الأحد 5 مايو 2024

واحد من 6 منافذ حدودية.. ومشكلته عنوان لأزمة فلسطين تفاصيل ضرورية قبل أن تهتف «افتحوا معبر رفح»!!

صورة أرشيفية

21-11-2023 | 19:06

تقرير يكتبه: أحمد بديوى
يحظى معبر «رفح» الحدودى مع قطاع غزة الفلسطيني، بحالة زخم غير مسبوقة، خلال الـ45 يومًا الماضية، بعدما اختلطت خلالها الشائعات والمزاعم، مع الأبعاد الإنسانية، والقومية، خاصة مع تواصل العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، دون أن يتوقف من يطالبون مصر بفتح المعبر «من جانب واحد» أمام آلية عمله، والمسئوليات المشتركة (الإسرائيلية، الفلسطينية، المصرية) وطبيعة دوره بين 6 منافذ حدودية للقطاع، وغيرها من الملفات التى تتطلب أجوبة شافية؛ لتبديد حالة اللغط، ووضع النقاط فوق الحروف، حول المعبر، المخصص لعبور الأفراد. ومعبر رفح، أحد المنافذ المهمة لعبور الأفراد بين قطاع غزة الفلسطينى ومصر، وهو مخصص للسفر للخارج من القطاع؛ لأغراض مختلفة (طبية، تعليمية، دينية، وسياحية، فضلاً عن العمل، والتواصل العائلى... إلخ)، ومنذ إنشاء المعبر عام 1948، مر الملف بالعديد من المتغيرات الدرامية، فهو إحدى القضايا التى لا تزال معلقة بين إسرائيل والمؤسسات الفلسطينية الرسمية، (كملفات أخرى، يطلق عليها مسمى، قضايا الوضع النهائى: الحدود، الترتيبات الأمنية، القدس، اللاجئون، المستوطنات، المياه، والعلاقات والتعاون مع الخارج) وكل هذه الملفات تم ترحيلها خلال جولات التفاوض الماراثونية، خلال الـ25 عامًا الماضية، برعاية دولية. ومنذ الانقلاب الذى نفذته حماس ضد حركة فتح فى قطاع غزة، صيف عام 2007 تدير الحركة، عبر ما يُسمى بالهيئة العامة للمعابر والحدود، آلية التعاون من الجانب الفلسطينى؛ حيث يتم فتح معبر رفح، طوال أيام الأسبوع (باستثناء الجمعة) منذ الصباح، وحتى الساعة الخامسة مساءً، بتوقيت القطاع، وفق الإجراءات والشروط الحازمة التى تضعها الحركة، قبل أن تتعدد أسباب الاهتمام بالمعبر، مؤخرًا، بحكم الضغوط الدولية، الراغبة فى عملية إجلاء الرعايا الأجانب (أوربيين، أمريكان، وجنسيات أخرى) ومزدوجى الجنسية، وتتمسك مصر بإجلاء المصابين لتلقى العلاج، ودخول آلاف الأطنان من المساعدات واللوازم الطبية والمعدات الإغاثية، قبل خروج الأجانب. وقبل العدوان الإسرائيلى، ظلت حركة حماس (التى تتحدث باسم قطاع غزة، وتدير شئونه) ترفض طلب السلطة الفلسطينيّة بـ«تشغيل معبر رفح وفق اتّفاقيّة المعابر الموقعة عام 2005» بحيث يتولّى حرس الرئاسة مسئوليّة أمن المعبر، على طول الحدود مع مصر، برقابه أوربية، من الجانب الفلسطيني كما كان عليه الحال قبل عام 2007، وأكدت حماس أن «هذه الخطوة تعنى الوصايا الإسرائيليّة والأوربّيّة على منافذها البرّيّة، مجددًا، وتفرض قيودًا ومراقبة على حركة الأفراد»، وتتمسك حماس بعمل معبر رفح، دون الحاجة إلى العودة إلى اتّفاقيّة المعابر. وتتعدد الجهات المانحة لتصاريح الدخول والخروج من قطاع غزة، خلال السنوات الأخيرة، ووفق آلية السفر عبر معبر رفح، يبادر الفلسطينى الراغب فى السفر بالتسجيل فى كشوف محلية بقطاع غزة، قبل مدة تتراوح بين 15 و30 يومًا، من السفر، والتسجيل لا يعنى الحسم، لأن الأمر عملية تقديرية لسلطة حماس، وقد يكون الشخص ممنوعًا (لظروف أمنية) من دخول مصر. شد وجذب خلال الفترة الأولى