وصلنا للعام الخمسين علي انتصار حرب أكتوبر العاشر من رمضان الحرب التي أعادت قواتنا المسلحة العزة والكرامة للعسكرية المصرية والعربية بعد أن نجحت في عبور أعظم مانع بحري وسد ترابي علي مر العصور المعاصرة وتحقيق الهدف الاستراتيجي من الحرب والتي استكملت بالجهود الدبلوماسية المصرية باستعادة كافة الأراضي المحتلة في 1967 هذا النجاح يقودنا إلي جهود بعض العناصر التي وفرت وساهمت في هذا النصر العظيم منها قيادات التشكيلات العسكرية من الدول العربية الشقيقة كما أدت السياسة المصرية دورها قبل وبعد نصر أكتوبر وأيضا ودور حرب الاستنزاف في إعادة بناء القوات المسلحة الذي انعكس وزرع الثقة في قدره قواتنا المسلحة في خوض حرب التحرير.
وبجانب المعارك الحربية تم وضع خطة تأمين الجبهة الداخلية لخوض حرب أكتوبر بالتدريبات القتالية لعناصر الأمن المركزى من التدريب على عمليات الكمين والإغارة وتنفيذ الدوريات الجبلية فقبل الحرب تم وضع خطط ثابته لتأمين البلاد في حاله الحرب وكان التركيز علي مدن القناة.
إن دور السياسة في حرب أكتوبر لا يمكن إغفاله، فقد كانت الاستراتيجيات السياسية والدبلوماسية والتنسيق بين الدول العربية والمجتمع الدولي محورية في تحقيق الأهداف العسكرية وتحقيق التقدم في الحرب حيث كان قرار الحرب نتيجة لتعقيدات سياسية واقتصادية واجتماعية تعاني منها المنطقة بعد هزيمة الدول العربية في حرب 1967 وأصبحت مصر وسوريا ملتزمتين بتحقيق تقدم في عملية السلام مع إسرائيل واستعادة الأراضي المحتلة وعقدت المفاوضات والتحضيرات السياسية بشكل وثيق قبل اندلاع الحرب وتم التنسيق مع الاتحاد السوفيتي الذي كان يدعم الدول العربية في مواجهه أمريكا وإسرائيل وتم التخطيط للهجوم المشترك على الجبهة المصرية والجبهة السورية لاستعادة الأراضي المحتلة ولعبت السياسة دورًا في تأمين الدعم العربي والدولي سياسيا وعسكريا للقضية العربية قبل حرب أكتوبر وبعدها وأكدت حرب أكتوبر أن العمليات العسكرية كانت وسيلة لتحقيق أهداف سياسية وإجبار إسرائيل على المشاركة في مفاوضات السلام التي كانت ترفضها بل وتملي شروطها علي المفاوض.
ولا نغفل الدور الذي قام به قرابه 40 من مترجمي اللغة العبرية من خريجي كليه آداب عين شمس قبل حرب أكتوبر من خلال ترجمة الخرائط الشفرية التي استخدمها الجيش الإسرائيلي للتحكم والسيطرة علي سيناء، واستخدامها في تعقب القادة العسكريين الإسرائيليين، وقتل عدد كبير منهم، أبرزهم اللواء أفراهام مندلر قائد احدي الفرق المدرعة في سيناء، و كان أكبر رتبة إسرائيلية قتلت في الحروب الإسرائيلية، بالإضافة إلي استجواب الأسرى الإسرائيليين والحصول علي معلومات هامه عن الجيش الإسرائيلي أفراده وعتاده وتشكيلات قواته
ونتذكر دور المؤسسات الدينية مسيحيه وإسلامية في تقديم الدعم الروحي للجنود والمدنيين خلال حرب أكتوبر من خلال إقامة صلوات جماعية داخل المساجد والكنائس من أجل السلام والنصر والحماية، وتشجيع الجنود والمدنيين المتأثرين بالحرب. في خطب الجمعة أو الأحاديث الدينية التي تعزي وتحث على الصبر والثبات بالإضافة لعرض رجال الدين أنفسهم كمصدر للاستشارة والإرشاد الروحي للجنود والمدنيين الذين يشعرون بالضغط النفسي أو يواجهون تحديات أخلاقية خلال الحرب وقيامهم بتنظيم حملات جمع التبرعات وتوزيع المواد الغذائية والأدوية والملابس والمأوى للمتضررين من الحرب
وقد واجه نظام الرئيس الراحل أنور السادات انتفاضة للطلبة، عام 1972 منددين بجمود الوضع بعد إعلان السادات أن عام 1971 عام الحسم، ليستخدم الطلبة سلاح الهتافات والاعتصام للضغط على الإدارة المصرية للتحرك لإنهاء الاحتلال فشباب مصر يرفع دائمًا راية الحرب فى مواجهة أى احتلال.
كما كان للفن والثقافة من خلال بيان المثقفين أو بينان توفيق الحكيم دور هام في تعزيز الروح المعنوية والوحدة الوطنية للشعب المصري وتعبئة الجماهير وتشجيعها على المشاركة في الجهود الحربية ودعم الجيش والضغط علي الحكومة لإنهاء حاله اللاحرب واللاسلم كما قدم الفنانون المصريون العديد من الأعمال الفنية الملهمة التي تمجد البطولات العسكرية وتشجع على الصمود والتضحية من أجل الوطن وكانت الأغاني والأفلام والمسرحيات الوطنية تعكس قوة وإرادة الشعب في مقاومة الاحتلال واستعادة الأراضي المحتلة واستخدم الإعلام في بث الأغاني الوطنية والخطابات الملهمة والمسلسلات التلفزيونية والأفلام الوثائقية التي تسلط الضوء على تاريخ الصراع والتضحيات التي قدمها الشعب وساهمت أيضا في توثيق التاريخ والذاكرة الوطنية لهذه الفترة الهامة في تاريخ مصر
هذا بخلاف ما قام به العديد من مختلف قطاعات الدولة لا يتسع المجال لذكرها من مساهمات أساسية في نصر أكتوبر.
ألم يحن الوقت لتوجيه التحية لأبناء الشعب الذين حاربوا دون حمل سلاح وساهموا بطريق مباشر أو مباشر في التخطيط والاستعداد للحرب حتي تحققت الأهداف السياسي بجانب الهدف الاستراتيجي؟! والتحيه لكل المواطنين بمختلف انتمائتهم علي التزامهم ودعمهم للدولة وهي في حاله حرب فلم تعاني مصر من جشع التجار برفع أسعار السلع التي كانت تكفي بالكاد لشهر واحد ولم تلق أي عبء اقتصادي أو اجتماعي علي القيادة السياسية التي تفرغت لمتابعة العمليات الحربية.
أرى الأبطال المنسيين جمعوا أبنائهم وأحفادهم ليقصوا عليهم أدوارهم في نصر أكتوبر ولم يتمكنوا من الرد علي سؤال أبنائهم أين أنتم من التكريمات واحتفالات النصر؟
يراودني الأمل أن يشكل السيد رئيس الجمهورية لجنه لإعادة كتابه التاريخ وإبراز دور الشعب بمختلف فئاته في نصر أكتوبر لترسيخ المواطنة والانتماء والمساواة بين أفراد الوطن فالتحية واجبه للجنود المجهولين.