تقرير: سميحة درويش
«حظر سير الدراجات النارية فى وسط وشمال سيناء»، قرار جديد وهام جاء فى وقته من رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، لمواجهة العمليات الإرهابية والإرهابيين، لينضم لقرار سابق بمنع سيارات الدفع الرباعى. ورغم أن القرار الجديد تسبب فى موجة من الارتباك فى شمال سيناء لدى الأهالى ممن يستخدمون الدراجات (الموتوسيكلات) كوسيلة انتقال فى أعمالهم وقضاء حوائجهم. إلا أن مشايخ وصفوا القرار بـ»الحكيم»، مؤكدين أن القرار جاء فى توقيت هام، وكُنا نتمنى تطبيقه فى وقت سابق، لأن الأمر بات مرعبًا ويُهدد أمننا. لافتين إلى أن القرار سيكون حلقة من سلسلة لتضييق الخناق على العناصر الإرهابية. يأتى هذا فى وقت طالب نواب فى البرلمان بتوعية المواطنين بخطورة الدراجات النارية فى العمليات الإرهابية حتى يستوعب الجميع قيمة القرار.
وسبق أن أصدر رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب فى يوليو عام ٢٠١٥ قرارا بمنع دخول وخروج سيارات الدفع الرباعى فى سيناء شمالًا وجنوبًا.. وهو القرار الذى كان له أثر بالغ فى تقليص العمليات الإرهابية، والتى كان يستعان فيها بسيارات الدفع الرباعى لقوة تحركها فى الجبال والأودية وسرعة انطلاقها وهروبها إلى المناطق النائية.
من جانبه، قال الشيخ حسان السويركى، شيخ قبيلة السواركة، إن القرار حكيم وجاء فى توقيت كنا نرجو أن يتم تطبيقه فى وقت سابق، حيث إن الأمر بات مرعبا ويهدد أماننا وأمان أبنائنا بعد موجات الخطف والقتل، التى استشرت بصورة مخيفة من قبل التكفيريين الذين لم يتوقفوا عند تدبير العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة فقط، وإنما اندس بينهم العناصر الإجرامية والخارجون على القانون بارتكاب عمليات خطف وقتل للأهالى حتى بات الأمر مثيرا للقلق.
بينما أشاد الشيخ ناصر البيانى شيخ قبيلة الأخارسة، بالقرار معللًا تطبيقه الآن بأنه سيحد من تحرك الإرهابيين الذين كانوا ينعمون بحرية التحرك بيننا فى خلسة، وارتكاب عملياتهم الغادرة التى أودت بأرواح عزيزة علينا من أبنائنا وجنودنا من الجيش والشرطة.
وعلق الشيخ سليمان الحويطى شيخ مشايخ قبيلة الترابين، قائلًا: نحن مع كل قرار يصب فى صالح استتباب الأمن فى شمال سيناء، فلقد فقدنا من أبنائنا العشرات ممن تعاونوا مع قواتنا المسلحة وطالتهم يد الإرهاب فحرمتنا منهم، مضيفا: القرار سيكون حلقة من سلسلة لتضييق الخناق على العناصر الإرهابية، فلابد من القضاء عليهم بكل السبل، ومنع كل وسيلة تمكنهم من التحرك بيننا.
بينما قال الشيخ عواد أبو سمعان شيخ قبيلة الفواخرية، إن القرار كان مفاجئًا، وكان لابد أن يتم إمهالنا بعض الوقت لنتمكن من ترتيب أوضاعنا، وتوفير وسيلة انتقال لأبنائنا فى الذهاب والعودة من وإلى أعمالهم ومصالحهم، مضيفا: لكنه قرار يصب فى صالح الجميع وسوف نتحمل أكثر من هذا من أجل يوم الخلاص من كابوس الإرهاب الذى حاق بنا، وأصبحت كل أسرة فى كل قبيلة بسيناء تنعى فردًا فيها قدم روحه فداءً لنا.
وعلى الجانب الآخر، قال أحد مشايخ قبيلة «الرياشات» إن الخطر يكمن فيما يأتى من غزة وتحديدًا من جانب تنظيم حماس الذى تسلل إلينا من قبلهم عناصر وعملاء وتجار فى تهريب السيارات والدراجات النارية، حتى أغرقوا بها شمال سيناء فى فترة حكم جماعة الإخوان بغرض تنفيذ عمليات التفجير عن بعد بواسطة التليفونات النقالة أو زرع العبوات الناسفة على الطرق التى تمر منها مدرعات الجيش. وأردف قائلا: إن وسط سيناء مسرح مُتنقل للإرهابيين مستخدمى الدراجات النارية فى تنفيذ عملياتهم فى أى مركز أو مدينة والهرب إليها بيسر وسهولة، لكن الجيش الثالث بعد تمركزه هناك والسيطرة على الوسط أصبح الأمر غاية فى الدقة، بعد قرار منع الدراجات.. لا سيما بعد ذبح ٥ من العساكر أثناء سفرهم لإجازاتهم، وقد تمكن منهم الإرهابيون ولحقوا بهم على الدراجات البخارية بعد مراقبة تحركاتهم أو الوشاية بهم.