من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، تعمد جيش الاحتلال قصف محيط معبر رفح، من الجانب الفلسطيني، مرات عدة، فيما شددت مصر على ضرورة توقف إسرائيل عن شن الغارات الجوية بالقرب من المعبر، وأنها لن تفتح أبوابه من الجانب المصرى ما لم تتلق ضمانات حول سلامة عملية عبور فرق وشاحنات الإغاثة، بعدما أصرت إسرائيل على ضرورة السماح لآلاف الفلسطينيين بمغادرة غزة، عبر المعبر، باتجاه سيناء. وتضغط أطراف تآمرية (مرتبطة بدوائر صهيونية غربية) من أجل فتح معبر رفح بدون شروط أو ضمانات؛ لتمرير مخطط «التوطين» عبر النزوح الجماعى لأكثر من 2 مليون فلسطينى من قطاع غزة إلى سيناء، حتى إن منسق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة، مارتن جريفيث، قال إن السلطات المصرية على حق فى خشيتها من تدفق أعداد كبيرة من سكان غزة «الذين ستكون مسئولة عنهم بعد ذلك، لفترة غير محددة». وحتى السادس من أكتوبر الماضى، كانت معظم المساعدات والسلع والبضائع تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبوسالم (كيرم شالوم) الذى تديره إسرائيل؛ لكن منذ بدء العدوان الإسرائيلى على القطاع، تعنتت، حكومة بنيامين نتنياهو، فى تشديد القيود، ومن ثم أصبح معبر رفح هو الممر الوحيد للمساعدات الإنسانية، وأمام هذه الأزمة، فتحت مصر المعبر (فى الأيام الأولى للحرب)، رغم أنه غير مهيأ لعبور الشاحنات، ومع ذلك لا تتوقف حملات التحريض ضد مصر، رغم الإشكالية الكبيرة المرتبطة بآلية عمل المعبر (المفتوح لمدة 138 يومًا، وعبر منه ما يقرب من 20 ألف شخص من القطاع خلال العام الحالى). حكاية المعبر ظهرت أهمية معبر رفح منذ احتلال إسرائيل لقطاع غزة، عقب عدوان 5 يونيو عام 1967؛ حيث بادرت قوات الاحتلال بغلق المعبر من الجانب الفلسطينى، كجزء من عملية حصار أهالى القطاع، وحتى بعد توقيع معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية عام 1979، ثم انسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982، ظلت هيئة المطارات الإسرائيلية تسيطر على إدارة معبر رفح، من الجانب الفلسطيني؛ لكن عقب توقيع اتفاقية أوسلو، عام 1993، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، تم التوصل لاتفاق بين الجانبين يتضمن إعادة فتح معبر رفح للأشخاص والبضائع. بالعودة لاتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل (اتفاق غزة - أريحا للحكم الذاتى الفلسطينى) عام 1993، الذى وقعه رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق رابين، وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية الراحل، ياسر عرفات، فإن البند المتعلق بالفترة الانتقالية ومفاوضات الوضع النهائي، لم يحسم قضية «المعابر الحدودية» خاصة فى قطاع غزة. وفى البند الثامن من الاتفاق (النظام للعام والأمن) تم تأكيد «من أجل ضمان النظام العام والأمن الداخلى لفلسطينيى الضفة الغربية وقطاع غزة سيشكل المجلس قوة شرطة فلسطينية قوية، بينما تواصل إسرائيل تحمل مسئولية الدفاع ضد المخاطر الخارجية، وكذلك مسئولية أمن الإسرائيليين العام، بغرض حماية أمنهم الداخلى والنظام العام»، فيما تتحدث بنود أخرى من الاتفاق عن إعادة انتشار القوات الإسرائيلية خارج المناطق السكانية الفلسطينية، فى المناطق المشمولة بالاتفاق. وبمراجعة نصوص الملاحق الخاصة بالاتفاق (خاصة بروتوكول انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة) تم التأكيد على «صلاحيات إسرائيل فى ملفات الأمن الخارجى، المستوطنات، والإسرائيليين، العلاقات الخارجية، ووجود دولى أو أجنبى مؤقت، حسب ما يُتفق حوله» مع «ترتيبات لضمان مرور أمن للأشخاص والمواصلات بين قطاع غزة ومصر...». وبدأ العمل باتفاق المعابر، 25 نوفمبر 2005، ووفق الاتفاق (مدّته عام واحد، يجدّد بموافقة الطرفين، إلا إذا تقدم الطرف الثالث بتقييم سلبى حول إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح)، «تقوم السلطة الفلسطينية بإعلام الحكومة الإسرائيلية حول عبور شخص من الشرائح المتوقعة: الدبلوماسيين، المستثمرين الأجانب، الممثلين الأجانب لهيئات دولية معترف بها، والحالات الإنسانية، قبل 48 ساعة من عبورهم، وتتمثل مهمة البعثة الأوربية فى مراقبة تطبيق البنود الموقعة من الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وضمان عمل المعبر وفق المعايير الدولية». اشتراطات دولية وبحسب اتفاق المعابر (المعروف بحركة التنقل والوصول) «يُسمح فقط للأشخاص الذين يحملون بطاقات هوية فلسطينية؛ أى أصحاب حق الإقامة فى قطاع غزة وفق سجل السكان الإسرائيليين، أو رعايا أجانب، باستثناء فئات معينة خاضعة للرقابة الإسرائيلية، بالدخول والخروج، ويتم استخدام المعبر لتصدير البضائع من أو إلى مصر مع الخضوع لرقابة صارمة، ويجب أن يتم التخليص على الواردات من قبل موظفى الجمارك فى السلطة الفلسطينية فى كرم أبوسالم تحت إشراف موظفى الجمارك الإسرائيليين». وطبقا لاتفاق المعابر «يجرى تشغيل معبر رفح من قبل السلطة الفلسطينية، ومصر، طبقًا للمعايير الدولية وتماشيًا مع القانون الفلسطيني، مع وجود طرف ثالث -الاتحاد الأوربي- وبخصوص الإجراءات الأمنية فى المعبر من الجانب الفلسطيني، تعمل السلطة الفلسطينية على منع عبور السلاح أو المواد المتفجرة، وتحدد الوزن الملائم للحقائب الخاصة بالمسافرين كجزء من الإجراءات، بحيث تكون مماثلة لتلك التى تستخدمها الحكومة الإسرائيلية، وبحيث يجرى الاتفاق على سياسة خاصة بالحقائب للأشخاص كثيرى السفر، ويمكن للمسافرين، استخدام نقطة العبور لإحضار أى ممتلكات خاصة، أو بضائع أخرى للفحص فى نقطة عبور، كرم أبوسالم». ووفق الاتفاق تقوم بعثة الاتحاد الأوربى (بعثة المساعدة الحدودية) بـ«دور المراقبة النشطة، والتحقق، والتقييم لأداء السلطة الفلسطينية فيما يتعلّق بتطبيق المبادئ المتفق عليها لمعبر رفح الفلسطينى، وستعمل وفق السلطة المخوّلة لها لضمان التزام السلطة الفلسطينية بكافة القوانين والأنظمة المطبقة، المتعلقة بمعبر رفح وبنود المبادئ المتفق عليها لمعبر رفح، وتدريب العناصر الفلسطينية فى جميع النواحى المتعلقة بالمراقبة الحدودية والعمل الجمركي، وضمان عدم تعطيل عمل كاميرات المراقبة وأنظمة ومعدات الكمبيوتر المركّبة فى معبر رفح وبث المعلومات وفقًا للبنود التى اتفق عليها الطرفان فى المبادئ المتفق عليها لمعبر رفح الفلسطينى». متغير درامى واستمر العمل باتفاق المعابر، حتى يونيو 2007، عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، وبادرت بطرد العناصر الأمنية الفلسطينية من قطاع غزة، بمن فيها العناصر المشرفة على المعابر، فيما انسحبت البعثة الأوربية (المعنية بالرقابة على التنفيذ) وبعدها أعلنت إسرائيل (يونيو 2007) تجميد العمل بالاتفاق، وأرجعت السبب لـ«عدم القدرة على الإشراف على المارين من خلال المعبر» قبل أن تفرض حصارًا (بريًا، بحريًا، وجويًا) على القطاع، وتراقب كل أنشطة المعبر من الجانب الفلسطيني، عبر قاعدة عسكرية (كيرم شالوم) ومنظومات أخرى تقنية (أجهزة وأدوات تقنية عالية القدرات، مرتبطة إلكترونيًا بأجهزة الجيش الإسرائيليّ، الذى يتابع كلّ ما يدور فى المعبر بشكل مباشر، على مدار الساعة). معابر غزة قد لا يعرف البعض أن هناك العديد من المعابر الحدودية فى قطاع غزة (5 منها تخضع لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلى بشكل كامل) فضلاً عن معبر رفح؛ حيث هناك معبر كرم أبوسالم (يُعرف فى إسرائيل باسم، كيرم شالوم، ويقع عند نقطة التقاء الحدود المصرية، الفلسطينية، الإسرائيلية، وتشرف عليه مصر وإسرائيل، وهو مخصص لعبور السلع والبضائع والأفراد)، ومعبر المنطار (شرق غزة، ويطلق عليه فى إسرائيل اسم، كارنى، ويخصص لتبادل السلع التجارية بين غزة وإسرائيل)، كذلك يوجد معبر العودة (تسميه إسرائيل، صوفا، وهو يقع شرق مدينة رفح، إلى الجنوب الشرقى من مدينة خان يونس، وتسيطر إسرائيل عليه بالكامل، وهو مخصص لمواد البناء والتشييد)، ومعبر بيت حانون (يعرف فى إسرائيل، باسم معبر، إيريز، شمال مدينة غزة، ويخضع لسلطات الاحتلال الإسرائيلى بشكل كامل، ومخصَّص لعبور الحالات الإنسانية والمَرضيّة من الفلسطينيين، بهدف العلاج) وتعرض معبر، إيريز، للتدمير، فى ظل المواجهات الميدانية بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، خلال الشهر الأخير. ويوجد معبر الشجاعية (ناحل عوز، بحسب التسمية الإسرائيلية، الواقع شرق مدينة غزة، ويخضع لسيطرة جيش الاحتلال بشكل كامل، دخولًا وخروجًا، ويدخل منه الوقود، لتغذية مدن القطاع: بيت حانون، وخان يونس، ودير البلح، وبيت لاهيا، وجباليا، ورفح، وبنى سهيلا) ومعبر القرارة (كيسوفيم، وفق ما يطلَق عليه داخل إسرائيل، ويقع شرق قطاع غزة، ويكاد يكون مغلقًا منذ حوالى 16 عامًا، وكان مخصصًا للمرور الاستراتيجى، حيث كانت تمر منه القطع العسكرية الإسرائيلية). ويبقى، أن الخروج من دوامة الأزمة المرتبطة بمعبر رفح، يحتاج إلى إرادة دولية، فى التزام إسرائيل بتوفير ممرات آمنة وأن تُعيد الاعتبار للتعاون الفلسطينى - المصرى، فى تنسيق الجهود، بحيث تقوم السلطة الفلسطينية بتحمل مسئولياتها على الجانب الآخر، للمعبر، وقطع الطريق على أى تخوفات إقليمية ودولية من عبور عناصر إرهابية من غزة إلى سيناء، لعدم وجود سلطة أمنية حقيقية من الجانب الفلسطيني، على النحو الذى تبدّى خلال التماهى بين جماعة الإخوان والعناصر الإرهابية (2011 - 2018) وتداعيات ذلك على الأمن القومى المصرى، عمومًا، وأمن سيناء وتنميتها، الجارية خلال السنوات الأخيرة، على وجه الخصوص. ومع ذلك، يؤكد محافظ شمال سيناء، لواء د. محمد عبدالفضيل شوشة، أن معبر رفح الحدودى، مفتوح طوال الوقت ومتاح لاستقبال الجرحى والمصابين من الفلسطينيين، والسماح بدخول كل المساعدات الانسانية والطبية والأدوية من مصر إلى غزة، وأن مصر تقدم المساعدات الإنسانية والطبية لفلسطين كجزء من واجب إنسانى تجاه الشعب الفلسطينى، وأن جميع المديريات فى شمال سيناء جرى توجيهها لاتخاذ الجاهزية لمواجهة أى أزمات قد تحدث نتيجة للأحداث الجارية فى القطاع.