الإثنين 3 يونيو 2024

النقاب بين الفقه والقانون

14-10-2017 | 00:18

بقلم –  فريدة الشوباشى

يندهش المرء من توقيت تفجير أمور لا تأثير لها على حياتنا اليومية بما فيها من مواجهة صعوبات، على الصعيدين الداخلى والخارجي.. من هذه الأمور موضوع النقاب الذى بات البعض يعتبره من أعمدة الدين والبعض الآخر، يسيء للدين الإسلامى الحنيف عبر تبرير هذه الظاهرة المستجدة والتى ظهرت فى شوارعنا وشوارع أخرى فى العالم منذ ما يقرب من عقدين.

.وحيث إن اختلاف الفقهاء بصدد الفتاوى الدينية واقع يصعب إنكاره، فالأكيد أنه لا أحد يستطيع أن يقول إن النقاب له صلة بالدين..وما يحتم ضرورة طرح هذه المسألة الخطيرة للنقاش، هو الجانب القانوني..ويسوق أنصار النقاب حجة «الحرية الشخصية!!» تبريرا لإخفاء الوجه..وحيث إن «حقك ينتهى عندما يبدأ حق الآخر» قاعدة قانونية راسخة، وأن الشريعة الإسلامية هى من استحدثها وأرساها، فإن الرد على مقولة الحرية الشخصية، يكون فى السؤال التالي: إذا كان من حق امرأة إخفاء وجهها، وهى ترى من بجوارها، فأين حق هؤلاء فى معرفة من بجانبهم؟ وإذا دهست امرأة منقبة شخصا، أو طعنته أو اختطفت شيئا بيده، فكيف يمكن الإدلاء بملامحها أو أية إشارة تساعد على محاسبتها؟، ولنبدأ من دعوات المظهر الدينى الذى أدى إلى تنميط المسلم أو المسلمة، وفق الزي الذى يرتديه..وقد تم الترويج لاعتبار ذلك من «الحرية الشخصية»!!، وهو ما ثبت عدم صحته، حيث يصعب أن يقتنع عاقل بأن طفلة الحضانة المحجبة، قد اقتنعت بارتداء غطاء الرأس فى سن السادسة، بل أحيانا فى الثانية من العمر..وكنت فى فرنسا عندما حاول رجل مغربى قبول ابنتيه الطفلتين بالحجاب فى المدرسة، أكدت إدارة المؤسسة التعليمية بحسم، رفض كافة مظاهر الانتماء الدينى فيها، فلا يسمح للتلاميذ المسيحيين بارتداء حلي ذهبية أو فضية بها الصليب، أو لليهود نجمة داود، وكذلك للمسلمين.

وينص القانون على توحيد الزى المدرسى عملا بمبدأ، المساواة، وهو أحد المبادئ الثلاثة للثورة الفرنسية، مع الإخاء والحرية..واذا استعدنا مطلب مرشد جماعة الإخوان من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، سنجد أنه يتلخص فى «شكل» المسلم وليس جوهره، فالرجل لم يطلب ترسيخ المبادئ ولا القيم الأخلاقية فى الإسلام، إنما اهتم بفرض الحجاب على نساء مصر، دونما عناء إقناعهن...وقد بدأت فى العواصم الغربية حملات تحذر من خطورة إخفاء معالم وجه المرأة ومساواته باللثام، وبما أن وضع لثام على الوجه مخالف للقانون فكذلك النقاب، لاسيما أن أحدا لم يسبق له، كما أشرت، أن تحدث من قريب أو من بعيد عن النقاب وعلاقته بالإسلام، قبل الهجمة الأخيرة التى اختصرت الدين، بكل عظمته وجلاله، فى إخفاء معالم الوجه أو إخفاء الشعر..وقد تم تسجيل عدد كبير من المخالفات والجرائم التى سهّلها إخفاء الوجه، ومن أشد الآراء سطحية وازدراءً، تلك التى تشبه المرأة ببرطمان مربى وأنه فى حالة عدم إغلاقه، يتكاثر الذباب وربما حشرات أخرى عليه..فأولا، من العيب تشبيه المرأة التى خصها الخالق، عز وجل، بأن أودع فيها الرحم، حيث توهب الحياة، بمجرد وعاء، حتى ما به من حلوى، ليس من قدراته..ولكن الأدهى فى رأيى بصدد هذا التشبيه المهين للرجال، هو التدنى بهم إلى درك الذباب والحشرات..ولا 

نسمع مجرد عتاب من رجالنا على هذا التشبيه البشع ..والمثير للغضب أكثر أن يصمت الرجل المسلم إزاء آراء متخلفة تجرده من إنسانيته وكرامته، فهو غير قادر حسب هذا التشبيه المزري، من التحكم فى غرائزه، وكبح جماح شهواته، إذا ما وقعت عيناه، على وجه امرأة أو على شعرها، فى الطريق العام وفى وضح النهار.. بينما فى الغرب، حيث شاهد الإمام محمد عبده، مسلمين بلا إسلام، بينما رأى فى بلادنا إسلاما بلا مسلمين، فإن الرجل لا ينظر للمرأة كأنثى ووعاء للمتعة، بل ينظر إليها نظرة احترام لآدميتها ويقدرها حق قدرها، والأهم لا يطالبها بالتحول إلى خيمة لمساعدته على العفة! حيث لا يقبل أن يكون مجرد ذبابة.