الأربعاء 15 مايو 2024

خطة برلمانية لتقويض الأزهر مشروع قانون لتعديل «كبار العلماء».. وأزهريون: مؤامرة

22-2-2017 | 13:16

تقرير يكتبه: طه فرغلى

تصاعدت وتيرة الهجوم على الأزهر الشريف وشيخه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وهيئة كبار العلماء، ودخل مجلس النواب على خط الأزمة، خاصة بعد أن أكد النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن، أنه يعد مشروعًا لتعديل قانون الأزهر.

 

مشروع أبو حامد، الذى يعكف على إعداده يقحم رئيس الجمهورية فى الأزمة، حيث يرى ضرورة أن يكون تعيين أعضاء كبار العلماء من حق الرئيس وينتزع من شيخ الأزهر، صاحب الاختصاص الأصيل.

أبوحامد قال فى تصريحات: إن فلسفة التعديل الجديد تتمثل فى ضرورة أن تدخل المؤسسات الدينية المختلفة لترشيح أعضاء هيئة كبار العلماء، وإن كان هناك تعيين لأعضائها يكون من خلال رئيس الجمهورية وليس شيخ الأزهر.

وأوضح أنه يعكف حاليًا على دراسة كل ما يتعلق بقانون الأزهر والمراسيم المختلفة، التى صدرت فى هذا الصدد حتى يلم بكل تفاصيل الموضوع كاملة قبل التقدم به إلى البرلمان.

وأكد أن هدفه توسيع دائرة أعضاء هيئة كبار العلماء لتشمل عددا أكبر من الأعضاء، وتضم إليها علماء ومتخصصين فى أمور أخرى، وليس الدين فقط، حتى يتم رسم صورة كاملة عن الأمور الحياتية لعلماء الدين قبل إصدار أى فتوى.

ودخل على خط الأزمة أيضًا النائب عمرو حمروش، أمين سر لجنة الشؤون الدينية فى مجلس النواب، الذى أكد فى أعقاب أزمة بيان هيئة كبار العلماء بشأن الطلاق الشفوى أن الوضع الحالى يتطلب إعادة ترتيب البيت داخليا بالأزهر وفق مقتضيات المرحلة الحالية، موضحًا أن الدولة بحاجة لتغييرات بتشكيل هيئة كبار العلماء إذا لم يصطدم ذلك مع الدستور.

وفى الوقت الذى التزم قيادات الأزهر الصمت تجاه وتيرة الهجوم المتصاعد، ولم يعلقوا على ما تردد بشأن مشروع تعديل قانون الأزهر شن علماء بالأزهر الشريف هجومًا حادًا ورفضوا أى تقويض لسلطة الأزهر أو الهجوم على المشيخة والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.

وقال الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر: «الأزهر الشريف هو محور الحياة فى العالم الإسلامى، وهو موضع اهتمام العالم مشرقه ومغربه وقديما قيل إذا أردت أن تسيطر على مصر فعليك بالسيطرة على الأزهر، والجيش.

ومن يوم أسر لويس السابع عشر فى المنصورة حتى مجىء نابليون إلى مصر فيما يعرف بالحملة الفرنسية، والغرب يدرك أهمية الأزهر ليس فى مصر وحدها، ولكن فى العالم الإسلامى.

والكارثة الكبرى أن بعض أبناء مصر يوجهون سهامهم المسمومة إلى الأزهر الشريف وإلى جيش مصر، ولو تتبعنا الأزهر وشيوخه على مر التاريخ لوجدنا أنهم كانوا دائمًا فى مقدمة الجيوش.

والهجوم على الأزهر فى العصر الحديث بدأ من حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى أصدر قانون تنظيم الأزهر فى عام ١٩٦١، والتاريخ يذكر هجوما كاسحا على الأزهر فى هذه الفترة حتى أن بعض كبار المسؤولين كانوا يرددون فى سخرية: «إذا أردت فتوى دينية فعليك بالفتة والتقلية»، وظهر فى هذه الفترة مصطلح علماء السلطة لهدم الأزهر الشريف.

ومن يهاجمون الأزهر الآن لديهم أجندات، وهم ببغاوات يرددون ما لا يعلمون صدقه أو كذبه، فأصبح الأزهر نهبا مباحا لكل من يهرف بما لا يعرف، وأتمنى من الشؤون القانونية فى الأزهر الشريف أن يتولوا بدورهم الدفاع القانونى عن الأزهر ورجاله.

