بقلم : أشرف غريب
أمامى الآن أربعة كتب تضم أربعة استفتاءات عن أهم مائة فيلم ظهرت فى سينما بلادنا ، أحدثها كتاب الناقد السينمائى سامح فتحى الذى يدهشنى دائما بإصراره الواضح على عدم التنازل عن الصورة المبهرة التى تظهر عليها الكتب التى يصدرها بنفسه رغم كل ما يلقاه فى سبيل ذلك من صعوبات للدرجة التى تجعلنى أصفه دائما بالجنون ، أما الاستفتاءات الثلاثة الأخرى فأولها الذى نظمه مهرجان القاهرة السينمائى الدولى سنة 1996 تحت إشراف الناقد السينمائى الكبير أحمد رأفت بهجت بمناسبة مرور مائة عام على ظهور السينما فى مصر ، والثانى نظمته مكتبة الإسكندرية عام 2007 تحت إشراف الناقد الراحل أحمد الحضرى بمناسبة مرور مائة عام على أول تصوير سينمائى فى مصر ، بينما الاستفتاء الثالث فكان من تنظيم مهرجان دبى السينمائى الدولى فى دورته العاشرة من إعداد زياد عبد الله ، وهو الوحيد الذى اختلف عن بقية الاستفتاءات السابقة بشموله على أهم مائة فيلم فى تاريخ السينما العربية وليس المصرية فقط ما أدى بالتبعية إلى دخول سبعة وخمسين فيلما لم تكن مصر منتجا أصيلا لها أو طرفا فى إنتاجها فى تلك القائمة .
ومع انتباهى لخلط بعض من استهدفتهم تلك الاستفتاءات بين الأهم والأفضل فى تاريخ السينما المصرية ، وتأثير أيدلوجية المستهدفين على اختياراتهم ومن ثم النتائج النهائية للاستفتاءات فإن الملحوظة البارزة هى عدم توافق نتائج هذه الاستفتاءات أو حتى اقترابها من بعضها لا سيما وأن الاستفتاء الأول الذى أجراه مهرجان القاهرة السينمائى الدولى سنة 1996 لم يشمل بالطبع الأفلام التى تم إنتاجها بعد هذه السنة .
أما سامح فتحى فى كتابه الذى صدر قبل أسابيع " أهم مائة فيلم وفيلم فى السينما المصرية " بمناسبة مرور تسعين عاما على ظهور فيلم " ليلى " الصامت " سنة 1927 أول فيلم روائى فى تاريخ السينما المصرية فقد أراح نفسه من بعض هذه الإشكاليات حين قرر فى لحظة عنترية اعتدناها منه أن يتولى هو طباعة وإصدار هذا الكتاب ، وأن يقوم وحده باختيار قائمته الخاصة لأهم مائة فيلم وفيلم عرفتها السينما فى مصر ، بينما الكتب والاستفتاءات الأخرى قامت عليها - كما هو واضح - مهرجانات وهيئات كبرى ، وشارك فى إعدادها وتحريرها مجموعة كبيرة من أهل الخبرة والاختصاص ، وربما لجأ الناقد الشاب إلى ذلك حتى يحرر اختياراته من أية قيود ، ويضمن لإصداره الجديد ذلك المستوى المبهر فى الطباعة والإخراج ، وربما هذا الانفراد فى الاختيار هو الذى دعا فريقا - وأنا منهم - إلى عدم الاتفاق معه فى بعض هذه الاختيارات ، فهو مثلا يضم فى قائمته أفلاما مثل : سفير جهنم ، أين عمرى ، تجار الموت ، ساحر النساء ، العتبة الخضراء ، سوق السلاح ، طريق الدموع ، هارب من الأيام ، امرأة ورجل ، قاع المدينة ، فيما يهمل أفلاما لو كنت مكانه لاخترتها ما دام ألزم نفسه بمعيار الأهم وليس الأفضل ، مثل : وداد ، لاشين ، الآنسة حنفى ، أيامنا الحلوة ، صراع الأبطال ، خللى بالك من زوزو ، ليل وقضبان ، خرج ولم يعد ، إسماعيلية رايح جاى ، وساعة ونص ، مع ملحوظة أن هناك أفلاما أخرى ربما تكون الأفضل حتى لو لم تكن الأهم .
ومع ذلك فإن نسبة اختلاف عشرة بالمائة أو نحوها مقبولة جدا فى مثل هذه الاختيارات خاصة وأنها ليست بالضرورة الاختيارات المثالية بالنسبة لغيرى من النقاد ، والأهم أنها فى النهاية تمثل اختيارات صاحب الكتاب التى يجب احترامها سواء اتفقنا معها أو اختلفنا عليها ، ويبقى أنه كتاب جدير بالاقتناء لفكرته التى قام عليها ، ومشجع على التصفح بإبهاره وجمال طباعته ، ومثير للقراءة بحالة الجدل التى يمكن أن يخلقها .