الجمعة 17 مايو 2024

الأوبرا فى عيدها الـ٢٩ الكعب العالى يكسب..!

14-10-2017 | 00:06

بقلم –  محمد رمضان

فى العاشر من أكتوبر ١٩٨٨ تم افتتاح دار الأوبرا المصرية ..تعاقب على رئاستها حتى الآن سبعة رؤساء من بينهم ثلاث نساء هن الدكاترة «ماجدة صالح، ورتيبة الحفنى، وإيناس عبد الدايم»، لكل منهن دور فعال فى حياة هذا الصرح الفنى الثقافى فأثرن فى وجدان وفكر المصريين بحسهن الفنى من خلال مختلف فنون الأوبرا..!

فمن أهم نوادر الدكتورة ماجدة صالح أول رئيسة لدار الأوبرا أنها كانت شديدة الحرص فى الحفاظ على هذا الصرح؛ حيث أجبرت كل من كان يزور الأوبرا قبل افتتاحها رسمياً بأن يخلع نعليه حفاظاً على بريق رخام أرضيتها وخوفاً منها على عدم تعرضه لحدوث أيه خدوش به من احتكاك الأحذية به؛ لدرجة أنها فعلت ذلك مع بعض الوزراء والسفراء حسب ما أكده لى فى حوار سابق معى الفنان الكبير محمود رضا الذى رفض أن يخلع حذاءه أثناء زيارته لدار الأوبرا، فكم كانت هذه السيدة تخشى على رونق هذا المكان من أن تفسده سلوكيات زائريه..!

 

تولت الدكتورة رتيبة الحفنى رئاسة دار الأوبرا خلفاً للدكتورة ماجدة صالح حيث حرصت على تفعيل دور الأوبرا الفنى فأقامت مهرجان الموسيقى العربية والذى شاركت فيه بعض الدول العربية لتقديم فنونها فى الموسيقى والغناء العربى، واهتمت بتقديم القوالب الغنائية المختلفة من «دور وطقطوقة وموشح»، واستقدمت بعض المطربين العرب مثل المطرب السورى صباح فخرى وغيره من الأصوات العربية الأصيلة وكانت مدة هذا المهرجان أسبوعا فقط..!

وتوالى على رئاسة الأوبرا بعد ذلك أربعة رجال وهم الدكاترة» ناصر الأنصارى ومصطفى ناجى وسمير فرج وعبدالمنعم كامل»، وكان لكل منهم بصمته ونكهته الخاصة به فى إدارته للأوبرا .

إلى أن عاد الجنس الناعم مرة أخرى لاعتلاء عرش الأوبرا المصرية ممثلاً فى وزيرة السعادة المصرية الدكتورة إيناس عبدالدايم؛ حيث أطلق عليها جمهور الأوبرا هذا اللقب لما تقدمه إليهم من فنون تلبى احتياجاتهم الفنية والثقافية بل نجحت إيناس فى اقتراب فنون الأوبرا الراقية من الغلابة من خلال حرصها على إقامة المهرجانات الفنية المجانية مثل مهرجان القلعة للموسيقى والغناء، الذى يقام سنوياً داخل قلعة صلاح الدين الأيوبى وامتدت فترة إقامته لتصل إلى خمسة عشرة يوماً بدلا من أسبوع، لكى تقترب الأوبرا بفنونها الراقية من الحس الشعبى ولاجتذاب جمهور جديد لها من طبقات المجتمع الوسطى والدنيا .. إلا أن إيناس ترفض إطلاق مسمى مهرجان الغلابة على هذا المهرجان وتسميه بمهرجان الأسرة المصرية.. كما حرصت على استئناف إقامة مهرجان المسرح الرومانى بالإسكندرية بعد توقفه لعدة سنوات بعد قيام ثورة يناير لدواعٍ أمنية.

بل تصدرت الأوبرا المشهد فى الاحتفالات الرسمية للدولة فى عهدها حيث أنقذت حفل افتتاح المسرح القومى من الإلغاء بعد أن قرر وزير الثقافة بغتة افتتاحه بعد ترميمه لمدة ست سنوات فى تاريخ محدد، علماً أن المخرج عصام السيد لم يكن قد انتهى من إخراج عرضه المسرحى «بحلم يامصر»، مما جعل الوزير عصفور يلجأ للأوبرا لإنقاذ حفل افتتاح المسرح القومى من الإلغاء بعد إبلاغه بموعد افتتاحه المفاجئ للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء آنذاك فأقامت إيناس حفل موسيقى عربية لإنقاذ هذا الافتتاح من الضياع.

