تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتب الكبير جمال الغيطاني والذي يعتبر واحدًا من أبرز الكتّاب والروائيين في العالم العربي، حيث أثرى الأدب العربي بأعماله الرائعة والمميزة، واستطاع أن يجد تعبيرًا فريدًا ومميزًا في كتاباته، حتى أصبح صوتًا معترفًا به في الأدب العربي المعاصر.
جسّد الغيطاني من خلال كتاباته عالمًا مليئًا بالأفكار الجريئة والتجارب الشخصية، مما جعله يتمتع بشعبية واسعة واحترام كبير في الوسط الأدبي، ومن بين الكتب التي ألهمت القرّاء وأثّرت فيهم بشكل خاص، يأتي كتابات الغيطاني التي انبثقت من أعماقه وكشفت عن أسراره الداخلية..
اعترف الغيطاني في مقال نشرته «دار الهلال» عن أسراره في كتاباته المتنوعة، ونذكر منها بالأخص أول قصة كتبها والتي عبرت عن حريته الفكرية والإبداعية، كما سنتطرق إلى سبب عدم قراءته لأدباء عصره وتأثير ذلك على أسلوبه الأدبي.
أول قصة
قال جمال الغيطاني: كانت القصة الأولى التي شعرت أني حققت فيها قدرا كبيرا من حريتي في التعبير، وقدرة على التوفيق بين الشكل والمضمون، وإمكانية التحايل على الواقع الضاغط هي قصة «هداية أهل الورى لبعض مما جرى في المقشرة»..
تخيلت إنني عثرت على مخطوط قديم في أحد مساجد الجمالية ، عبارة عن شذرات من مذكرات أمر سجن المقشرة في العصر المملوكي وكتبت القصة بأسلوب يحاكي أساليب السرد القديمة في العصر المملوكي.
وعندما قدمت القصة للنشر الى جريدة المساء قرأها الأديب عبد الفتاح الجمل الذي تحمس لها جدا واعتبرها مرحلة جديدة في فن كتابة القصة، وقدمها إلى الرقيب فأجازها على إنها مخطوطة قديمة فعلا.
إذن، لم يكن لجوئي الى الأساليب القديمة نتيجة إحساس قوى بالزمن ومعايشة طويلة لمصادر التاريخ العظمي وقلق فني.. إنما كانت أيضا وسيلة للمراوغة.
عدم قراءته لأدباء عصره
وعن اعتراف جمال الغيطاني لعدم قراءته لأدباء عصره.. قال: يجب الاعتراف أنني لم أقرأ للأدباء الذين كانت اعمالهم شائعة وقتئذ، مثل السباعي ومحمد عبدالحليم وغيرهما، حتى يوسف إدريس لم أقرأ من أعماله إلا مجموعات محدودة مثل: «أرخص ليالي» و«النداهة» و«رواية البيضاء»، قرأته في سن متأخرة وهكذا نجوت من تأثيره الطاغي الذي أدرك معظم أدباء الوسط.