الأربعاء 26 يونيو 2024

الفريق فؤاد ذكري: حرب رمضان أكدت سيادة قواتنا البحرية على البحرين الأبيض والأحمر

الفريق فؤاد ذكري

أخبار9-10-2023 | 12:50

دار الهلال

- بنيت خطتنا أساسا على التعامل عبر جبهة طويلة في البحرين الأبيض والأحمر وتشتيت جهود العدو وإرباك قياداته .
- من واجبات البحرية تأمين القواعد والموانئ وطرق المواصلات والسواحل وقطع مواصلات العدو الرئيسية.
- أكدت البحرية بقتالها وخبرة رجالها وبطولة شهدائها أنها تستطيع مد ذراعها البحرية لتطول قلب إسرائيل.

لقد سجلت القوات البحرية المصرية في التاريخ العسكري أن أول صاروخ بحرى يطلق فوق البحار أطلقته سفينة مصرية في معركة إغراق المدمرة الإسرائيلية إیلات عام 1967 ، وأن أول معركة بحرية بالصواريخ بين اللنشات كانت المعركة البحرية التصادمية التي قامت بها لنشاتنا في الحرب الرابعة - أکتوبر ۱۹۷۳ ۰
إننا منذ توقفت العمليات بعد الحرب الرابعة مع العدو الإسرائيلي عدنا على الفور تواصل ما بدأناه قبل ١٠ رمضان - ٦ أكتوبر - من تدريب واستعداد وتغطية واستفادة بدروس الجولة السابقة .
لقد ظلت ضربات قواتنا البحرية في حرب رمضان الخالدة تلاحق العدو فى خليج السويس ورأس محمد وشرم الشيخ وأضاف رجال بحريتنا إلى صفحاتهم المشرفة صفحة جديدة مجيدة مزينة بأعمال الفخار وأغلى التضحيات .
حتى جاء إلينا القائد الأ
على للقوات المسلحة في نهاية يونيو الماضي ليعلن للعالم سرا من أسرار مهام البحرية وهي أن قواتنا كان لها شرف البدء بعملياتها وتنفيذ مهامها في الحرب الرابعة قبل ١٠ رمضان بعشرة أيام .. ففى أول رمضان الكريم من العام الهجری ۱۳۹۳ . أخلت قواتنا البحرية مواقعها حسب الخطة العامة امام باب المندب، وجعلت تمسك العدو بسرعة بشرم الشيخ كضمان لحرية ملاحته من وإلى إیلات معدوم النتائج الإيجابية، بل أمر مستحيل.
كان على قواتنا أن تسيطر على بعض المواقع الاستراتيجية في البحرين الأحمر والأبيض دون أن تعلن تحركاتها أو تكتشف، واستخدم الرجال بعض الأساليب الخداعية الراقية لاتمام شحن الصواريخ سرا، وفى الوقت نفسه كان نشاط قوات العدو البحرية في قمته بمواني حيفا والبحر المتوسط وإيلات ورأس سدر وشرم الشيخ وأبو رديس.
وفي وقت مناسب – اختير بعناية – تم شحن الصواريخ وإعداد الألغام وتدريب الرجال على تلقينات بيان عملي كواحد من التدريبات السنوية ولم يدر أحد أنها الحرب الرابعة. 
كان تفوق قواتنا في المدمرات والغواصات ووحدات بث الألغام وكسحها ملحوظا، في حين أن العدو كان يملك التفوق في الكم نسبيا عبر لنشات الصواريخ وطائرات الهليركبتر وإمكانياته الجوية الأخرى ولم يكن ذلك بعيدا عن حساباتنا وتخطيطنا لمواجهة هذه المواقف والانتصار عليها.
إن مسرح العمليات الخاص بالقوات البحرية يتميز بطول سواحلنا التي تبلغ ١٦٠٠ كيلو متر بينما تبلغ سواحل العدو التي يسيطر عليها بما فيها الأرض المحتلة 400 كيلومتر . وتعتبر هذه الخطوط شريانا رئيسيا لاستمرار اقتصاد إسرائیل وإمدادها بالمواد الاقتصادية والعسكرية .
وقد بنيت خطتنا أساسا على التعامل عبر جبهة طويلة في البحرين الأبيض والأحمر واستغلال عامل المفاجأة إلى أقصى حد وتشتيت جهود العدو وإرباك قياداته .
وفی يوم 6 أکتوبر، اليوم الأول للحرب اشتركت قواتنا البحرية بجميع تشكيلاتها ... المدمرات والغواصات ولنشات الصواريخ والطوربيد. والمدفعية السـاحلية، والضفادع البشرية، والصاعقة البحرية وقصفت مدفعيتنا مناطق شرق بور فؤاد ورمانة ورأس برم. كما قامت المدفعية الساحلية بمعاونة القوات الجوية في قطاع بورسعيد بالنيران حيث قصفت تحصينات العدو.
وفى البحر قصفت  مدفعيتنا الصاروخية شرم الشيخ التي تتمركز فيها قوات إسرائيلية كبيرة، وقامت قوات الصاعقة البحرية بمهاجمة منطقة أبو دربة على الساحل الشرقي لخليج السويس، كما هاجمت الضفادع البشرية منطقة البترول في بلاعيم ودمرت حفارا ضخما، وصافح القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس أنور السادات هؤلاء الأبطال حين قام بزيارة القاعدة البحرية فى الإسكندرية واستمع إلى تفاصيل عملياتهم الانتحارية وقصفنا بالصواريخ منطقة رأس سدر.

