكن يحمل سلاحًا فقد شارك فى إطفاء الحرائق كما راح المسنون يرشدون المواطنين إلى الملاجىء ويساعدون فى إخلاء الأحياء من المواقع التى كان يقذفها العدو، وغير ذلك من الجهود التى كانت مثلاً رائعًا للتناسق والتلاحم بين الشرطة والشعب. وفى نفس الوقت توجه النقيب عاصم حمودة إلى مستشفى السويس ، وكان قد تجمع هناك بعض المواطنين يطالبون بتسليمهم الأسلحة الموجودة بغرفة المسئول العسكرى بالمستشفى ، كما تجمع عدد من المصابين يحاولون الخروج للاشتراك فى المقاومة ويتدخل الضابط لتوزيع الأسلحة على القادرين ليكون منهم مجموعة مقاتلة خاصة. وقد انتشر فى ذلك الوقت نبأ تقدم دبابات العدو عبر طريق القاهرة - السويس إلى ناحية حى الأربعين، فاتجهت جماعات المقاومة إلى هناك حيث التقت مع مجموعة المستشفى واعتلى المئات من جنود القوات المسلحة والشرطة وأفراد الشعب مبانى الحى شرقى وغربى شريط السكة الحديد استعدادًا لمواجهة الدبابات المعادية وكانت حوالى 30 دبابة تتقدم نحو المدينة حتى وصلت إلى ميدان الأربعين فى حوالى الساعة 12 ظهرًا ، وفجأة أطلق أبطال المقاومة نيرانهم فأصابوا أول دبابة مما أعاق الطريق على المتقدمين واضطرت باقى الدبابات إلى الانحراف عن مسارها فاتحة بعضها إلى ناحية قسم شرطة الأربعين ، وراح الباقى يشتبك مع أفراد المقاومة، وازاء اشتداد المقاومة ارتبك العدو وهرول أفراده إلى قسم شرطة الأربعين محاولين الاحتماء واحتفظوا بالموجودين داخل القسم كرهائن يساومون بحياتهم فى محاولة يائسة للخروج من هذا المأزق، حيث أن فرصة المقاومة فى اصطياد أكثر من 50 جنديًا من جنود العدو يقابلها أرواح الرهائن المصريين وهى غالية وتباينت الآراء. فالبعض يرى محاصرة قسم الشرطة بدون هجوم حتى يستسلم العدو، بينما يرى البعض الآخر ضرورة الاقتحام مهما كانت التضحيات. وعلى هذا الرأى الأخير اتفق الرائد نبيل شرف نائب مأمور قسم السويس والنقيب عاصم حمودة وتولى الثانى قيادة محاولة الاقتحام واضطلع الأول بمهمة التغطية وبدأت المعركة فاستشهد فيها الرائد نبيل شرف متأثرًا بإصابته وراح النقيب عاصم حمودة يطالب أفراد مجموعته بالثأر للشهيد متقدمًا نحو هدفه ويرافقه من رجال الشرطة الرقيب أول محمد سلامة حجازى، العريف محمد عبد اللطيف والعريف محمد مسعد والخفير محمد محمدين، ولكن الضابط أصيب برصاصة فى فخذه، واستشهد الرجال الأربعة المرافقون له وأسرع أحد الجنود بالضابط المصاب إلى المستشفى إلا أنه استشهد فى الطريق نتيجة قذيفة مدفع أصابت السيارة ... وقد قام الرئيس الراحل أنور السادات بمنح نوط الواجب من الطبقة الأولى لاسمى كل من الشهيدين شرطة الرائد / نبيل شرف والنقيب / عاصم حمودة . فى تلك المعركة تكبد العدو خسائر فادحة وتم أسر 68 ضابطًا منهم قائد القوة الغاشمة للعدو وعشرات الجنود، وتستمر المقاومة حتى يوم 29 أكتوبر حين وصلت قوات الأمم المتحدة،

 

وقد استشهد من رجال الشرطة فى معارك السويس كل من الأبطال الآتية أسماؤهم :

 

الرقيب أول/ محمد سلامة إبراهيم حجازى ، والعريف/ محمد عبد اللطيف إسماعيل ، والعريف محمد مصطفى حنفى ، والعريف / محمد على الشيتى ، والعريف / محمد سعد أحمد على ومعهم 8 من الجنود والخفراء فى بطولات اعترف بها العدو ذاته .