وتكرر المشهد نفسه بإقامة الأوبرا لحفل الافتتاح العالمى لقناة السويس الجديدة وبمشاركتها بذخيرتها الحية الموسيقار العالمى «عمر خيرت» وفرقة أوبرا القاهرة بتقديمهم أوبرا عايدة .. بالإضافة إلى استقدام إيناس للفرق العالمية المختلفة لتقديم عروضها داخل الأوبرا وعودة الطيور المهاجرة مثل المايسترو العالمى «عماد الشارونى» العائد من أستراليا لتقديم موسيقاه للجمهور المصرى بعد تجوله داخل الأوبرات العالمية بفنه الراقى بناء على طلب إيناس منه ذلك؛ حيث أقامت العديد من الحفلات له بأوبرا القاهرة والإسكندرية ودمنهور وشارك فى مهرجان الموسيقى العربية مرتين، وقد تم فى عهدها زيادة عدد منشآت دار الأوبرا حيث سيتم افتتاح «واحة الثقافة» بمدينة السادس من أكتوبر قبل نهاية هذا العام وهى بمثابة أوبرا صغيرة لتقديم الخدمة الثقافية والفنية لأهالى أكتوبر، بالإضافة إلى أنه جارٍ إصلاح وترميم مسرح المنصورة لكى يتم تحويله إلى دار أوبرا، لكى يضاف إلى أرصدة الأوبرا الفنية والثقافية ومن أهم ما يشغل رئيسة الأوبرا الحالية محاربة الفكر المتطرف والإرهاب بالقوى الناعمة؛ لذلك جارٍ الإعداد لإقامة مشروعها التنويرى داخل صعيد مصر بإقامة أوبرا بمدينة الاقصر التى شهدت العديد من القوافل الفنية هى وغيرها من مدن الجنوب للتصدى للإرهاب، كما لعب الصالون الثقافى للأوبرا دوراً هاماً فى نشر الثقافة والتنوير من خلال استضافته للعديد من الرموز والشخصيات العامة التى أثرت حياة المصريين والعالم بأفكارهم مثل الأديب العالمى نجيب محفوظ، والدكتور زويل، وعالم الفضاء المصرى فاروق الباز، ومحمد حسنين هيكل، والزعيم عادل إمام، والشاعر فاروق شوشه، وفاروق جويدة، وغيرهم من الساسة وأهل الفن والأدب.

وبالأمس احتفلت الأوبرا بعيدها التاسع والعشرين داخل المسرح الكبير، وشارك به أكثر من خمسمائة فنان من فنانيها فى حفل بانورامى من إخراج هشام الطلى وتم عرض فيلم وثائقى عن تاريخ الأوبرا خلال التسع والعشرين سنة الماضية واستعرض من خلاله المخرج أهم الفرق الفنية العالمية التى قدمت عروضها داخل الأوبرا ومنها فرقة البولشوى من روسيا وأوبرا المتروبوليتان من أمريكا وأوبرا سالزبورج من النمسا وفرقة الكوميدى فرانسيز من فرنسا وغيرهم من الفرق العالمية بالإضافة إلى استعراض للراقصة الكندية ديانا كالنتى وباليه زوربا اليوناني.

وشارك فى الحفل فرقة كورال أطفال الأوبرا التابع لمركز تنمية المواهب برئاسة الفنان عبدالوهاب السيد بنحو خمسة وسبعين طفلا غنوا فى مدخل المسرح الكبير بأغانى سيد درويش بقيادة الدكتورة نادية عبدالعزيز.

ومن أهم أحلام الرئيسة السابعة للأوبرا إيناس عبدالدايم أن يكون بكل نجع وكفر وقرية أوبرا جديدة تعيد صياغة الخطاب الفنى وتصحح المفاهيم الخاطئة داخل المجتمع مما جعل الجمهور يهتف لها داخل الأوبرا بنمرة سبعة يكسب..!