الأحد 24 نوفمبر 2024

الخدمة العسكرية في عيون أهل الفن زمان

  • 13-10-2017 | 20:46

طباعة

كتب ـ خليل زيدان

    صنف النقاد مهنة الفن بأنها رسالة ، و أكد معظم نجوم الفن بأنهم "أصحاب رسالة" ، وبالفعل هذا ما رأيناه في فن الزمن الجميل ، حيث كان الفن فعلاً رسالة ، غرضها طرح قضايا المجتمع للعمل على حلها ، وهناك أمثلة كثيرة قامت بها السينمة المصرية ، حتى نجوم الغناء كانوا أصحاب رسالة ، فقد كانت أغانيهم الوطنية تشحذ الهمم وتثير الحماس في نفوس الشعب وتدعو لحب الوطن والإنتماء إليه .

 

    نشر اليوم العديد من الأخبار في معظم وسائل الإعلام عن القبض على المغني رامي صبري لتخلفه عن أداء الخدمة العسكرية ، وهو ليس أول من تهرب أو تخلف عن ذلك الفرض الوطني ، بل سبقه كثير ممن يعمل بالفن الآن مثل مصطفى قمر وهيثم شاكر وتامر حسني وغيرهم .. وهنا وجب التساؤل : هل الفن الآن رسالة ، وهل من يعمل به الآن قدوه ؟ تؤكد كل الشواهد أن الفن بشقيه ـ التمثيل والغناء ـ الآن لم يعد رسالة ، فما ينتج الآن من أفلام تدعو معظمها للعنف وتمحو القيم والتقاليد المصرية الصميمة والأمثلة كثيرة ، وما يملأ سماء مصر الآن من غناء لا يعد غناءً وليس له أي صلة بالطرب ، ويتضح ذلك مما نسمعه من أصوات مخنثة تتصف بالميوعة والكلمات الهابطة والموسيقى الصاخبة والأمثلة أيضاً كثيرة .. إذن هبط الفن بشقيه ولم يعد رسالة ، فرسالته الأساسية تهذيب النفس وتغذية الروح والرقي بالمجتمع ، لذلك سمي فناً .

    حرص نجوم الفن في الزمن الجميل أن تتفق مهنته مع سلوكياته ، فلم نجد منهم متهرباً من تأدية الخدمة العسكرية أو مدمناً للمخدرات أو مقبوض عليه بتهمة حيازتها أو تعاطيها .. بل أكدوا من خلال مهنة الفن مخاطر المخدرات وغيرها من الأوبئة التي تصيب المجتمع ، وعمل معظمهم على غرس القيم وحب الإنتماء للوطن ، بل حرص الكثير منهم على دفع الشباب لتأدية خدمة العسكرية ، ويتضح ذلك من سلسلة أفلام إسماعيل يس في الجيش والطيران والأسطول وغيرها ، وكانت تلك الأفلام باتفاق غير معلن بين الرئيس جمال عبد الناصر وفريق العمل الفني آنذاك لإنتاج سلسلة أفلام تدعو الشباب للتطوع في الجيش أو على الأقل لتأدية الفرض الإلزامي وهو الخدمة العسكرية ، وأنتج أيضاً العديد من الأفلام التي تبسط مفهوم الجيش عند الشباب، وتؤكد أن الجيش هو مصنع الرجولة وهو درع الوطن وسلاحه ضد أي معتدٍ أو جائرٍ على أرض مصر ، ومنها فيلم "وطني وحبي" لحسين صدقي و"الرصاصة لا تزال في جيبي" و"العمر لحظة" و"عمالقة البحار" و"أبناء الصمت" و"الوفاء العظيم" وغيرها من الأفلام .

    وكما دعت السينما في الزمن الجميل إلى حب الجيش الذي هو عماد الأمة ، فقد دعا الطرب والغناء قديماً إلى حب الجيش وتمجيده وشدد على التبرع للجيش ، وهذا ما سمعناه في أغاني الموسيقار محمد عبد الوهاب الوطنية ومنها "حي على الفلاح" و "حرية أراضينا" و"زود جيش أوطانك" و"طول ما سلاحنا بإيدينا" و"مصر نادتنا فلبينا نداها" و"نشيد الجهاد" و"نشيد الحرية" و"يا إلهى انتصرتنا بقدرتك" و"كل أخي عربي أخي" و"نشيد القسم" وغيرها من الأغاني الوطنية التي تلهب الحماس وتدعو الشباب للإنتماء للجيش ، ولم يكن عبد الوهاب وحده الداعي إلى حب الجيش ، بل أيضاً كوكب الشرق بما شدت به من أغانٍ وطنية منها "نشيد الجيش" وقصيدة "صوت الوطن" و"الفجر الجديد" ونشيد الجلاء" و"والله زمان يا سلاحي" و"نشيد الطيران" و"فرحة القنال" و"راجعين بقوة السلاح" ، حتى عندما انشق مجموعة من الضباط السوريون أيام وحدة مصر وسوريا عن الجيش الموحد غنت أم كلثوم " باسم مين ياخارجين عن الشعب قمتم؟" .. وهناك الكثير من نجوم الفن دعموا الجيش من خلال فنهم مثل عبد الحليم حافظ وشادية وفايدة كامل وغيرهم.

    يتأكد لنا الآن مم نراه من أحداث أن الفن ـ لو أسميناه فناً ـ فقد اختلفت معاييره وانعكست رسالته ، فقد بدت واضحة أنها ضد المجتمع بما نراه ونسمعه من أفلام وأغانِ هابطة ، حتى سلوكيات البعض ممن يمتهن الفن باتت غريبة ، ولا تنطبق على شخص من المفروض أنه نجم محبوب وقدوه ، يقلد الشباب كل سلوكياته .. فبعد هذا المنحنى الخطير الذي آل إليه الفن وأهله ، نجد التساؤل الذي يفرض نفسه : هل تعود الفنون إلى سابق عهدها ، وهل يعود الفنان قدوه يحتذي به شباب الوطن كما كان من قبل ؟ نتمى ذلك .

    الاكثر قراءة