ففي مذكراته عن حرب أكتوبر ، قال حاييم هيرتزوج رئيس دولة إسرائيل الأسبق :" لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماما حتي بدأ العالم الخارجي يتجه إلي الثقة بأقوالهم وبياناتهم ". وفى شهادة زئيف شيف المعلق العسكرى الإسرائيلى في كتاب له بعنوان " زلزال أكتوبر" قال " هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلي علاج نفسي فسهناك من نسوا أسماءهم . لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة في حرب يوم عيد الغفران وفي تحقيق نجاحات عسكرية . لقد أثبتت هذه الحرب أن علي إسرائيل أن تعيد تقدير المحارب العربي فقد دفعت إسرائيل هذه المرة ثمنا باهظا جدا . لقد هزت حرب أ كتوبر إسرائيل من القاعدة إلي القمة وبدلا من الثقة الزائدة جاءت الشكوك وطفت علي السطح أسئلة هل نعيش على دمارنا إلى الأبد هل هناك احتمال للصمود فى حروب أخرى". وكان قد تم حشد عناصر الامن المركزى لتأمين مداخل ومخارج مدينة القاهره مع طريق السويس وطريق الإسماعيلية والشرقية وأبوكبير وامكن لها نصب كمائن وغلق مداخل الطرق وتمركزت عناصر الامن المركزى على طول هذه الطرق مع اول بلاغ بوجود اقتحام لليهود للسويس واندلاع معارك السويس .

 

دور الشرطة والأمن المركزى فى معارك الإسماعيلية أكتوبر 73 :

مع تصاعد العمليات العسكرية وبدافع الشعور الوطنى لأفراد الشرطة للمشاركة فى معركة الوطن تطوع كثيرون من أفراد الشرطة للاشتراك مع أفراد الصاعقة فى العمليات الفدائية بروح معنوية عالية وإيمان بضرورة البذل والتضحية فى سبيل كرامة الوطن وحماية كيانه. كما كان لقسم الدورية اللاسلكية دور بارز أشادت به قوات الصاعقة وسجلت وثائق المعركة مدى نجاح قوات الشرطة فى إحباط محاولات العدو لتعطيل أجهزة الرادار الحربية المصرية حين ألقت الطائرات الإسرائيلية كميات من الورق المفضض فى المجال الجوى بمنطقة القناة للتأثير على أجهزة الرادار .... وتولت قوات الأمن المركزى بقيادة المقدم محمد رفعت التابعى قائد تشكيلات قطاع طرة والمتواجدة ضمن تشكيلات الأمن المركزى بالإسماعيلية إزالة كل ما ألقاه العدو. وهناك أيضًا الجهد واليقظة والكفاءة التى بذلتها قوات الشرطة التى أثمرت عن فشل العدو فى قطع خط إمداد قواتنا المسلحة الموجودة بالإسماعيلية وبورسعيد على طريق العباسة - الإسماعيلية حيث قامت قوات الأمن المركزى بتأمين هذا الطريق بنقاط متمركزة على طول مسافة 50 كيلومترًا بإشراف المقدم محمد عز الدين أمين دون أن تتكبد أية خسائر على الرغم من محاولات العدو المتكررة .

