تقرير: شيرين صبحي
عندما تحب يتغير الكون من حولك، ترى الحياة بعيون مختلفة، حيث يعيد بعثك من جديد، فيطلق روحك وتتدفق طاقات لا نهائية بداخلك، يتبدد كل الظلام الذى كان يحيطك، ويفيض الكون دفئًا، رغم أن الأشياء فى حقيقتها لم تتبدل..!
يأتى الحب على هيئة امرأة جميلة، أو رفيقين اتحدا، مرسوما فوق شفاه جميلة أو ساكنا فى نظرة عين حزينة، يأتى على هيئة ملائكة تحلق فى السماء، وقديسين يمشون على الأرض.. هذا ما نراه فى لوحات عشرة فنانين، قرروا الاجتماع على شرف «الحب»، فى المعرض الذى يحتضنه جاليرى “ضي”، احتفالًا بشهر المحبة، يصورون رؤيتهم لهذا الأمر الساحر الذى يزداد مريدوه رغم كل الادعاءات باختفائه فى زمن المادة.
إذا وجد الحب لابد أن تحضر المرأة، تجسدها اللوحات فى كل حالاتها، فى لحظات وحدتها أو بين يدى حبيبها، وهى تدخن سيجارتها أو تستلقى على أريكتها وحيدة لا يؤنسها سوى قطة، بتضاريسها الفاتنة حينًا وبانكساراتها أحيان أخرى، فى ملابسها أو عريها، بكامل هندامها أو بشعرها غير المشذب، بابتهاجها وألقها أو حزنها وإخفاقاتها.
“الحب هو علاقة بها مساحة للحرية والتقبل، وأهم تلك العلاقات هى علاقتك بذاتك. أول قصة حب تعيشها هى قصة حبك لنفسك، لاختياراتك. أن لم تقع فى غرام ذاتك لن تجد من يغرم بك. إن لم تكن على قناعة باختياراتك ستكون نسخة مشوهة من ذاتك لن ترضيك ولن ترضى من حولك. حب ذاتك واغرم بها لتجد الحب فى كل ما حولك».. هذه هى رؤية الفنانة أسماء النواوى التى تقابلك لوحاتها فى بداية المعرض.
المرأة فى لوحاتها تأتى وحيدة، تسرح عيونها مع الأفكار التى تشغلها أو تخنقها، امرأة لا تبدو سعيدة، ولا نثق تمامًا أن كانت حزينة، تخرج الأفكار على هيئة بشر قابعين فوق رأسها. هى امرأة واحدة بأفكار كثيرة متناقضة. أسماء ترسم امرأة تشبه ملامحها، وكأنها ترسم نفسها، لأنها وقعت فى غرام ذاتها التى تحاول إعادة اكتشافها. تذكرنا بالفنانة المكسيكية الشهيرة فريدا كايلو التى كانت ترسم نفسها بعد تعرضها لحادثة طرحتها قعيدة الفراش لمدة طويلة، فكانت ترسم وجهها الذى لا ترى غيره فى مرآة تواجهها.
“الحب حياة للقلب والروح، والمحب يقبل من يحب كما هو وبدون محاولات التغيير”.. يستخدم الفنان محمد عبدالهادى ألوانًا زاهية تخطف الأبصار، وفى لوحات أخرى لا يرسم سوى بالأبيض والأسود، لكن فى لوحاته دائمًا يحضر الذكر بالأنثى لا يفترقان، ويستخدم الكتابة للتعبير عن لسان حال أبطاله.
“بدون الحب تنتهى الحياة وتستحيل»، لذلك تحتفى هند الفلافلى بالحب بين الرجل والمرأة، من خلال اللمسات الرقيقة والهمسات العذبة. بينما تمثل “المحبوبة” وحدها التيمة الأساسية فى أعمال غادة عبدالملك، بورتريهات لامرأة جميلة بعيون واسعة وشفاه مكتنزة، تحيطها هالة من الكبرياء، منحوتة بدقة كوجوه الفراعنة.
الجنون والكبرياء هو ما يميز الفنانة إيناس الصديق، المفتونة بالتمرد ولو على ذاتها، وهى المعروفة بمهاجمتها للمجتمع الذكورى ورفضها لتهميش المرأة التى تظهر فى لوحاتها كثيرًا بصحبة تفاحة، بوصفها رمز الغواية.
يؤمن الفنان وليد عبيد أن المرأة هى جوهر الحياة وسبب الوجود، ويؤمن أن الحب يأخذ بالقلوب إلى الفداء التضحية والصفح، ليصبح الحب “معراجا للقلوب”. فى لوحاته نطل على مشاهد إنسانية مفتوحة على تفاصيل العلاقات بين الناس.
“لقد جرحتنى سعادتي. فليكن كل الذين يعانون أطباء لي. الآن صار بمقدورى أن أعود إلى جوار أصدقائى وأعدائى وصار بإمكان زرادشت أن يتكلم ويجزل العطايا ويحسن إلى أحبائه. حبى المتلهف تتدفق سيوله إنه يريد أن ينحدر وينتشر ويتلاشى. روحى تنحدر هادرة من جبال يجللها الصمت ومن عواصف المعاناة إلى الوديان. لقد كنت لمدة طويلة أرغب وأنظر إلى الأفق البعيد.. ومن فرط عيشتى فى الصمت نسيت الصمت.. فريدريك نيتشه».. هذا ما كتبه أشرف رسلان ليطلعنا على رؤيته للحب، فى أعماله يتجلى الصمت، وتبدو العيون حزينة حتى لو كانت صاحبتها امرأة جميلة أو مهرج عليه أن ينشر البهجة بين الناس!.
فى أعمال الفنان حسام صقر، يأخذ الحب شكلًا مختلفًا، تحضر صور للصليب والقديسين تعلو رءوسهم هالة بيضاء، بينما تعلو الهالات السمراء والحمراء لبشر تتنازعهم الشرور، يدعونا لعدم فقد أنفسنا والبحث عنها فى حب الآخرين، لتحريرها من الخطايا التى يدعونا إليها «الشرير» أو الشيطان.