حالة عجيبة كانت تلك التي واجهها الكاتب السوري ربيع مرشد، حيث فاز في مسابقة بدولة قطر وحصل على المركز الأول في مسابقة روايات مصرية للجيب عن قصة «دلال ونجمها الوهّاج» في أدب الطفل، ومع ذلك لم يتسلم الجائزتين ببساطة لأنه يعيش في سوريا، وهي منطقة تشهد حروبا وصراعات مما يجعل السفر والعودة بأمان أمرًا صعبًا، ربما تكون الجوائز دافعا لحياة أفضل، ومجرد سماع اسمك تفوز بجائزة فهو شعور كاف للفرحة، ولكن ماذا إن لم تستطع تسلم جائزتك أو حتى الوقوف مع الآخرين على منصات التتويج، التقينا ربيع مرشد وكان هذا الحوار..
فزت بجائزتين مؤخرا.. كيف ترى شعورك بالفوز أولا خاصة وأنك حصلت على المركز الأول فيهما؟
عندما تُقرر التقدم إلى مسابقة فمن الضروري دراسة الهيئة التي تقيم هذه المسابقة، وبطبيعة الحال لابد من معرفة نصّك الأدبي والوثوق به، وكما أنه عليك توقع الفشل قبل النجاح، وهذا أيضًا ليس نهاية المطاف.
بصراحة كنت واثقا من وصولي إلى مراحل متقدمة في القوائم الطويلة والقصيرة لجائزة روايات مصرية للجيب والتي حصلت على المركز الأول فيها أدب الطفل، لكنني لم أتنبأ فوزي احتراما لقدرات المترشحين، وعندما تم الاتصال بي ظننت أنهم يدرسون معي أمور السفر إلى مصر العزيزة، وكانت فرحة رائعة حين زفّوا لي حصولي على المركز الأول، فأيقنت أنهم على قدرٍ كبير من الرِفعة والمهنية والنبل.
في رأيك ما الذي تقدمه الجوائز للمبدعين؟
الجوائز لا تتعلق ببداية طريق أو نهاية، الموضوع ببساطة أنت تقدم نتاجك الفكري بمعزل عن أي شيء، لكنك عندما تفوز بجائزة لها قيمتها الأدبية، فسوف تحوز مسائل مهمة، أولا الثقة بفكرك وقلمك، ثانيا الدافع القوي للاستمرار، ثالثا استقطاب الشهرة التي تمهد لك الطريق لنصوصك القادمة.
هل ترى أن الطفل العربي أخذ حقه من الاهتمام والرعاية والتوجيه؟
هناك عدة أشياء يجب الوقوف عندها والإبحار فيها قبل الإجابة على هذا السؤال: هل نحن نربّي أطفالنا تربية سليمة؟ هل نحن نعتبر المكتبة أهم من الثلاجة والغسالة والصالون؟ هل نقرأ لهم القصص قبل النوم؟ لكن الأهم: هل نهبهم الوقت الكافي ونستمع لهم جيّدًا؟
للأسف إن الطفل العربي لم يأخذ حقه من كل هذا، والدليل الواضح الفاضح في السؤال المؤلم: لماذا الطفل في أوطاننا نسبة فشله أعلى من الطفل العربي نفسه الذي ينشأ في الدول الأخرى التي تتبنى الرعاية المُثلى؟
الكتابة لأدب الطفل تتطلب رؤية معينة.. هل تتفق أنها أصعب أنواع الكتابة ولماذا؟
ليس هناك من كتابة صعبة وأخرى سهلة، لكن الكتابة للطفل تحتاج لرؤية حذرة أكثر من غيرها، فنحن هنا نتعامل مع عقلٍ بكرٍ ونظيف، ومُستقبِلٍ لكل ما تنضح منه أيديولوجية المجتمع وتوجهاته، أكانت اجتماعية أو دينية أو علمية أو غيرها، ولهذا عندما نكتب لهم فنحن نمشي في أرض ملغومة، على الكاتب أن يعرف أين يضع قدمه التي هي بطبيعة الحال قلمه.
متى قررت أن تكتب للطفل.. وما هو السبب الحقيقي الذي دعاك لهذا الفعل؟
كان هذا منذ عام 2019، عندما لم يكن بحوزتي سوى 3 قصص حولت اثنتين منها لنصٍّ مسرحي شاركت به في جائزة الدولة لأدب الطفل في دولة قطر ووصلت إلى القائمة القصيرة.
وهنا سأعود لسؤالكم الماضي عن الجوائز وأهميتها، وفعلاً كانت تلك الجائزة انطلاقة مهمة أوصلتني نحو الفوز بجائزة روايات مصرية.
كانت هناك مشكلة في الحصول على الجائزة نظرا لتعذر سفرك بسبب مناطق الحرب في سوريا.. كيف يمكنك أن تعبر عن هذا؟
بصراحة شعرت بغبنٍ كبير، فأنا السوري الوحيد الفائز في تلك الجائزة، لكنني لم أحصل على الدعم الكافي من قبل حكومتي، وتساءلت بألم: لو كنت ممثلاً أو مطربا هل كنت سأجد مشكلة بالسفر؟
علام يعكف ربيع مرشد في الكتابة الآن؟
بصراحة أنا أحب المفاجآت، وأعتقد أن هذه إجابة كافية للسؤال، ولكن هناك جملة أحب قولها ختاما، حالة واحدة ننطلق بها نحو العلا: عندما يصبح الكاتب أكثر شهرة من الراقصة، وحين يغدو العالم أهم من لاعب كرة القدم.