تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.
والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.
خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.
واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول "اللي تحسبه موسى يطلع فرعون".
يشير هذا المثل الشعبي إشارة واضحة إلى قصة سيدنا موسى عليه السلام وفرعون الحاكم الظالم.
وقد استخدمه القدماء عندما لاحظوا أن بعض الأشخاص يظهرون في البداية بأفعال تبدو صالحة ونبيلة، ولكن مع مرور الوقت يكتشفون أن هذه الأفعال ليست كما بدت عليه، بل تخفي وراءها نوايا أو أفعالًا سيئة.
شُبّهت البداية الصالحة بأخلاق الرسل العظيمة، ثم قورنت الأفعال السيئة التي تكشفت لاحقًا بأخلاق فرعون الظالم، نظرًا للتناقض الكامل بينهما.
ومن هنا، استُنبط هذا المثل "اللي تحسبه موسى يطلع فرعون" ليعبر عن التحول المخيب بين الظاهر والباطن، وأُضيف إلى قائمة الأمثال الشعبية التي يستخدمها الناس للتعبير عن مثل هذه المواقف المخادعة.