أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري الدكتور فيصل المقداد أن المجازر وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة، ما كانت لتحصل لولا إصرار دول غربية معروفة في مقدمتها الولايات المتحدة على منحه تفويضا مفتوحا للقتل، موفرة له الحماية والإفلات من العقاب، مشددا على وجوب تحمل مجلس الأمن الدولي لمسؤولياته في وضع حد لهذه المجازر والجرائم، ومساءلة مرتكبيها بعيدا عن النفاق السياسي والمعايير المزدوجة.
وقال المقداد في بيان اليوم خلال الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط ألقاه القائم بالأعمال بالنيابة الدكتور الحكم دندي: يشهد شهر اكتوبر الجاري تصعيداً إجرامياً إسرائيلياً خطيراً فاق كل التصورات، وممارسات عدوانية وحشية بحق الشعب الفلسطيني الشقيق يندى لها الجبين، تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، حيث يقوم الاحتلال الإسرائيلي بقصف الأبنية في غزة مستخدما أسلحة محرمة دوليا، ويقطع المياه، والأدوية، والكهرباء، والوقود، وأبسط مستلزمات الحياة عن أهلنا الذين يعيشون في قطاع غزة، ويهددهم بالتهجير القسري.
وأوضح المقداد أن إسرائيل أضافت إلى سجلها الإجرامي الحافل، فصلاً جديدا أشد قتامة ودموية، من خلال قصفها الهمجي لمستشفى المعمداني، ولكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، ثالث أقدم كنيسة في العالم، فضلا عن استهداف مدارس الأونروا التي ظن الفلسطينيون أنها قد تكون ملاذا آمنا لهم من البطش الإسرائيلي، مؤكدا أن هذه المجازر ما كانت لتحصل لولا إصرار بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة على منح إسرائيل تفويضاً مفتوحاً لارتكاب الجرائم، موفرة لها الحماية والإفلات من العقاب.
وشدد المقداد على أن السبب الرئيس للتصعيد الحالي الذي تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ عقود من الاحتلال، وسعي إسرائيل من خلال حربها الوحشية إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر ارتكاب المجازر، وجرائم الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، واتباع سياسة الأرض المحروقة، لتذكرنا بتاريخها الأسود، حيث بلغ عدد ضحايا عدوانها خلال الأيام الماضية نحو 6000 شهيد جلهم من الأطفال والنساء، و1000 مفقود، وأكثر من 17 ألف جريح، الأمر الذي يثبت مجددا أن إسرائيل بعقيدتها المتطرفة، وباستراتيجية الرعب التي تنتهجها، هي الوجه الآخر لتنظيم داعش الإرهابي.
وأعرب المقداد عن استنكار سوريا لسلوك الولايات المتحدة وحلفائها في مجلس الأمن الذي تسبب بعجزه عن الاضطلاع بمسؤولياته في وقف العدوان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن واشنطن لم تكتف بتعطيل المجلس، بل سارعت إلى تعزيز آلة الحرب الإسرائيلية، من خلال إرسال حاملات طائراتها إلى المنطقة، وتزويد إسرائيل بالعتاد العسكري المتطور، إضافة إلى تقديم مليارات الدولارات لها، ناهيك عن تسخير وسائل إعلامها، لتشويه نضال الشعب الفلسطيني.
وجدد المقداد مطالبة سوريا لمجلس الأمن بضرورة تحمل مسؤولياته ووضع حد لاعتداءات الاحتلال الهمجية على الشعب الفلسطيني، عبر الوقف الفوري للعدوان على القطاع، وتقديم الدعم الإنساني العاجل للفلسطينيين فيه، ورفض أي مخططات أو محاولات لتهجيرهم، مؤكدا رفض سورية بشدة محاولات المساواة بين القاتل والضحية، بين قوة احتلال وشعب رازح تحت نير الاحتلال ومحروم من أبسط حقوقه منذ 75 عاماً، ومشيراً إلى أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار، طالما استمر نكران الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، واستمر احتلال إسرائيل للأراضي العربية، والتمادي في رفض تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وجدد وزير الخارجية والمغتربين التأكيد على دعم سوريا الثابت للقضية الفلسطينية، وأنها لم ولن تدخر جهدا في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في كفاحه المشروع لاستعادة حقوقه المسلوبة، بما فيها حقه غير القابل للتصرف في الدفاع عن نفسه، ومقاومة الاحتلال، وتحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وأشار المقداد إلى أن جرائم إسرائيل في فلسطين، لا تنفصل عن ممارساتها في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، والتي تتجلى في مواصلة سياساتها العدوانية بحق أهلنا في الجولان، وممارستها أبشع الانتهاكات للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، من اعتقال، وقتل، وتهجير، وإمعان في سياساتها الاستيطانية التوسعية بهدف تكريس الاحتلال، وزيادة أعداد المستوطنين، وفرض التغيير الديموغرافي، فضلا عن سرقة موارد الجولان السوري الطبيعية، والاستيلاء على الأراضي الزراعية، وإقامة توربينات هوائية ضخمة تتسبب بآثار كارثية.
ولفت المقداد إلى أنه بالتزامن مع مواصلة إسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني في غزة، فإنها تمعن باعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية، حيث شنت قبل يومين، وللمرة الثالثة خلال أسبوع واحد، عدواناً جوياً مستهدفة مطاري دمشق وحلب الدوليين، ما أدى إلى استشهاد عامل مدني في مطار دمشق، وتعريض سلامة الطيران المدني للخطر، وتعطيل عمليات الأمم المتحدة الإنسانية، وإلحاق أضرار مادية بمهابط المطارين، تسببت بخروجهما من الخدمة مجددا بعد أن تم إصلاحهما إثر العدوان الأخير، وذلك في دليل على أن الاستخفاف بحياة المدنيين، وارتكاب الجرائم المتواصلة يشكل السمة الأساسية والثابتة للسلوك الإسرائيلي في المنطقة.