الأحد 5 مايو 2024

في ذكرى ميلاد رفاعة الطهطاوي.. محطات بحياة ترجمان مصر المعاصر

رفاعة الطهطاوي

تحقيقات15-10-2023 | 17:25

محمود غانم

في مثل هذا اليوم ومنذ 222عاماً، تحديداً عام 1801، ولد رفاعة الطهطاوي، أحد أعلام القرن الـ19، ورائد النهضة الحديثة بمصر، وهو الذي قال عنه أحمد شوقي: "يا ابن الذي أيقظت مصر معارفة ...أبوك كان لأبناْء البلاد أبا".

 

رفاعة الطهطاوي

ولد رفاعة الطهطاوي عام 1801 في طهطا بصعيد مصر، حفظ القرآن الكريم في صغره، ولما بلغ 16من عمره التحق باللأزهر، وشملت دراسته العلوم الشرعية واللغوية، وتأثر بالشيخ حسن العطار فقويت صلته به، وأطال ملازمته.

 

اختير رفاعة إماماً للبعثة العلمية في فرنسا، وهناك عكف على تعلم الفرنسية وقراءة الكتب، وترجمة ما استطاع إلي ترجمته سبيلاً، فحمل معه من باريس بالإضافة إلي مخطوط رحلته، 12 كتاباً نقلها عن الفرنسية في موضوعات مختلفة.

 

بعد ذلك عاد رفاعة إلي مصر، وعمل مترجماً في مدرسة الطب، وكان أول مصر يشغل هذه الوظيفة، ومكث فيها عامين، ثم نقل إلى مدرسة المدفعية لكي يعمل مترجماً للعلوم الهندسية والفنون العسكرية.

نجح رفاعة في إقناع محمد علي بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن، وكان يقوم رفاعة إلي جانب إدارته الفنية للمدرسة باختيار الكتب التي يترجمها تلاميذ المدرسة، ومراجعتها وإصلاح ترجمتها.

 

ولم يكتف رفاعة بهذه الأعمال بل سعى إلى إنجاز أول مشروع لإحياء التراث العربي الإسلامي، فنجح في إ قناع الحكومة بطبع عدة كتب من عيون التراث العربي على نفقتها،مثل: تفسر القرآن لفخر الدين الرازي، وخزانة الأدب للبغدادي، ومقامات الحريري، وغير ذلك من الكتب التي كانت نادرة الوجود آنذاك.

وفي عهد الخديوي إسماعيل، عمل نظاراً على قلم الترجمة الذي أنشئ سنة 1863، لترجمة القوانين الفرنسية، ولم يكن هناك من أساطير المترجمين سوى تلاميذ الطهطاوي من خريجي مدرسة الألسن، فاستعان بهم في قلم الترجمة، فترجموا القانون الفرنسي في عدة مجلدات وطبع في مطبعة بولاق، ولم تكن هذة المهمة يسيرة، إذ كانت تتطلب إلماماً واسعاً بالقوانين الفرنسية والشريعة الإسلامية؛ لاختيار المصطلحات الفقهية المطابقة لمثيلاتها في القانون الفرنسي.

وفي آخر حياته، تولى رفاعة تحرير مجلة الروضة التي اعتادت أن تلحق بأعدادها كتباً ألفت لها على أجزاء توزع مع كل عدد من أعدادها بحيث تكون في النهاية كتاباً مستقلاً. ومن أهم كتب رفاعة الطهطاوي: مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية، المرشد الأمين في تربية البنات والبنين، نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز، وهو آخر كتاب ألفه طهطاوي، وسلك فيه مسلكاً جديدا في تأليف السيرة النبوية تبعه فيه المحدثون.

وترجم ما يزيد عن خمسة وعشرين كتاباً، وذلك غير ما أشرف عليه من الترجمات وراجعه، ومن أعظم ما قدمه الرجل تلاميذه النوابغ الذين حملوا مصر في نهضتها الحديثة، وقدموا للأمة أكثر من ألفي كتاب خلال أقل من أربعين عاماً، ما بين مؤلف ومترجم وافته المنية في مايو1873.