طالب أكثر من 40 خبيرا ومقررا خاصا أمميا في حقوق الإنسان ، في بيان أصدروه اليوم الخميس في جنيف ، المجتمع الدولي بمنع الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني .. مشيرين إلى أن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين في أعقاب أحداث 7 أكتوبر لا سيما في غزة تشير إلى حدوث إبادة جماعية.
ومن بين هؤلاء الخبراء ، فرنشيسكا البانيز المقررة لخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، مارجريت ساتروثويت المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين ، ودوروثي استرادا رئيس الفريق الأممي العامل المعني بالتمييز ضد النساء وأعضاء الفريق وغيرهم.
وأكد الخبراء أن الاحتلال أوضح الأدلة على تزايد التحريض على الإبادة الجماعية والنية العلنية لتدمير الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والدعوات الصاخبة إلى نكبة ثانية في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة واستخدام أسلحة قوية ذات أثار عشوائية بطبيعتها مما أدى إلى عدد هائل من القتلى وتدمير البنية التحتية التي تحافظ على الحياة.
وشددوا على أن الكثيرين منهم دقوا ناقوس الخطر بشأن خطر الإبادة الجماعية في غزة ..معربين عن قلقهم البالغ إزاء فشل الحكومات في الاستجابة لدعوتهم وتحقيق وقف فوري لاطلاق النار ، كما أعربوا عن القلق العميق إزاء دعم بعض الحكومات لاستراتيجية الحرب الإسرائيلية ضد السكان المحاصرين في غزة وفشل النظام الدولي في التعبئة لمنع الإبادة الجماعية.
وأفاد الخبراء بأن أكثر من 11 ألف فلسطيني قد قتلوا بينهم 41 % من الأطفال و25 % من النساء وأصيب أكثر من 27 ألف شخص بينما تشرد أكثر من 1.6 مليون شخص..لافتين إلى أن هذا يحدث وسط تشديد إسرائيل حصارها غير القانوني المفروض على غزة منذ 16 عاما والذي منع السكان من الفرار وتركهم دون طعام وماء ودواء ووقود لأسابيع حتى الآن وذلك على الرغم من النداءات الدولية لتوفير وصول المساعدات الإنسانية الحيوية .. مشددين على أن التجويع المتعمد يرقى إلى جريمة حرب.
وأشاروا إلى أن نصف البنية التحتية المدنية في غزة دمرت بما في ذلك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية فضلا عن المستشفيات والمدارس والمساجد والمخابز وأنابيب المياه وشبكات الصرف الصحي والكهرباء وبشكل يهدد باستمرار الحصار .. مؤكدين أن الحياة الفلسطينية في غزة أصبحت مستحيلة .. لافتين إلى أن الواقع في غزة بما يحمله من آلام وصدمات لا يطاق بالنسبة للناجين ويمثل كارثة ذات أبعاد هائلة.
وأكد الخبراء على أنه لا يمكن تبرير مثل هذه الانتهاكات الفظيعة باسم الدفاع عن النفس بعد الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر الماضي .. مشددين على أن إسرائيل تظل القوة المحتلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تشمل أيضا قطاع غزة وبالتالي لا يمكنها شن حرب ضد السكان الواقعين تحت احتلالها العسكري.
وقالوا : "لكي يكون رد إسرائيل مشروعا يجب أن يكون ضمن إطار القانون الإنساني الدولي بشكل صارم".. مشيرا إلى أن وجود الأنفاق تحت الأرض في أجزاء من غزة لا يلغي الوضع المدني للأفراد والبنية التحتية التي لا يمكن استهدافها بشكل مباشر أو المعاناة بشكل غير متناسب.
ودق الخبراء ناقوس الخطر بشأن تصاعد أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة من قبل الجنود والمستوطنين المسلحين .. لافتين إلى مقتل ما لا يقل عن 190 فلسطينيا وإصابة أكثر من 2700 اخرين ونزح أكثر من 1100 فرد في الضفة الغربية المحتلة.
وأعربوا عن حزنهم العميق إزاء رفض إسرائيل وقف فوري لإطلاق النار وعدم رغبة المجتمع الدولي في الضغط بشكل أكثر حسما من أجل تنفيذ ذلك ..محذرين من أن الفشل في التنفيذ العاجل لوقف إطلاق النار يهدد بتصاعد هذا الوضع نحو الإبادة الجماعية التي تتم بوسائل وأساليب الحرب في القرن الحادي والعشرين.
كما أعربوا عن قلقهم إزاء خطاب الإبادة الجماعية والتجريد من الإنسانية الذي تصدره الحكومة بشكل واضح من كبار المسؤولين الإسرائيليين وكذلك بعض المجموعات المهنية والشخصيات العامة الذين يدعون إلى "التدمير الكامل ومحو غزة وضرورة الانتهاء منها جميعا واجبار الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس الشرقية على الفرار الى الأردن..محذرين من أن إسرائيل أثبتت أن لديها القدرة العسكرية على تنفيذ مثل هذه النوايا الإجرامية.
وشددوا على ضرورة الدعوة لإسرائيل وحماس لتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها سكان غزة بشدة دون عوائق وضمان الإفراج غير المشروط والآمن عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس وضمان إطلاق سراح الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل تعسفا على الفور إضافة إلى فتح ممرات إنسانية نحو الضفة الغربية والقدس الشرقية وإسرائيل ، وخاصة لأولئك الأكثر تضررا من هذه الحرب والمرضى والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والنساء الحوامل والأطفال.
وأوصى الخبراء بضرورة نشر قوات حماية دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت اشراف الأمم المتحدة وكذلك تعاون جميع الأطراف مع لجنة التحقيق في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وإسرائيل والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في التحقيق الذي بدأ في مارس 2021، وكذلك الجرائم الناجمة عن الأحداث الأخيرة .. مشددين على أهمية تنفيذ حظر الأسلحة على جميع الأطراف المتحاربة.
وخاطب الخبراء الأمميون الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالقول : "ما هو على المحك ليس فقط مصير الإسرائيليين والفلسطينيين بل أيضا اشتعال الصراع الخطير في المنطقة مما يؤدي إلى المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان ومعاناة المدنيين الأبرياء".