تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان محمود شكوكو الذي يعد من أشهر فنانى مصر سواءً في التمثيل أو الغناء الشعبى وفن المنولوج حتى لقب بـ شارلى شابلن العرب.
حياة حافلة بالعطاء والأحداث الفنية والشخصية مر بها محمود شكوكو المولود مايو 1912 والذي بدأ بتنمية موهبة الغناء لديه فى الأفراح والموالد خفية دون علم والده الذى كان يرفض أن يعمل ابنه محمود بالغناء رغم التزام الأبن بالعمل بشكل جاد فى ورشة النجارة وتصنيع الموبيليات طوال اليوم، ولكي يرضى والده عنه فقد أعطى شكوكو لوالده كل ايراده من عمله اليومى بالورشة لمساعدته في تربية إخوته، لكن الوالد كان نبيلاً واحتفظ بكل ما أخذه من شكوكو وبنى له عمارة خاصة به وكان أول فنان يمتلك عمارة تحمل إسمه.
ظل محمود شكوكو في مرحلة شبابه أسيراً لهوايته وهي الغناء الشعبى وقد شجعه استحسان الناس لصوته حتى التحق بفرقة على الكسار ليغنى المنولوجات بين فواصل المسرحيات، ويبتسم له الحظ عند افتتاح الإذاعة المصرية ويعجب المذيع محمد فتحي بصوته ويشركه فى حفل إذاعى على الهواء مباشرة ويبهر شكوكو الحضور في حفل نادى الضباط بالزمالك ولا ينقطع تصفيقهم ويطلبونه للغناء مرة أخرى. وبالفعل يعود شكوكو للغناء ويسعد الحضور بجمال صوته ومنولوجاته مرة أخرى ويتم اختياره أيضاً للعمل بالبرنامج الإذاعى المسحراتى عام 1942.
ويأخد محمود شكوكو فرصته للعمل في السينما وذلك عام 1942 ليبدأ بالمشاركة في فيلم بحبح في بغداد، ثم يتأكد عمله بالسينما بعدها بعامين حيث يشارك بدور أكبر في فيلمين هما شارع محمد ونور الدين والبحارة الثلاثة مع على الكسار، وكان لقاؤه الأول مع إسماعيل يس في نفس الفيلم، ويأتى عام 1945 حاملاً أكبر الفرص للنجم الصاعد صاحب الصوت المميز شكوكو ليشارك في سبعة أفلام دفعة واحدة وهى "قتلت ولدي وجمال ودلال وأحب البلدى والبنى آدم والصبر طيب وتاكسى حنطور وحسن وحسن" .
ويبدأ شكوكو في تكوين فرقة غنائية بالمشاركة مع الفنان عبد العزيز محمود وتحية كاريوكا وسميحة توفيق وقدموا عروضها على مسرح حديقة الأزبكية،ويستمر شكوكو في عالم السينما ليصل إجمالى الأفلام التي شارك فيها إلى 99 فيلماً وقد كون خلالها ثنائى شهير فى فن المنولوج هو والفنان إسماعيل ياسين حتى أتته البطولة الكاملة لأشهر أفلامه وهو فيلم عنتر ولبلب وهو فيلم قد يراه العامة أنه فيلماً كوميدياً ولكنه في الأساس فيلم سياسى مناهض للاحتلال وقد تم عرضه في 17 ابريل عام 1952 أى أثناء الإحتلال الإنجليزي لمصر.
وتقوم فكرة الفيلم على شخص قوى يسيطر على منطقة شعبية بأهلها ويريد أن يفرض إتاوته على المنطقة، ويتزوج أفضل بناتها وهى إسقاط واضح لدور المستعمر الإنجليزى الذي يحتل البلد بالقوة ويسرق مقدراتها وبفرض سيطرته عليها ، وتأتى في الفيلم الرسالة الواضحة بمقاومة الاحتلال بالعقل والحيلة من خلال دور محمود شكوكو الذي يمثل دور مصر في مقاومة المستعمر القوى سراج منير ، ويثبت شكوكو في نهاية الفيلم تفوق الحيلة والذكاء ضد القوة والبطش وينتبه الإنجليز لمغزى الفيلم الذي يدعو الشعب لاستخدام الحيلة والذكاء في مقاومتهم وطردهم فيقومون بمنع عرض الفيلم ، ومع قيام ثورة يوليو يعود الفيلم مرة أخرى لدور السينما .