كما قامت قوات الأمن المركزى بالتحرك لتأمين جزيرة الفرسان بالإسماعيلية والتى تعرضت للغارات المكثفة حيث منعت احتلال الإسرائيليين لها ، كما تولى النقيب رفعت محمد أنور تأمين الحى الأفرنجى بالمدينة بينما تمكن كل من الملازم أول إبراهيم زاهر والملازم أول سعد طه من احتلال مواقعهما بالجزيرة كأكمنة متقدمة للإنذار المبكر فى مواجهة العدو الذى راح يتعامل مع هذه القوات فى محاولات باءت جميعها بالفشل ، كما استعد النقيب خليل الصفطاوى لمرحلة حرب المدن إذا ما حدث هجوم إسرائيلى على مدينة الإسماعيلية وتجهيز القوات بالبنادق الآلية والرشاشات والقنابل اليدوية والقذائف المضادة للدبابات والمدرعات تمهيدًا للالتحام مع قوات العدو إذا ما دخلت المدينة وكلها جهود أثمرت فى أن يعيد العدو حساباته ويتراجع عن اقتحام المدينة. وقامت الشرطة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على أمن القوات المسلحة فى المنطقة خلال المعارك الدائرة على ميدان القطاع الأوسط وركيزته العسكرية فى الإسماعيلية فأحكمت الشرطة رقابتها على مداخل المدينة وانتشر ضباط البحث الجنائى يدعمون نقاط التفتيش وتركزت جماعات من قسم قوات الأمن فى مناطق محددة بالشوارع الواقعة على مشارف مركز الحركة للقطاع العسكرى مما ساعد على تحقيق الأمن الشامل بالمنطقة ، فلم تقع أية محاولات لتسلل مدنى أو تخريب داخلى طيلة فترة المعركة. وتصدت الشرطة للشائعات الهدامة وإستطاعت أن تجهضها فى مهدها وكان من بين تلك الشائعات ما ردده بعض الأفراد العائدين من الميدان ما توهموه من إصابتهم بغازات سامة أطلقها العدو وهى شائعات يمكن أن تنال من معنويات المقاتلين.

أما عن قوات المقدم سمير فؤاد ورجاله من الأمن المركزى فحدث ولا حرج وكذا قوات الرائد كمى هيكل والتى كانت متاخمة لمنطقة الثغرة بالدفرسوار .... التى حاول العدو أن ينفذ منها للإسماعيلية لتوسيع نطاق الثغرة وإختراق القوات المصرية والإلتفاف من خلفها .

دور الشرطة والأمن المركزى فى معارك بورسعيد 73 :

كانت قوات الشرطة فى بورسعيد بمختلف أجهزتها مثالاً للبطولة فى حرب أكتوبر 1973 م حيث قامت قوات الإطفاء والدفاع المدنى والإنقاذ فى بورسعيد وبورفؤاد بجهد كبير فى إفساد أهداف غارات العدو المكثفة على المدينة يوميا نتيجة ضرب قواعد الصواريخ بها كل يوم تقريبا حيث كانت تهاجمها الطائرات الإسرائيلية وهى منخفضة من جهة البحر فلا تكتشفها الرادارات وتقوم بقصف منشآت المدينة يوميا .. ولا شك لقد كان للجهد الكبير الذى بذلته أجهزة الشرطة فى بورسعيد إبان المعركة نتائج كبيرة فى تلاحم الشرطة مع الشعب وقواته المسلحة حيث بذلت أجهزة الشرطة جهودًا مضنية فى عدة معارك لصد غارات وقذائف العدو، وقامت القوات بالمحافظة على الأرواح والأموال والتقليل من تأثير غارات العدو التى استخدم فيها القنابل الحارقة وقد كان لسرعة حصر إطفاء الحرائق وأعمال الإنقاذ أكبر الأثر فى تحقيق تماسك الجبهة الداخلية والنصر فى هذه الحرب.

بينما تولت تشكيلات الأمن المركزى فى بورسعيد والموجودة من يوم 16 أكتوبر 1973 م بقيادة المقدم إبراهيم الشيخ والرائد فاروق شكرى والمتمركزة فى منطقة حى المناخ والقبوطى والجميل بالإشتراك مع القوات المسلحة فى عمل كمائن ليلية فى الحفر البرميلية على ساحل البحر لمواجهة محاولات العدو فى القيام بالإبرار البحرى بالضفادع البشرية أو بالإبرار الجوى خلف خطوط الجيش وقد نجحت القوات فى مهامها بدرجة أشاد بها السيد قائد الجيش الثانى فى ذلك الوقت كما أشاد سيادته فى خطابات رسمية بجهود كل من النقباء / ممدوح على وممدوح مصطفى والملازم أول محمد عبد الرشيد والملازم أول السيد عدنان والملازم اول جميل بركات والملازم أول محمد السعيد رشدى ... لقد كانوا جميعا قدوة ومثل للعديد من الضباط فى جهدهم وتضحياتهم وبذل كل ما يستطيعون من أجل مصر .

Dr.Randa
Dr.Radwa