وفي نفس اليوم الأول اشتركت المدفعية الساحلية في التمهيد بالنيران إلى جانب نيران مدفعية الجيش الثالث البطل أثناء العبور.
لم تكن وحدات الهجوم في الوحدات المكلفة بالعمل فقط ، فمن واجبات البحرية تأمين القواعد والموانئ وطرق المواصلات والسواحل وقطع مواصلات العدو الرئيسية، وحماية أجناب القوات البحرية ضد تدخل العدو بحرا .
وتكررت مهام قواتنا البحرية خلال الحرب أكثر من مرة، وكان أبرز المعارك تلك المعركة التي وقعت لأول مرة في تاريخ البحرية العالمية أو تاريخ الحرب البحرية حيث تلاحمت لنشاتنا الصاروخية مع ما بين دمياط والبرلس ليلتي ٨ و ٩ اکتوبر ۱۹۷۳ ، وهاجمت ، لنشات مصرية من نفس التشكيل الذي أغرق المدمرة إيلات تشكيلا معاديا يتكون من ضعف عدد لنشاتنا معززة بست طائرات هليكوبتر مزودة بالصواريخ أرض – جو. وقاتلت وحداتنا ببسالة وسيطرة وكفاءة وإصرار على تدمير العدو البحرى وتجاوزت الظروف الصعبة التي واجهتها وأمكننا في النهاية تدمير خمسة لنشات للعدو، وإصابة سادس.
وفى البحر الأحمر قامت القوات البحرية باعتراض السفن التجارية في جنوب البحر وقامت الغواصات بالعمل في منتصف البحر، ومنعنا العدو بذلك من نقل البترول عبر حقول بلاعيم وخليج السويس، وغرقت له ناقلة بترول حمولة ٤٦ الف طن ولنش إنقاذ حاول مساعدتها، وعاد العدو يستخدم ممرا داخليا ضيقا لا يسمح للسفن الكبيرة بالمرور، وأصيبت له ناقلة أخرى حمولة الفى طن.
لقد كان استخدامنا سلاح غلق باب المندب أسلوبا جديدا في القتال مع إسرائيل، كما استخدمنا سلاح الألغام بكفاءة عالية، ولم تدخل سفينة واحدة تمد إسرائيل بالمواد الأساسية وكان العدو ينقل سنويا ۱۸ مليون طن بترول عبر باب المندب إلى إيلات بعد تصديرها إلى أوروبا عن طريق خط الأنابيب البترولي ما بين إيلات -عسقلان، ويستخدم لنقل هذه الكمية من البترول ٢٤ سفينة تجارية كل شهر بأحجام مختلفة.
لقد أثبتنا للعدو عدم جدوى دعواه بأن احتلاله لشرم الشيخ يوفر له أمن وحرية الملاحة البحرية عبر مضايق تیران وكان تخطيطنا للمهام والعمليات صفحة راقية من صفحات العسكرية المصرية.
إن قراراتنا البحرية كانت خاضعة للقانون البحرى وكل نشاطنا تأسس على تطبيق هذا القانون حتى أسلوبنا مع السفن التجارية كان خاضعا للقانون وقد وافقت كلها على تطبيقه بمنتهى الرضا التام ذلك لأننا منعناها ليس بهدف تعطيل الملاحة وإنما لأنها تمر بمسرح عمليات حربية بحرية، ومنعها هنا بدافع الحرص على سلامتها.
وهكذا أكدت البحرية بقتالها وخبرة رجالها وبطولة شهدائها أنها تستطيع مد ذراعها البحرية لتطول قلب إسرائيل وأن هذه الذراع هي اليد الطولى في معارك البحر، وأن مقاتلي البحرية المصرية ظلوا دائما بلا منازع سادة البحرين الأبيض والأحمر.

نشر في عدد الهلال - أكتوبر 2023