ويخشى شيخ الرياشات من اتخاذ التكفيريين وسيلة انتقال أخرى تمكنهم من تنفيذ عملياتهم الإرهابية فى المناطق والنقاط التى تحتاج تمركزا من الجيش، وزرع كمائن متحركة أو ثابتة حتى يشاع الرعب والقلق لدى التكفيرى الذى يتصف بالجبن، مضيفا: أن قرار منع الدراجات النارية يعد قاصما للمهربين على الحدود فى قرية «البرف» على بعد ٣٥ كم من رفح، وكذلك القرار منع الماء والهواء عن تحركات التكفيريين ما بين الشيخ زويد والجورة، التى نعمت بتمركز كمائن الجيش فيها مما أشاع الطمأنينة فى قلوب الأهالى بعد أن كانت مرتعا للتكفيريين وساحة للدراجات البخارية.
فى ذات السياق، شدد الشيخ حسن البيايضى شيخ قبيلة البياضية، على استخدام العنف وإطلاق الرصاص على من يُرى أو يشاهد مستقلًا دراجة بخارية بعد صدور قرار المنع تحسبًا لوقوع أى حادث أو زرع عبوة ناسفة يكون فى طريقه لتنفيذها، مطالبًا الجهات الأمنية بتنفيذ إطلاق الرصاص فورا، ودون تفكير حتى يتم القضاء على العناصر المتبقية من التكفيريين، ولتكون رسالة دم لهم بالقضاء عليهم فى لحظة. ويؤكد «البيايضى» أن انحسار العمليات الإرهابية بات وشيكا فى شمال سيناء بعد الجهود المستمرة لقوات الجيش.
وقال محسن أغا، مدرس ثانوى من قبيلة أولاد سعيد بمدينة العريش، إن القرار حاسم وقوى ونعول عليه كثيرا، إلا أنه قد يلزمنا ببعض الارتباك والقلق. ويُعلق محمد الخليلى، موظف، قائلا: سوف أبيع الدراجة النارية بالقطعة، حتى أقى نفسى من أى إجراءات أخرى فى ظل الأوضاع الملتهبة فى العريش.
ويخشى محمود البحيرى، تاجر أقمشة، من تطور الأمر فى هجوم الإرهابيين على منازل الأهالى ملاك الدراجات والمحتفظين بها، لحين فك حصار قرار المنع لسرقتها، وذلك لبث الرعب فى نفوسنا، لأن مناخ القلق والاضطرابات ملائم تمامًا لتنفيذ عملياتهم بأى وسيلة أيا كانت، حتى وإن لجأوا لبعث الريبة واتهام صاحب الدراجة المسروقة عنوة.
فى غضون ذلك، علق بعض نواب البرلمان على قرار منع الدراجات النارية، وقال النائب حسام الرفاعى، عضو مجلس النواب عن شمال سيناء، إن قرار منع سيارات الدفع الرباعى منذ عامين لم تمنع من وقوع العمليات الإرهابية بسيارات عادية، معتبرا القرار توسعا فى الإجراءات الاستثنائية ضد المواطنين. فى حين علق النائب رحمى عبد ربه، عضو مجلس النواب عن العريش، قائلا: من الواجب توعية المواطنين بخطورة استخدام الدراجات النارية فى العمليات الإرهابية، حتى يستوعب الجميع قيمة القرار، وتتم الاستجابة له بأريحية دون تذمر، منبهًا إلى ضرورة تطبيق القرار بشىء من الليونة دون اتخاذ إجراءات صادمة.
من جهته، علق أحد الخبراء الأمنيين على القرار، مطالبا بضرورة انصياع الأهالى لقرار منع الدراجات لصالحهم أولا، ولسرعة التخلص من بقايا العناصر الإرهابية التى ستلفظ أنفاسها الأخيرة قريبًا، مشيرًا إلى أن قرار منع سيارات الدفع على سيناء شمالا وجنوبا لقى ترحيبا وقبولًا وعمل على تقليص العمليات الإرهابية التى كانت تقع دومًا دون اللحاق بمرتكبيها لقوة السيارات التى يستخدمونها وسرعتها وتمكنها من السير فى الرمال والأودية المتعرجة والاختباء بين الجبال، وهو ما مكنهم من تنفيذ بعض خططهم وكانت طائرات الجيش لهم بالمرصاد على البقية الباقية.
مضيفا: أما الدراجات النارية فتحركها أكثر مرونة وسهولة فى الاختباء، ولذا يعتبر قرار منعها ملزمًا، حتى وإن عانى المواطن منه فى أول الأمر، لكنه سيأتى عليه بنتائج إيجابية.
وحول عدد الدراجات النارية، قال الخبير الأمنى إن عددها مُرتبط بعدد السكان الذين يستخدمونها كوسيلة انتقال بديلا عن السيارة، وأن نسبة ٦٠٪ من سكان سيناء يستقلون الدراجة عوضا عن السيارة لرخص ثمنها وسهولة تحركها فى الشوارع الضيقة وعدم تكلفتها فى التموين، مشيرا إلى أن الإجراءات الأمنية صارمة جدًا وكانت لا تسمح بركوب فردين على دراجة، إلا ويتم سحبها فورا، بالإضافة لسحب كل الدراجات غير المُرخصة، أو غير الحاملة للوحات.. فضلا عن أن الحملات الأمنية منتشرة بالمحافظة طوال اليوم، والرقابة مُشددة على كل عنصر يتم الاشتباه فيه.