وجد محمود شكوكو التفاف ومؤازرة نجوم الفن للثورة وتقديمهم لأنواع شتى من المساعدة والدعم وفكر أن ينتهج طريقة يتفرد هو وحده بها ، فعند بدء قيام الفنانين بجهود جمع التبرعات في قطار الرحمة عام 1953 بدأ شكوكو فكرة موازية تقوم على مجهوده الفردي وهى أن يقوم وحده بجمع التبرعات من المحلات والمنازل في الأحياء والميادين، وبالفعل أمسك بصندوق وأخذ يطوف على قدميه يجمع التبرعات لصالح المجهود الحربى والناس تسعد بالنجم الفنان الشهير ويتزاحمون عليه لرؤيته وللتبرع لصندوقه الذي أسماه "لست وحدك" وكان يقصد بهذه الجملة أن يقول لباقى نجوم الفن أنك لست وحدك وطنياً.
ويجد شكوكو ازدياد جهود الفنانين في إقامة الحفلات الداعمة للمجهود الحربى، فتطرأ له فكرة ينفذها أيضاً وحده وهى أن يقوم باستئجار سيارة نقل كبيرة وجعل منها مسرحاً مكشوفاً طاف به المدن والقرى والنجوع في كل المحافظات يقدم من خلاله العروض والمنولوجات الشعبية والفكاهية على أن يخصص إيرادتها كله لصالح المجهود الحربى.
قدم محمود شكوكو طوال رحلته الفنية الأغانى الشعبية والمنولوجات الهادفة التي تسعى لنقد سلبيات المجتمع وإظهارها علاوة على أدواره السينمائية التي اشتهر فيها بدور إبن البلد الطيب الشهم، حتى أصبح من أشهر نجوم الفن في مصر ومن شدة حب الناس لفن شكوكو صنعوا له تماثيل صغيرة على هيئته بالطرطور والجلباب البلدى الذي اشتهر بهما وبيعت تلك التماثيل ليسعد بها الشباب والأطفال، واستغلت تلك التماثيل لجمع الزجاجات الفارغة لعمل قنابل مولوتوف لمقاومة المستعمر بها وكان جامعى الزجاجات يحملون المزيد من تماثيل شكوكو وينادون في الناس (شكوكو بإزازة) .
على المستوى الإجتماعى كان شكوكو من الأثرياء بما أعطاه والده من عمارة خاصة وما جمعه من أموال وكان أول فنان يمتلك أفخم سيارة تقتنيها الطبقات الارستقراطية، وعند دخول تلك السيارة من الخارج لشكوكو أوقفتها إدارة الجمارك لأنها كانت مقصورة على فئة معينة، لكن شكوكو استعان بالملك فاروق ليسمح بدخول سيارته مصر، وبالفعل سمح له بدخول سيارته المميزة، وازدات سعادة شكوكو بشئ لم يكن يتوقعه وهو حب وإعجاب السيدة عائشة فهمى له فبادلها تلك العاطفة وتم الزواج بها، لكن أثار ذلك الحدث غيظ الفنان يوسف وهبى، فقد كانت السيدة عائشة فهمي طليقة يوسف وهبي الذي استكثر على شكوكو أن يتزوج سيدة من الطبقة الارستقراطية صاحبة قصر فشن عليه حملة مضادة جعلته ينفصل عن زوجته عائشة فهمى بعد مكائد يوسف وهبى.
،تزوج بعدها شكوكو من سيدة طيبة ورزقه الله منها الأولاد وعاش سعيداً محبًا لمصر ومخلصاً لفنه الذي سخره لخدمة بلده وإسعاد جموع الشعب وكرمه الرئيس السادات في عيد العلم مع المكرمين من نجوم الفن وحرص أن يحضر التكريم بالزى البلدى الذي اشتهر به في حياته الفنية .