يوافق اليوم الـ21 من أكتوبر، ذكرى وفاة أنيس منصور الذي رحل عن عالمنا في عام 2011م، ويعد أحد أهم الشخصيات الأدبية في العالم العربي خلال القرن الواحد والعشرون، وكان صحفيًا من الطراز الرفيع، حيث جمع بين أصابعه فنون الأدب الصحيح والدقيق، وترك إرثًا ضخمًا من المؤلفات.
ونتعرف في السطور الآتية عن شخصية «أنيس منصور» التي لمعت في سماء الصحافة والأدب، حتى ظل حيًا بيننا بعد موته.
وٌلد «أنيس منصور» في 18 أغسطس 1924م، بجمهورية مصر العربية، وكان يقيم بمحافظة الدقهلية، والتحق مُنذُ صغره بكتّاب قريته وحفظ القرآن الكريم كاملًا قبل أن يتجاوز العاشرة من عمره، وأتم دراسته حتى الجامعة بالدقهلية.
وانتقل إلى القاهرة لإكمال دراسته الجامعية، وتخرج من قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة القاهرة سنة 1947م، ثم عُين بجامعة عين شمس، وعمل بالتدريس فترة لم تطول، وذلك نظرًا لحبه الشديد بمجال الكتابة والصحافة، الذي ظل يُراوغه حتى استقال من الجامعة ليصبح متفرغًا للصحافة والكتابة.
واستطاع بمثابرته وإقدامه أن يدخل مؤسسة أخبار اليوم، وتدرب على يدي مؤسسيها مصطفى أمين وعلي امين، ولكنه لم يستمر طويلًا، وانتقل بعدها إلى آخر ساعة، والأهرام، والهلال. واستمر في التنقل بين هذه الصحف، حتى كلفه الرئيس محمد أنور السادات بتأسيس مجلة أطلق عليها اسم «أكتوبر» سنة 1976م.
وحصل «أنيس منصور» على العديد من الجوائز والتكريمات داخل مصر وخارجها، منها:
- جائزة الدولة التشجيعية من المجلس رعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1963م.
- جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1981م.
- وجائزة الإبداع الفكري لدول العالم الثالث، عام 1981م.
- جائزة الإبداع الإعلامي العربي من الملتقى الإعلامي العربي الخامس بالكويت.
- جائزة مبارك في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2001م.
كما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة، وتخليدًا له واعترافًا بفضله الأدبي شُيد له تمثالًا بمدينة المنصورة.
وتنوع إنتاجه الفكري بين التأليف والترجمة، منها:
وداعا أيها الملل، ألوان من الحب، ، حول العالم في 200 يوم، لعنة الفراعنة، جسمك لا يكذب، الذين هبطوا من السماء، أعجب الرحلات في التاريخ، القوى الخفية، من نفسي، قالوا، الخبز والقبلات، أنتم الناس أيها الشعراء، معنى الكلام، وأنت ما رأيك؟ يسقط الحائط الرابع، ثم ضاع الطريق، لحظات مسروقة، أحب وأكره، كتاب إلا قليلا، وجع في قلب إسرائيل، الحب الذي بيننا، عبد الناصر المفترى عليه والمفترى علينا، السيدة الأولى، اللعب غريزة منظمة، مذكرات شاب غاضب، أرواح وأشباح، الذين عادوا إلى السماء، ديانات أخرى، حتى تعرف نفسك، كائنات فوق، طلع البدر علينا، شيء من الفكر، قلوب صغيرة، اليمن ذلك المجهول، كيمياء الفضيحة.
واستطاعت أعمال أنيس منصور أن تدخل حيز التنفيذ في الدراما والإذاعة، حيث تحولت بعض كتاباته إلى مسلسلات درامية، مثل: «غاضبون وغاضبات»، و«العبقري»، و«حقنة بنج»، و«يعود الماضي يعود». والتلفزيونية: «حول العالم في 200 يوم»، و«أصابع بلا بصمات».
وتميز أنيس منصور بأسلوبه الجذاب الممتع، وحبه الشديد للأدب بوجه عام والفلسفة بوجه خاص، وكان هذا سببًا رئيسًا في شهرته، وانعكس ذلك على رؤيته الثقافية وإنتاج الغزير الذي تفرد به عن غيره. وساعده ايضًا اتقانه للغات الأجنبية أن يقرأ الكتب الغربية ليضيف منها إلى ثقافته، وهو ما ظهر في العديد من مؤلفاته.
ومن الأعمال التي لاقت إعجاب جموع القراء ولم يختلف عليها أحد، وأًعيد طباعتها عدة طبعتها، 3 أعمال:
« كتاب في صالون العقاد كانت لنا أيام»: وقاله عنه الكتاب احمد بهجت:
اختار أنيس منصور في كتابه أسلوبًا جديدًا للكتابة، ولم يشرح لنا المراحل العقلية لنمو العقاد فحسب، ولا اكتفى بالنظر إلى أدبه وحياته فقط، وإنما قدم جيلًا بأكمله ورسم عصرًا أدبيًا من خلال حركة الزمن والعقول والمشاعر، والصراع والضحك والبكاء.القارئ لهذا الكتاب يجد نفس بين ذكريات محفوظة لأجمل وأرقى الصالونات في ذلك الوقت، وهو صالون العقاد الذي مر به اشهر المثقفين والكتّاب.
«كتاب حول العالم في 200 يوم»:
يعد كتاب "العالم في 200 يوم" للكاتب أنيس منصور أحد الأعمال المميزة في مجال أدب الرحالات، حيث يتناول الكتاب رحلة الكاتب حول العالم وتجاربه ومشاهداته خلال فترة 200 يومًا و يقدم الكاتب وصفًا مفصلًا للمواقع التي زارها والثقافات التي تعرف عليها، ويشارك القراء مغامراته وانطباعاته الشخصية.
«كتاب الخالدون مئة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم»:
جاء هذا الكتاب ترجمة عن النسخة الإنجليزية «المائة» للمؤلف مايكل هارت وهو عالم فلكي رياضي، وهو دارس للتاريخ. وضع هارت هذا الكتاب كتقويم لأعظم الناس أثرًا في التاريخ.
وجاء اختيار انيس منصور لترجمة هذا الكتاب، لأهميته الثقافية والفكرية، فالكتاب يعرض بشكل دقيق ومنظم الشخصيات كأنه يبرز ملامحها الرئيسية ودورها الفعال في التاريخ ببساطة شديدة وضوع بالغ الأثر.
وصرح أنيس منصور في مقدمه لهذا الكتاب أن لم يقوم بأي تدخل في هذا الكتاب اللهم إلا حذف بعض العبارات والمصطلحات العلمية، دون الخروج عن المعنى المقصود، وحتى يسهل للقارئ الاستمتاع بكل ما جاء بالكتاب دون ملل أو ضجر.
ورحل «أنيس منصور» عن عمر يناهز 87 عامًا، تارك بصمة صحفية وأدبية بارزة على المستوى الثقافي المحلي والعالمي، وسيظل حيًا نابضًا بمقالاته ومؤلفاته، لتكون السراج المُنير للقارئ الباحث عن المعرفة الحقيقية ذات يوم.