مع اقتراب أعياد الميلاد من كل عام، تتجه أنظار العالم إلي مدينة بيت لحم، مهد المسيح عليه السلام، إذ تأخذ احتفالات الميلاد طابعًا ومظهرًا آخر دون العالم، حيث يتدفق آلاف الزائرين من شتى بقاع العالم، أما اليوم فلا أضواء ولا زينة.
لا احتفالات
في ظل تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الممتد إلى الضفة، أعلنت مدينة بيت لحم تعطيل احتفالاتها بأعياد الميلاد هذا العام، واقتصار الأمر على الشعائر الدينية، وقد اعتادت المدينة على أن تستقبل مئات الآلف سنوياً خلال فترة أعياد الميلاد.
وتحتفل الطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الغربي في أنحاء العالم بأعياد الميلاد اليوم الأحد 24 ديسمبر الجاري، في حين تحتفل الطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي في السابع من يناير المقبل.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية، بأن ساحة المهد التي سيتم على بلاطها استقبال البطريرك بير باتستا بيتسابالا، من كافة مظاهر الاحتفالات، لمناسبة عيد الميلاد، فغابت شجرة الميلاد وحلت مكانها مغارة "الميلاد تحت الأنقاض"، واختفت الزينة في الشوارع والاحياء.
وقالت بلدية بيت لحم، إن الميلاد يأتي هذا العام في وقت يعاني فيه شعبنا الفلسطيني من ظلم وقهر الاحتلال، ورسالة مدينة بيت لحم هي رسالة حزن وغضب ورفض كامل للعدوان على قطاع غزة والشعب الفلسطيني بشكل عام.
من جانبه، قال راعي طائفة اللاتين الأب رامي عساكرية: "نحن نعيش ظروفا صعبة، وعليه قرر مجلس الأساقفة تفادي الاحتفالات الظاهرية للميلاد، والتركيز على الصلاة من أجل أن يحل السلام وإيقاف الحرب في هذه الأيام المقدسة".
وأضاف عساكرية، أن بيت لحم ليست كما كانت عليه في الأعوام الماضية في مثل هذه الأيام المباركة فهي حزينة، أهلها فقدوا أشغالهم وهناك مخاوف، لهذا نحن بحاجة للصلاة.
الميلاد تحت الأنقاض
في الوقت نفسة، دشنت بلدية بيت لحم، أمس السبت، مغارة الميلاد "الميلاد تحت الأنقاض" في ساحة المهد بمدينة بيت لحم، لإيصال الصوت الفلسطيني من مدينة المهد إلى العالم في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة.
وقالت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية:" يطل علينا عيد الميلاد المجيد هذا العام ونحن نعيش بأصعب وأحلك الظروف والأوقات نتيجة ما يعانيه أهلنا في قطاع غزة المحاصر، وفي كافة مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية والقدس، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا".
وأضافت أن آلة البطش والقتل والاجرام تنفذ أمام أعين العالم، كإحدى أفظع المجازر والجرائم بحق شعب أعزل يحاول الدفاع عن وجوده وبقائه وصموده على أرضه.
وتابعت:" العالم يحتفل بعيد الميلاد المجيد، ومدينة الميلاد حزينة كئيبة متألمة، فأطفالها وشبابها ونساؤها ورجالها يعتريهم الخوف والحزن والألم مما يجري، ومدينة المهد كباقي المدن الفلسطينية محاصرة بالكامل مغلقة حزينة لا يستطيع أحد الوصول إليها ولا الخروج منها، أهلها وشعبها بلا عمل وبلا أمل نتيجة تعطل وتوقف حركة السياحة الوافدة إليها والتي تشكل عصب الاقتصاد فيها".
وأردفت الوزارة الفلسطينية، أن مدينة المهد التي كانت تستقبل سنوياً ملايين السياح والحجاج من كافة بقاع العالم، يقيمون في فنادقها ويتجولون في أزقتها وطرقاتها ويتسوقون من أسواقها ومتاجرها، واليوم تعيش حالة من الركود الشامل.
وفي مشهدًا مماثل، أعدت كنيسة الميلاد الإنجيلية اللوثرية، في بيت لحم، زينة مختلفة لعيد الميلاد هذا العام، وذلك باستخدام الأنقاض بدلاً من شجرة عيد الميلاد، التي ترمز إلى الدمار في غزة.
وفي وسط هذه الأنقاض، وضع طفل ملفوفاً بالكوفية الفلسطينية، حيث ترمز الكوفية إلى الهوية الفلسطينية والنضال ضد الاحتلال، بينما تمثل الأنقاض الدمار في غزة.
ومنذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، طالت اليد الإحتلال الغاشمة الضفة أيضاً، إذ قتل مايقارب 300 شهيد على أيدي القوات الإسرائيلية أو مستوطنين.