يبدو أنه لم يبقى خلف إسرائيل في حربها على غزة سوى الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أن تصريحات رئيسي وزراء إسبانيا وبلجيكا خلال القمة المصرية الإسبانية البلجيكية المشتركة، لم تلق قبولاً لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فخلال مؤتمر صحفي عُقد أمام معبر رفح، لوح رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بأن إسبانيا قد تتخذ قرار فردي بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة إذا لم يقم الاتحاد الأوروبي بهذه الخطوة.
وفيما يتعلق بالهدنة، قال: "إن وقف إطلاق النار الحالي ليس كافياً، ويتعين تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار".
بينما أكد رئيس الوزراء البلجيكي، على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، معقباً: "أن الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة حل جيد لكننا نسعى إلى وقف نهائي، ولا بد من إطلاق سراح جميع المحتجزين في قطاع غزة وعلى إسرائيل احترام القانون الإنساني الدولي".
وأضاف:"أتيت هنا برسالة من أجل الإنسانية، ونعلم أن هناك الكثير من الضحايا الذين ليس لهم ذنب فيما يحدث".
لم تلق التصريحات قبولاً لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حيث قال:"أدين بشده تصريحات رئيسي وزراء بلجيكا وإسبانيا بشأن عد تحميل حماس مسؤولية الجرائم التي ترتكبها". وقامت إسرائيل باستدعاء سفيري بلجيكا وفرنسا احتجاجاً على التصريحات السابقة.
تزامنا ذلك، مع تصريحات الخارجية البريطانية، حيث قالت:"إن إسرائيل لن تكون آمنة أبدا ما لم يكن هناك أمن واستقرار للشعب الفلسطيني على المدى الطويل".
وأضافت، أن الخسائر في صفوف المدنيين في قطاع غزة مرتفعة للغاية، وحثت إسرائيل على اتخاذ إجراءات صارمة ضد العنف غير المقبول للمستوطنين بالضفة الغربية.
من جهتها، أكدت المفوضية الأوروبية ضرورة وقف العنف المتصاعد الذي يمارسه المتطرفون في الضفة الغربية.
وأضافت "يحتاج الشعب الفلسطيني ودول الجوار العربية إلى تطمين بأنه لن يكون هناك تهجير قسري، بل تصور قابل للتطبيق بشأن دولة فلسطينية مستقلة، عبر إعادة توحيد غزة والضفة الغربية، في ظل حكم سلطة فلسطينية بعد إصلاحها، ومن أجل هذه الغاية، يجب أن يتوقف عنف المتطرفين غير المقبول في الضفة الغربية".
حيث تتصاعد اعتداءات المستوطنين على سكان الضفة الغربية، كما زادت قوات الاحتلال من وتيرة اقتحاماتها للمدن والمخيمات في الضفة.
كذلك، نددت فرنسا، في وقت سابق، بأعمال العنف التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية ووصفتها بأنها "سياسة إرهاب" تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وحثت السلطات الإسرائيلية على حماية الفلسطينيين من العنف.
وفي أسبانيا، أعلن مجلس مدينة برشلونة، قطع جميع العلاقات مع دولة إسرائيل احتجاجاً على الحرب على قطاع غزة، وحتى وقف إطلاق النار بشكل دائم.
هل تخلت أوروبا عن إسرائيل؟ خبير يوضح
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، أنه برغم من كل ما يحدث فإن هناك توجه دولي يرى أن حل المشكلة يكون من جذورها هو الطريق الأسلم، وهذا الحل يتضمن أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة بالجانب إسرائيل.
وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال": "ولكي نصل إلى المدى المطلوب لابد أن نقرأ ما حدث طوال الثلاثين عاماً الماضية، في مفاوضات من الواضح أن إسرائيل كانت تماطل من خلالها لعدم الوصول إلى وجود دولة فلسطينية".
وقال السياسي الفلسطيني: "لذلك يرى الأوروبيين أو بعض الدول الأوروبية أن هذا الحل يبدأ من الدولة الفلسطينية ولإجبار إسرائيل لعدم المماطلة في حل الدولتين، من المهم أن يتم ترسيم ذلك عبر الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967، تكون عضو بالأمم المتحدة وليس دولة مراقب.
وتابع :"وهذا ما تحدث عليه الرئيس السيسي، لذلك أعتقد أن هذه الرؤية تتبلور وستأخذ خطوات إلى الأمام وسيكون لها دور كبير أو تغيير كبير ربما الولايات المتحدة لم تظهر قبولها إلى هذا السيناريو لكنها لن تعترض عليه في مجلس الأمن، لأن لديها مشروع لا يتواءم مع اليمين المتطرف الإسرائيلي ".
وأكد مطاوع، أنه لا يمكن تفسير ذلك بأن أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتخلى عن الاحتلال الإسرائيلي، ولكن لديهم مصالح، لذلك هي معنية بترتيب المسار؛ للوصول إلى دولة فلسطينية، دون الاكتراث بتصريحات نتنياهو.
وواصل:"حتى اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة الأمريكية يتعارض مع توجهات نتنياهو، لذلك فالاتحاد الأوروبي يعمل على تصحيح هذه الرؤية، ولكن هذا لا يكفي يجب أن يكون هناك ضغط وتوافق مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ حتى يصبح هذا المسار حقيقي".
وفيما يتعلق بإعلان كتائب القسام تأخير تسليم الدفعة الثانية من المحتجزين، أوضح، أن إخلال إحدى الطرفين بشروط الهدنة؛ سيؤدي إلى العصف بالهدنة، وهذا الأمر متوقع حدوثه بأي هدنة.
وأضاف: "أن إسرائيل أجبرت على هذه الهدنة"، معقباً: "أن الولايات المتحدة الأمريكية ضغطت بشكل كبير؛ للوصول إلى هذه الهدنة، لذلك أعتقد أن إسرائيل ستستغل ذلك لاستئناف عملياتها ضد الشعب الفلسطيني".
وذكر مطاوع، أنه في عام 2014، كان هناك 17 هدنة طوال الحرب، وجميعها تم خرقها من قبل أحد الطرفين في مرحلة ما.
وأشار إلى أن الهدن الإنسانية هي مطلب؛ لتبريد ساحات التظاهر والضغط الذي تتعرض له الإدارة الأمريكية من الديمقراطيين التقدميين، إضافة إلى ضغط الشارع الأوروبي.
واختتم: "حتى هذه اللحظة لا يوجد أي تصريح للإدارة الأمريكية فيه أي مطالبة أو ضغط لوقف إطلاق النار نهائي، مشيراً إلى أن تحديث الرئيس الأمريكي جو بايدن تحدث عن هدن عديدة، وكأنه يقول بأن هذه الحرب ستستمر لفترة طويلة وسيتخللها هدن كثيرة".