رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 18 أكتوبر من عام 2015 الكاتب الصحفي والروائي الكبير جمال الغيطاني، والذي وصف بأنه «صاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجًا».

 

أثرى الغيطاني الأدب العربي بكتابته الفريدة  الجريئه، ومن بين أبرز رواياته التي وصلت للعالمية  رواية"الزيني بركات".

 

قدم "الغيطانى" روايته التاريخية الرائعة «الزينى بركات» الصادرة عام 1974م، والتي استغل فيها الوجود التاريخى لشخصيات «الزينى بركات، زكريا بن راضى» كشخوص حقيقية شاركت في التاريخ المصرى خلال حقبة المماليك.

 

 استغل «الغيطانى» هذه الأحداث التاريخية الملهمة ونسج منها خيوط روايته التي تحولت إلى عمل درامى تليفزيونى ليستخدمها في الإسقاط على الواقع المصرى في تاريخها الحديث، خاصة في فترة الستينيات من القرن الماضى.

 

رأى "الغيطاني" أن نهايات فترة الستينيات شبيهة بفترة وجود الزينى بركات، التي جاءت في نهايات دولة المماليك وبداية اضمحلالها مع الصراعات التي كثرت بين المماليك، في الوقت الذي بدأ فيه صعود نجم الدولة العثمانية وسيطرتها على مقاليد الحكم في مصر عام 1517م، وهو ما اعتبره أيضًا نوعا من أنواع الربط بين نكسة يونيو 1967 وبين معركة «مرج دابق» التي انتهت بانتصار العثمانيين على المماليك، خاصة أن فترة الثنائى «بركات، زكريا» اتسمت بازدياد سطوة العسس أو «البصاصين» والصراع الدائم بين قادة المماليك، ما أدى إلى هزيمتهم أمام العثمانيين.

 

جسدت الرواية تجربة «معاناة القهر في مصر»، وكانت تدور حول شخصية تدعى «الزيني» والذي كان يعمل كبيرا «للبصاصين»، أي رئيسا للمخبرين، في عهد السلطان الغورى أوائل القرن العاشر الهجرى.

 

كما تصور الرواية أيضا معاناة الشعب من سطوة السلطان وصراع الأمراء واحتكار التجار وعيون البصاصين، ووصفت الرواية بأنها «نموذج من نماذج القهر والاستبداد التي تعرض له المصريين في هذه الفترة».

 

ترجمت الرواية إلى الألمانية والفرنسية عام 1985 بعد أن حققت صدى طيباً في وسط الدوريات الثقافية في العالم، كما تحولت إلى مسلسل مصرى تاريخى من إخراج يحيى العلمي وبطولة أحمد بدير ونبيل الحلفاوي.

 

 شبهت رواية الزيني بركات بإنها ترقى إلى مستوى الرواية الشهيرة «لكافكا» «القضية» التي تعكس الكوابيس الفظيعة لممارسات النظم السلطوية، وتقترب كثيرا من رواية 1984 التي أبرز فيها الروائى البريطانى الشهير «جورج أورويل» معالم النظام السلطوى.