وأسأل عضو مجلس النواب، الذى يريد تغيير قانون الأزهر وهيئة كبار العلماء، هل شيخ الأزهر قديمًا أو الآن رشح أحدًا لهيئة كبار العلماء لا يستحق هذا اللقب، أم أنها رغبة مكبوتة وحقد على الأزهر الشريف، وتريد أن تسلب شيخه بعض مسؤولياته تحت ستار التجديد، وما هو بتجديد، ولكنه فى حقيقته تخريب، هذا أمر هزلى وأدعوك قبل أن تتحدث فى هذا أن تأتى إلى لأسألك فى الوضوء وفروض الصلاة وهيئتها قبل أن تتحدث فى أمور الأزهر».
من جانبه قال الدكتور ربيع الغفير، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: «لغة تزييف الحقائق وتصيد المواقف وسياسة التربص هى التى تسيطر على المشهد، والهجوم على الأزهر، إمامه وعلمائه، لا يمكن أن يكون ظاهرة طبيعية، ومواقف شيخ الأزهر الوطنية لا تحتاج حديثا ويعرفها القاصى والدانى ولا ينسى التاريخ موقفه المشرف فى دعم الإرادة الشعبية فى ثورة ٣٠ يونيه.

كما أن هيئة كبار العلماء الموقرة تضم صفوة من علماء الأزهر فى التخصصات المختلفة، وجميعهم معروف بالنزاهة والتجرد وكل واحد منهم وعاء مملوء بالعلم من مشاشه إلى أخمص قدمه، وهى المرجعية العليا، التى يرجع إليها فى جميع الشؤون الدينية فى مصر خاصة والعالم كافة، فليس من المقبول مهاجمة هذه القامات العلمية التى يحمل كل واحد منها على ظهره تاريخا طويلا من البذل والعطاء، لا يعقل أن يكونوا هدفا للهجوم والنيل منهم.

أما تصيد المواقف وتلمس العثرات وتحريف الكلم عن موضعه، كما حدث فى أعقاب بيان هيئة كبار العلماء بشأن قضية الطلاق الشفهى، لا شك أن من فعل ذلك يحتاج إلى مراجعة نفسه، ولنتذكر كلمة الحافظ ابن عساكر، رحمه الله، أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله فى هتك أستار منقصيهم معلومة، ومن تعرض لهم بالسلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب، فكفوا ألسنتكم عن العلم والعلماء وعن الأزهر وشيخه وعلمائه، وتفرغوا لقضايا الأمة ونشر الوعى.

ورئيس الجمهورية رجل أطلق نداء عند تقلده منصبه، وقال إنه يحترم المؤسسات، وأنه يؤمن بالتخصص، ولم يكن هذا مجرد شعار إنما طبق ذلك عمليًا فى مواقف مختلفة، وآخرها حينما وجه النداء للإمام الأكبر بدراسة مستجدات العصر فى مسائل الطلاق، فالرئيس يطبق تمامًا مبدأ الفصل بين مؤسسات الدولة، ولا أظنه يقبل بمثل هذه الدعوات، التى تقحمه فى التدخل فى شؤون الأزهر، ولا أظن من حوله ممن لديهم الرشد السياسى يقبلون مثل هذه الأمور لأنه شأن خاص بالأزهر ورجاله، وهى قضية تحتاج إلى ذوى التخصص فى علوم الشريعة المختلفة، وهذا المقترح أو مشروع القانون سيكون مصيره الرفض».

وفى نفس السياق قال الدكتور عبدالمنعم أبوشعيشع، وكيل كلية أصول الدين: «الهجوم على الأزهر تحركه أياد خارجية تحمل حقدا على الأزهر، وهؤلاء لهم عملاء فى الداخل من كل الأطياف والأصناف، وهم فى الأصل مأجورون ومستفيدون ماديا.

والأزهر المؤسسة الأولى فى العالم خدم الإسلام والمسلمين وعلم الدنيا كلها الإسلام، والبعض يرى أن القضاء على الإسلام يبدأ من من القضاء على الأزهر.

وهيئة كبار العلماء لها كل احترامها وهى محل إجلال، وإذا كان هناك حديث عن مشروع قانون أو تعديل فلابد أن نوافق عليه أولا».

يذكر أن هيئة كبار علماء الأزهر هى أعلى مرجعية دينية تابعة للأزهر الشريف بمصر. أنشئت عام ١٩١١ فى عهد الشيخ سليم البشرى شيخ الأزهر، ثم تم حلها عام ١٩٦١ فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وأعيد إحياؤها عام ٢٠١٢ فى عهد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الحالى.

وهيئة كبار العلماء ورد ذكرها فى المادة السابعة من الدستور، حيث نصت على أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم.. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه.. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء».